الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ثم بين الله تعالى الذين يستأذنون في القعود، فقال تعالى كلامه: إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون .

                                                          قصر الله سبحانه وتعالى من يستأذنون في القعود على الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر، فلا يستأذنك في القعود مؤمن بالله واليوم الآخر، وأفاد القصر بـ(إنما) لأنها من أدواته.

                                                          ذلك لأن المنافق لا يؤمن بالله تعالى، فلا يطيع أوامره ونواهيه، ولا يذعن لما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - عن ربه، وإن نطق لسانه بكلمات الإسلام والطاعة والخضوع ظاهرا لا يطيع قلبه، وقد ذكر الله تعالى فيهم أقوالا ثلاثة كلها تقعد بهم عن الجهاد، بل واحدة منها:

                                                          أولها: أنهم لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، فعدم إيمانهم بالله يجعلهم لا يذعنون، ولا يجيبون ما فرض عليهم من جهاد، ولا يؤمنون بما فيه من عزة وكرامة، وفوق ذلك لا يريدون العزة للمؤمنين ولا يبتغونها لهم، ويريدون الذلة لهم، وعدم إيمانهم باليوم الآخر يجعلهم يعتقدون أنه لا تعويض لهم، وأن الدنيا وحدها هي الحياة، ويقولون: إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين.

                                                          [ ص: 3319 ] ثانيها: حال الريب، فهم في ريب دائم، والريب لا يوجد معه إيمان بشيء، فأول ما يصاب المنافق يصاب في نفسه؛ إذ يكون في بلبال مستمر، واضطراب فكري دائم لا يستقر معه على حال، ولا يستطيعون عملا.

                                                          ثالثها: أنهم في تردد دائم نتيجة لريبهم. ومن نعم الله ألا يخرجوا مع المجاهدين.

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية