الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                [ ص: 413 ] وسئل رحمه الله عن رجل جمع جماعة على نافلة وأمهم من أول رجب إلى آخر رمضان يصلي بهم بين العشاءين عشرين ركعة بعشر تسليمات يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وقل هو الله أحد ثلاث مرات ويتخذ ذلك شعارا ويحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم أم ابن عباس والأنصاري الذي قال له : السيول تحول بيني وبينك فهل هذا موافق للشريعة أم لا ؟ وهل يؤجر على ذلك أم لا والحالة هذه ؟ .

                التالي السابق


                فأجاب : الحمد لله رب العالمين . صلاة التطوع في جماعة نوعان : أحدهما : ما تسن له الجماعة الراتبة كالكسوف والاستسقاء وقيام رمضان فهذا يفعل في الجماعة دائما كما مضت به السنة .

                الثاني : ما لا تسن له الجماعة الراتبة : كقيام الليل والسنن الرواتب وصلاة الضحى وتحية المسجد ونحو ذلك .

                [ ص: 414 ] فهذا إذا فعل جماعة أحيانا جاز .

                وأما الجماعة الراتبة في ذلك فغير مشروعة بل بدعة مكروهة فإن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين لم يكونوا يعتادون الاجتماع للرواتب على ما دون هذا . والنبي صلى الله عليه وسلم إنما تطوع في ذلك في جماعة قليلة أحيانا فإنه كان يقوم الليل وحده ; لكن لما بات ابن عباس عنده صلى معه وليلة أخرى صلى معه حذيفة وليلة أخرى صلى معه ابن مسعود وكذلك صلى عند عتبان بن مالك الأنصاري في مكان يتخذه مصلى صلى معه وكذلك صلى بأنس وأمه واليتيم .

                وعامة تطوعاته إنما كان يصليها مفردا وهذا الذي ذكرناه في التطوعات المسنونة فأما إنشاء صلاة بعدد مقدر وقراءة مقدرة في وقت معين تصلى جماعة راتبة كهذه الصلوات المسئول عنها : " كصلاة الرغائب " في أول جمعة من رجب " والألفية " في أول رجب ونصف شعبان وليلة سبع وعشرين من شهر رجب وأمثال ذلك فهذا غير مشروع باتفاق أئمة الإسلام كما نص على ذلك العلماء المعتبرون ولا ينشئ مثل هذا إلا جاهل مبتدع وفتح مثل هذا الباب يوجب تغيير شرائع الإسلام وأخذ نصيب من حال الذين شرعوا من الدين ما لم يأذن به الله . والله أعلم .




                الخدمات العلمية