الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال : فإن كانت الهبة جارية ، فكاتبها الموهوب له ، ثم مات المريض ، ولا مال له غيرها ، فعلى الموهوب له ثلثا قيمتها للورثة ، ولا ترد الكتابة ; لأن [ ص: 103 ] الكتابة منه صحيحة لازمة ، لكونه مالكا لها حين كانت ، فما دامت باقية لا تحتمل النقل من ملك إلى ملك ; ولأن في رد ثلثها على الورثة إبطال الحق الثابت لها في نفسها وكسبها ، وذلك لا يجوز ، وإن تعذر رد عينها بسبب باشره الموهوب له كان ضامنا للورثة قيمة حصتهم منها ، كما لو كان أعتقها أو دبرها ، فإن قضى القاضي عليه بثلثي قيمتها ، ثم عجزت المكاتبة لم يكن للورثة عليها سبيل ; لأن القاضي قضى بالقيمة ، والسبب الموجب للقضاء به - وهو العجز عن رد العين - يتحقق فانتقل حقهم إلى القيمة ، ثم لا يعود في العين بعد ذلك بزوال العجز - كالمغصوب إذا عاد من إباقه بعد ما قضى القاضي بقيمته على الغاصب - وإذا عجزت قبل القضاء أخذوا ثلثيها ; لأن المانع زوال قبل انتقال حقهم من عينها إلى محل آخر ، فهو كالمغصوب إذا عاد قبل قضاء القاضي بالقيمة .

( وكذلك ) إن كاتبها بعد موت المريض ( فالجواب ) على ما تقدم ما لم يقض القاضي بثلثيها للورثة ; لأن ملك الموهوب له بان ببقاء قبضه ، وإذا فسد السبب ما لم يقض القاضي عليه بالرد ، فإن قضى القاضي بذلك عاد الملك له في ثلثيها إلى الورثة بقضاء القاضي فإن أعتقها الموهوب له بعد ذلك ، فهو بمنزلة عتق أحد الشريكين الجارية المشتركة ، وقد بينا ذلك في كتاب العتق .

التالي السابق


الخدمات العلمية