الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      باب ( السواك ) وغيره من الختان والطيب والاستحداد ونحوها مما يأتي مفصلا وأول من استاك إبراهيم الخليل عليه السلام ، قاله في الحاشية ( السواك ) بكسر السين جمعه سوك ، بضم السين والواو ويخفف بإسكان الواو وربما بهمز فيقال : سؤك ، قاله الدينوري وهو مذكر نقلها الأزهري عن العرب قال وغلط الليث في قوله : إنه يؤنث وذكر في المحكم إنهما لغتان ( والمسواك ) بكسر الميم ( اسم للعود الذي يتسوك به ، ويطلق السواك على الفعل ) وهو الاستياك .

                                                                                                                      ( قاله الشيخ والتسوك الفعل ) يقال : ساك فاه يسوكه سوكا وهو شرعا استعمال عود في الأسنان لإذهاب التغير ونحوه ، مشتق من التساوك وهو التمايل والتردد ; لأن المتسوك يردد العود في فمه ويحركه ، يقال : جاءت الإبل تساوك ، إذا كانت أعناقها تضطرب من الهزال ( وهو ) أي التسوك ( على أسنانه ولسانه ولثته ) بكسر اللام وفتح المثلثة خفيفة ، فإن سقطت أسنانه استاك على لثته ولسانه ، ذكره في الرعاية الكبرى والإفادات .

                                                                                                                      ( مسنون كل وقت ) قال في المبدع : اتفق العلماء على أنه سنة مؤكدة لحث الشارع ومواظبته عليه وترغيبه وندبه إليه يوضحه ما روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 72 ] قال { السواك مطهرة للفم ، مرضاة للرب } رواه الشافعي وأحمد وابن خزيمة والبخاري تعليقا .

                                                                                                                      ورواه أحمد عن أبي بكر وابن عمر ( لغير صائم ) وأما الصائم ففيه تفصيل يأتي ( سواك متعلق ) بمسنون أي عود ( يابس ) مندى ( ورطب ) أي أخضر .

                                                                                                                      ( و ) يسن التسوك ( لصائم بيابس قبل الزوال ) لقول عامر بن ربيعة { رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا أحصي يتسوك وهو صائم } رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال حديث حسن رواه البخاري تعليقا .

                                                                                                                      وعن عائشة قالت : { قال رسول الله عليه السلام من خير خصال الصائم السواك } رواه ابن ماجه ، وهذان الحديثان محمولان على ما قبل الزوال ، لما روى البيهقي بإسناده عن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { إذا صمتم فاستاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي } ( ويباح ) السواك ( له ) أي للصائم ( ب ) عود ( رطب قبله ) أي قبل الزوال لما يتحلل منه بخلاف اليابس .

                                                                                                                      ( ويكره ) التسوك ( له ) أي للصائم ( بعده ) أي بعد الزوال ( بيابس ورطب ) لحديث أبي هريرة يرفعه { لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك } متفق عليه وهو إنما يظهر غالبا بعد الزوال ، فوجب اختصاص الحكم به ولحديث علي ولا فرق فيه بين المواصل وغيره فإن قيل لم وصف دم الشهيد بريح المسك من غير زيادة وخلوف فم الصائم بأنه أطيب ريحا منه ولا شك أن الجهاد أفضل من الصوم أجيب بأن الدم نجس : وغايته أن يرفع إلى أن يصير طاهرا بخلاف الخلوف .

                                                                                                                      ( وعنه يسن ) التسوك ( له ) أي للصائم ( مطلقا ) أي قبل الزوال وبعده باليابس والرطب ، ( اختاره ) الشيخ وجمع ( وهو أظهر دليلا ) لعموم ما سبق .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية