الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 551 ] الجزء الثالث

[ ص: 552 ] بسم الله الرحمن الرحيم

19 - باب تفريع معرفة الإيمان والإسلام وشرائع الدين

قال محمد بن الحسين :

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، والحمد لله على كل حال .

أما بعد : فاعلموا رحمنا [ الله ] وإياكم أن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة ليقروا بتوحيده فيقولوا : " لا إله إلا الله ، محمد رسول [ ص: 553 ] الله " فكان من قال هذا موقنا من قلبه ، وناطقا بلسانه أجزأه ، ومن مات على هذا فإلى الجنة . فلما آمنوا بذلك ، وأخلصوا توحيدهم ؛ فرض عليهم الصلاة بمكة ، فصدقوا بذلك وآمنوا وصلوا ، ثم فرض عليهم الهجرة ؛ فهاجروا وفارقوا الأهل والوطن ، ثم فرض عليهم بالمدينة الصيام ؛ فآمنوا وصدقوا وصاموا شهر رمضان ، ثم فرض عليهم الزكاة ؛ فآمنوا وصدقوا وأدوا ذلك كما أمروا ، ثم فرض عليهم الجهاد ؛ فجاهدوا القريب والبعيد وصبروا وصدقوا ، ثم فرض عليهم الحج فحجوا وآمنوا به .

فلما آمنوا بهذه الفرائض وعملوا بها تصديقا بقلوبهم وقولا بألسنتهم وعملا بجوارحهم قال الله تعالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) ثم أعلمهم أنه لا يقبل في الآخرة إلا دين الإسلام فقال تعالى : ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) وقال تعالى : ( إن الدين عند الله الإسلام ) .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله ، [ ص: 554 ] وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة وصوم شهر رمضان ، وحج البيت الحرام من استطاع إليه سبيلا " .

ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم لأمته شرائع الإسلام حالا بعد حال ، وسنذكر ذلك إن شاء الله . وهذا - رحمكم الله - طريق المسلمين .

فإن احتج محتج بالأحاديث التي رويت : ( من قال : لا إله إلا الله دخل الجنة ) .

[ ص: 555 ] قيل له : هذه كانت قبل نزول الفرائض على ما تقدم ذكرنا [ له ] ، وهذا قول علماء المسلمين ممن نفعهم الله تعالى بالعلم ، وكانوا أئمة يقتدى بهم ، سوى المرجئة الذين خرجوا عن جملة ما عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان ، وقول الأئمة الذين لا يستوحش من ذكرهم في كل بلد .

[ ص: 556 ] وسنذكر من ذلك ما حضرنا ذكره ، والله الموفق لكل رشاد ، والمعين عليه ، ولا قوة إلا بالله .

التالي السابق


الخدمات العلمية