الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - عز وجل -: الطلاق مرتان ؛ " الطلاق " ؛ رفع بالابتداء؛ و " مرتان " ؛ الخبر؛ والمعنى: الطلاق الذي تملك فيه الرجعة مرتان؛ يدل عليه: فإمساك بمعروف ؛ المعنى: فالواجب عليكم إمساك بمعروف؛ أو تسريح بإحسان؛ ولو كان في الكلام " فإمساكا بمعروف " ؛ كان جائزا؛ على " فأمسكوهن إمساكا بمعروف " ؛ كما قال - عز وجل -: فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ؛ ومعنى " بمعروف " : بما يعرف من إقامة الحق في إمساك المرأة. وقوله - عز وجل -: ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا ؛ أي: مما أعطيتموهن من مهر؛ وغيره. وقوله - عز وجل -: إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله ؛ قرئت: " يخافا " ؛ و " يخافا " ؛ بالفتح؛ والضم؛ قال أبو عبيدة وغيره: معنى [ ص: 308 ] " إلا أن يخافا " : إلا أن يوقنا؛ وحقيقة قوله: " إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله " : أن يكون الأغلب عليهما؛ وعندهما؛ أنهما على ما ظهر منهما من أسباب التباعد الخوف في ألا يقيما حدود الله؛ ومعنى " حدود الله " : ما حده الله - جل وعز - مما لا تجوز مجاوزته إلى غيره؛ وأصل " الحد " ؛ في اللغة: المنع؛ يقال: " حددت الدار " ؛ و " حددت حدود الدار " ؛ أي: بنيت الأمكنة التي تمنع غيرها أن يدخل فيها؛ و " حددت الرجل " : أقمت عليه الحد؛ و " الحد " : هو الذي به منع الناس من أن يدخلوا فيما يجلب لهم الأذى؛ والعقوبة؛ ويقال: " أحدت المرأة على زوجها " ؛ و " حدت؛ فهي حاد؛ ومحد " ؛ إذا امتنعت عن الزينة؛ و " أحددت إليه النظر " ؛ إذا منعت نظري من غيره؛ وصرفته كله إليه؛ و " أحددت السكين إحدادا " ؛ قال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                        إن العبادي أحد فأسه ... فعاد حد فأسه برأسه



                                                                                                                                                                                                                                        وإنما قيل للحديد: " حديد " ؛ لأنه أمنع ما يمتنع به؛ والعرب تقول للحاجب؛ والبواب؛ وصاحب السجن: " الحداد " ؛ وإنما قيل له: " حداد " ؛ لأنه يمنع من يدخل؛ ومن يخرج؛ وقول الأعشى :


                                                                                                                                                                                                                                        فقمنا ولما يصح ديكنا ...     إلى خمرة عند حدادها



                                                                                                                                                                                                                                        أي: عند ربها الذي منع منها؛ إلا بما يريد؛ ومعنى: فلا تعتدوها " : أي: لا تجاوزوها.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية