الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
وأما أعداؤهم ومن سلك سبيلهم من الفلاسفة وأهل البدع ، فهم متفاوتون في جحدها وإنكارها ، وأعظم الناس لها إنكارا الفلاسفة المسمون عند من يعظمهم بالحكماء ، فإن من علم حقيقة قولهم علم أنهم لم يؤمنوا بالله ولا رسله ولا كتبه ولا ملائكته ولا باليوم الآخر ، فإن nindex.php?page=treesubj&link=20417_28839مذهبهم أن الله سبحانه وجود مجرد لا ماهية له ولا حقيقة ، فلا يعلم الجزئيات بأعيانها ، وكل موجود في الخارج فهو جزئي ، ولا يفعل عندهم بقدرته ومشيئته ، وإنما العالم عندهم لازم له أزلا وأبدا ، وإن سموه مفعولا له فمصانعة ومصالحة للمسلمين في اللفظ ، وليس عندهم بمفعول ولا مخلوق ولا مقدور عليه ، وينفون عنه سمعه وبصره وسائر صفاته ! فهذا إيمانهم بالله .
وأما كتبه عندهم ، فإنهم لا يصفونه بالكلام ، فلا تكلم ولا يتكلم ، ولا قال ولا يقول ، nindex.php?page=treesubj&link=29454والقرآن عندهم فيض فاض من العقل الفعال على قلب بشر زاكي النفس طاهر ، متميز عن النوع الإنساني بثلاث خصائص : قوة الإدراك وسرعته ، لينال العلم أعظم مما يناله غيره ! وقوة النفس ، ليؤثر بها في هيولى العالم بقلب صورة إلى صورة ! [ ص: 403 ] وقوة التخييل ، ليخيل بها القوى العقلية في أشكال محسوسة ، وهي الملائكة عندهم ! وليس في الخارج ذات منفصلة تصعد وتنزل وتذهب وتجيء وترى وتخاطب الرسول ، وإنما ذلك عندهم أمور ذهنية لا وجود لها في الأعيان .
وأما اليوم الآخر ، فهم أشد الناس تكذيبا به وإنكارا له ، وعندهم أن هذا العالم لا يخرب ، ولا تنشق السماوات ولا تنفطر ، ولا تنكدر النجوم ، ولا تكور الشمس والقمر ، ولا يقوم الناس من قبورهم ويبعثون إلى جنة ونار ! كل هذا عندهم أمثال مضروبة لتفهيم العوام ، لا حقيقة لها في الخارج ، كما يفهم منها أتباع الرسل . فهذا إيمان هذه الطائفة - الذليلة الحقيرة - بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر . وهذه هيnindex.php?page=treesubj&link=28653_28733_28737_28745_28759أصول الدين الخمسة .