الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وإن ربك لهو العزيز الرحيم كذبت قوم لوط المرسلين إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون قالوا لئن لم تنته يا لوط لتكونن من المخرجين قال إني لعملكم من القالين رب نجني وأهلي مما يعملون فنجيناه وأهله أجمعين إلا عجوزا في الغابرين ثم دمرنا الآخرين وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم كذب أصحاب الأيكة المرسلين إذ قال لهم شعيب ألا تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين وزنوا بالقسطاس المستقيم ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى : وزنوا بالقسطاس المستقيم فيه خمسة تأويلات :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : أنه القبان ، قاله الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : الحديد ، رواه ابن المبارك .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : أنه المعيار ، قاله الضحاك .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع : الميزان ، قاله الأخفش والكلبي .

                                                                                                                                                                                                                                        الخامس : العدل .

                                                                                                                                                                                                                                        واختلف قائلو هذا التأويل فيه هل هو عربي أو رومي؟ فقال مجاهد والشعبي : هو العدل بالرومية ، وقال أبو عبيدة وابن شجرة : هو عربي وأصله القسط وهو العدل ، [ ص: 186 ] ومنه قوله تعالى : قائما بالقسط [آل عمران : 18] أي بالعدل .

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى : ولا تعثوا في الأرض مفسدين فيه قولان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : معناه ولا تمشوا فيها بالمعاصي ، قاله أبو مالك .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : لا تمشوا فيها بالظلم بعد إصلاحها بالعدل ، قاله ابن المسيب .

                                                                                                                                                                                                                                        ويحتمل ثالثا : أن عبث المفسد ما ضر غيره ولم ينفع نفسه .

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى : والجبلة يعني الخليقة ، قال امرؤ القيس


                                                                                                                                                                                                                                        والموت أعظم حادث فيما يمر على الجبلة



                                                                                                                                                                                                                                        الأولين يعني الأمم الخالية ، والعرب تكسر الجيم والباء من الجبلة ، وقد تضمها وربما أسقطت الهاء كما قال تعالى : ولقد أضل منكم جبلا كثيرا [يس : 62] . قال أبو ذؤيب:


                                                                                                                                                                                                                                        منايا يقربن الحتوف لأهلها     جهارا ويستمتعن بالأنس الجبل



                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية