الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          289 - مسألة : وصلاة التطوع في الجماعة أفضل منها منفردا ; وكل تطوع فهو في البيوت أفضل منه في المساجد إلا ما صلى منه جماعة في المسجد فهو أفضل .

                                                                                                                                                                                          حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا عمر بن عبد الملك ثنا محمد بن بكر ثنا أبو داود ثنا مسدد ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته وسوقه خمسا وعشرين درجة } وذكر باقي الحديث ، وهذا عموم لكل صلاة فرض أو تطوع .

                                                                                                                                                                                          وقد روينا من طريق مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن { أنس أن جدته مليكة دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعته فأكل منه ، ثم قال : قوموا فلأصلي [ ص: 79 ] لكم ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وصففت أنا واليتيم وراءه والعجوز من ورائنا ، فصلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين وانصرف } .

                                                                                                                                                                                          وقد صلى عليه السلام بالناس في المسجد تطوعا إذ أمهم على المنبر وفي بيت عتبان بن مالك .

                                                                                                                                                                                          قد صلى ابن الزبير بالناس في المسجد الحرام ركعتين بعد العصر جماعة وكذلك أنس أيضا .

                                                                                                                                                                                          وبه إلى أبي داود : ثنا أحمد بن صالح ثنا ابن وهب أخبرني سليمان بن بلال عن إبراهيم بن أبي النضر عن أبيه عن بسر بن سعيد عن زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجد إلا المكتوبة } ، وروينا عن عبد الرحمن بن مهدي : ثنا سفيان الثوري عن منصور بن المعتمر ، والنعمان بن قيس ، قال منصور : عن مجاهد قال لي أبو معمر : إذا صليت المكتوبة فارجع إلى بيتك .

                                                                                                                                                                                          وقال النعمان بن قيس ما رأيت عبيدة السلماني متطوعا في مسجد الحي قط ؟ .

                                                                                                                                                                                          وروينا عن ابن المثنى : ثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد ثنا سفيان الثوري عن [ ص: 80 ] منصور عن هلال بن يساف عن ضمرة بن حبيب عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : تطوع الرجل في بيته يزيد على تطوعه عند الناس كفضل الجماعة على صلاة الرجل وحده ؟ .

                                                                                                                                                                                          وبه إلى ابن المثنى : ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا إسرائيل عن عمران بن مسلم قال : كان سويد بن غفلة لا يتطوع في المسجد .

                                                                                                                                                                                          وروينا عن وكيع قال : قال سفيان الثوري قال نسير بن ذعلوق ما رأيت الربيع بن خثيم متطوعا في مسجد الحي قط .

                                                                                                                                                                                          وعن وكيع عن الأعمش عن إبراهيم النخعي قال سئل حذيفة بن اليمان عن التطوع في المسجد بعد الفريضة ؟ [ ص: 81 ] فقال : إني لأكرهه ; بينما هم جميعا إذا اختلفوا .

                                                                                                                                                                                          وعن حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن العباس بن سعد قال : أدركت الناس زمان عثمان بن عفان وهم يصلون الركعتين بعد المغرب في بيوتهم ؟ .

                                                                                                                                                                                          والتطوع بعد الجمعة وبعد سائر الصلوات سواء فيما ذكرنا ، وكل ذلك جائز في المسجد أيضا ، وقال أبو حنيفة وأصحابه : كل ذلك في المسجد أفضل وقال مالك : كل ذلك في المسجد أفضل إلا بعد الجمعة فإنه كره التطوع في المسجد بعد الجمعة واحتج بعض أصحابه بأن هذا خوف الذريعة في أن يقضيها أهل البدع الذين لا يعتدون بالصلاة مع الأئمة ؟ .

                                                                                                                                                                                          قال علي : وهذا غاية في الفساد من القول ; لأن المبتدع يفعل مثل ذلك أيضا في مساجد الجماعات بسائر الصلوات ولا فرق .

                                                                                                                                                                                          وأيضا : فهم قادرون على أن ينصرفوا إلى بيوتهم فيقضونها هنالك ؟ روينا من طريق أبي داود : ثنا إبراهيم بن الحسن ثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج أخبرني عطاء : أنه رأى ابن عمر يصلي بعد الجمعة فينماز عن مصلاه الذي صلى فيه الجمعة قليلا غير كثير ، فيركع ركعتين ثم يمشي أنفس من ذلك فيصلي أربع ركعات رأيته يصنع ذلك مرارا .

                                                                                                                                                                                          وعن محمد بن المثنى : ثنا المعتمر بن سليمان التيمي قال سمعت عطاء بن السائب يحدث عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : كان ابن مسعود يعلمنا أن نصلي بعد الجمعة أربعا فكنا نصلي بعدها أربعا ; حتى جاء علي بن أبي طالب فأمرنا أن نصلي بعدها ستا ، فنحن نصلي بعدها ستا ؟ .

                                                                                                                                                                                          وقد حدثنا حمام ثنا عباس بن أصبغ ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن ثنا محمد بن إسماعيل الترمذي [ ص: 82 ] ثنا الحميدي ثنا سفيان بن عيينة ثنا عمرو بن دينار قبل أن نلقى الزهري عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال : { رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بعد الجمعة ركعتين } .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية