الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 211 ] قوله { الخامس : أن تمس بشرته بشرة أنثى لشهوة } هذا المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . وعنه لا ينقض مطلقا ، اختاره الآجري والشيخ تقي الدين في فتاويه ، وصاحب الفائق ، ولو باشر مباشرة فاحشة . وقيل : إن انتشر نقض ، وإلا فلا . وعنه ينقض مطلقا . وحكي عن الإمام أحمد : أنه رجع عنها . وأطلقهن في المستوعب .

فائدتان

إحداهما : حيث قلنا لا ينقض مس الأنثى : استحب الوضوء مطلقا على الصحيح من المذهب ، نص عليه ، وعليه الأصحاب . وقال الشيخ تقي الدين : يستحب إن لمسها لشهوة ، وإلا فلا . الثانية : حكم مس المرأة بشرة الرجل : حكم مس الرجل بشرة المرأة ، على الصحيح من المذهب ، وقطع به الأكثر . وعنه لا ينقض مس المرأة للرجل ، وإن قلنا : ينقض لمسه لها . وهي ظاهر المغني . وأطلقهما في الكافي . وابن عبيدان ، وابن تميم .

تنبيهان

أحدهما : مفهوم كلامه أن مس الرجل للرجل ، ومس المرأة للمرأة : لا ينقض .

وهو صحيح ، وهو المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . وقيل : ينقض ، اختاره القاضي في المجرد . فينقض مس أحدهما للخنثى ، ومسه لها . وأطلقهما ابن تميم . وخرج في المستوعب النقض بمس المرأة المرأة لشهوة السحاق . الثاني : دخل في عموم كلامه الميتة : والصغيرة ، والعجوز ، وذات المحرم . فهن كالشابة الحية الأجنبية . أما الميتة : فهي كالحية على الصحيح من المذهب ، جزم به في المستوعب ، [ ص: 212 ] والتلخيص ، والإفادات ، وابن رزين في شرحه ، واختاره القاضي ، وابن عبدوس المتقدم ، وابن البنا وقدمه في الرعاية الكبرى . وهو ظاهر الخرقي ، والكافي ، والمحرر ، والوجيز ، وغيرهم . وقيل : لا ينقض لمسها ، اختاره المجد ، والشريف أبو جعفر ، وابن عقيل ، وقدمه في الرعاية الصغرى . وأطلقهما في المذهب ، والمغني ، والشرح ، وابن تميم ، والحاويين ، والفروع ، والفائق . وأما الصغيرة : فهي كالكبيرة على الصحيح من المذهب ، وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب ، وجزم به في المستوعب ، والتلخيص ، والإفادات ، والمغني ، والكافي ، والشرح ، وابن رزين في شرحه ، وابن تميم ، والشرح ، والحاويين ، والفائق ، وابن عبيدان ، وغيرهم ، وقدمه في الرعاية الكبرى . وقيل : لا ينقض وقدمه في الرعاية الصغرى . وهو ظاهر الوجيز : وأطلقهما في الفروع ، وصرح المجد . أنه لا ينقض لمس الطفلة ، وإنما ينقض لمس التي تشتهى . قلت : لعله مراد من أطلق : وأما العجوز : فهي كالشابة على الصحيح من المذهب ، وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب ، وجزم به في المستوعب ، والمغني ، والكافي ، والتلخيص ، والشرح ، وابن رزين في شرحه ، والإفادات ، وابن تميم ، والزركشي ، وصححه الناظم ، وقدمه ابن عبيدان ، والرعاية الكبرى . وقيل : لا ينقض . وأطلقهما في الفروع . وحكاهما روايتين ابن عبيدان وغيره .

فائدة : قال في الرعاية الكبرى ، قلت : لو لمس شيخ كبير لا شهوة له من لها شهوة : احتمل وجهين . انتهى .

قلت : الصواب نقض وضوئها إن حصل لها شهوة ، لا نقض وضوئه مطلقا . وأما ذات المحرم : فهي كالأجنبية على الصحيح من المذهب ، وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وجزم به في المستوعب ، والتلخيص ، والمغني ، والكافي وابن رزين في شرحه ، وابن تميم ، ومجمع البحرين ، والحاويين ، والفائق ، [ ص: 213 ] والزركشي ، وغيرهم ، وصححه الناظم ، وقدمه ابن عبيدان ، والرعاية الكبرى . وقيل : لا ينقض ، وقدمه في الرعاية الصغرى . وأطلقهما في الفروع . وحكاهما ابن عبيدان وغيره روايتين ، فائدة : قدم في الرعاية الكبرى إلحاق الأربعة بغيرهن على رواية النقض بشهوة . وقدم على رواية النقض مطلقا عدم الإلحاق ، وهو ظاهر الرعاية الصغرى في الثاني .

التالي السابق


الخدمات العلمية