الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
أي الشرب المحرم أخره عن الزنا ; لأنه أقبح منه وأغلظ عقوبة وقدمه على حد القذف لتيقن الحرمة في الشارب دون القاذف لاحتمال صدقه وتأخير حد السرقة ; لأنه لصيانة الأموال التابعة للنفوس ( قوله : nindex.php?page=treesubj&link=25857_10061_10067_10048_10055_10072من شرب خمرا وأخذ وريحها موجود أو كان سكران ولو بنبيذ وشهد رجلان أو أقر مرة حد إن علم شربه طوعا وصحا ) للحديث { nindex.php?page=hadith&LINKID=109539من شرب الخمر فاجلدوه ثم إن شرب فاجلدوه ثم إن شرب فاجلدوه ، فإن عاد في الرابعة فاقتلوه } أخرجه أصحاب السنن الأربعة إلا nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي ثم نسخ القتل في الرابعة بما رواه nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي { nindex.php?page=hadith&LINKID=109540أنه عليه السلام قد أتي برجل شرب الخمر في الرابعة فجلده ولم يقتله } وزاد في لفظ [ ص: 28 ] { nindex.php?page=hadith&LINKID=83884فرأى المسلمون أن الحد قد وقع وأن القتل قد ارتفع } أطلق في شرب الخمر فشمل القطرة الواحدة كما سيصرح به آخرا وفي وجود ريحها فشمل ما إذا كان الريح موجودا وقت الشهادة أو وقت رفعه إلى الحاكم وهي على وجهين ، فإن كان المكان قريبا فلا بد من وجود الرائحة عند أداء الشهادة بأن يشهدا بالشرب وبقيام الرائحة أو يشهدا به فقط فيأمر القاضي باستنكاهه فيستنكهه ويخبره بأن ريحها موجود .
فإن شهدا به بعد مضي ريحها مع قرب المكان فسيأتي ، وإن كان المكان بعيدا فزالت الرائحة فلا بد أن يشهدا بالشرب ويقولا أخذناه وريحها موجود ; لأن مجيئهم به من مكان بعيد لا يستلزم كونهم أخذوه في حال قيام الرائحة فيحتاجون إلى ذكر ذلك للحاكم ولو أخر المصنف اشتراط وجود الرائحة عن السكران بأن قال بعد قوله ولو بنبيذ وأخذ وريح ما شرب منه موجود لكان أولى ; لأنه لا بد من وجود رائحة الشرب الذي شربه خمرا كان أو نبيذا سكر منه وقد ذكر المصنف الريح حيث قال موجود وفي الهداية وريحها موجودة وهو الحق ; لأن الريح من الأسماء المؤنثة السماعية كما في غاية البيان وقيد بالرجلين ; لأن nindex.php?page=treesubj&link=16001_10056شهادة النساء لا تقبل في الحدود للشبهة ولم يذكر المصنف أن القاضي يسأل الشهود كما يسألهم في الزنا وقد ذكره قاضي خان في الفتاوى فقال : وإذا nindex.php?page=treesubj&link=10053شهد الشهود عند القاضي على رجل بشرب الخمر سألهم القاضي عن الخمر ما هي ثم سألهم كيف شرب لاحتمال أنه كان مكرها ثم يسألهم متى شرب لاحتمال التقادم ثم يسألهم أنه أين شرب لاحتمال أنه شرب في دار الحرب ا هـ .
وينبغي أن يكون السؤال عن الوقت مبنيا على قول nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد ، وأما على المذهب فلا ; لأن وجود الرائحة كاف ثم قال : فإذا بينوا ذلك حبسه القاضي حتى يسأل عن العدالة ولا يقضي بظاهر العدالة ا هـ .
nindex.php?page=treesubj&link=10053_25855_10067_10066_10065، والمشهود عليه بشربها لا بد أن يكون بالغا عاقلا مسلما ناطقا فلا حد على صبي ولا مجنون ولا كافر قال في الظهيرية nindex.php?page=treesubj&link=24357_23637_10065 : رجل ارتد عن الإسلام والعياذ بالله تعالى ثم أتي به إلى الإمام ثم شرب خمرا أو سكر من غير خمر أو سرق أو زنى ثم تاب وأسلم ، فإنه يحد في جميع ذلك ما خلا الخمر ، والسكر ، فإنه لا يحد فيهما ; لأن المرتد كافر وحد السكر ، والخمر لا يقام على أحد من الكفار ا هـ .
وفي الخانية nindex.php?page=treesubj&link=10066_25855ولا يحد الأخرس سواء شهد الشهود عليه أو أشار بإشارة معهودة يكون ذلك إقرارا منه في المعاملات ; لأن الحدود لا تثبت بالشبهات nindex.php?page=treesubj&link=10066ويحد الأعمى ولو nindex.php?page=treesubj&link=10075_10053قال المشهود عليه بشرب الخمر : ظننتها لبنا أو قال : لا أعلم أنها خمر لا يقبل ذلك ; لأنه يعرفها بالرائحة ، والذوق من غير ابتلاع ، وإن nindex.php?page=treesubj&link=17240_10085قال : ظننتها نبيذا قبل منه ; لأن غير الخمر بعد الغليان ، والشدة يشارك الخمر في الذوق ، والرائحة ا هـ .
ولا بد من اتفاق الشاهدين فلو nindex.php?page=treesubj&link=16033_10053شهدا على الشرب ، والريح يوجد منه لكنهما اختلفا في الوقت لم يحد وكذا لو nindex.php?page=treesubj&link=16033_10053شهد أحدهما أنه شربها وشهد الآخر بإقراره بشربها وكذلك لو nindex.php?page=treesubj&link=16033_10053شهد أحدهما أنه سكر من الخمر وشهد الآخر أنه سكر من السكر كذا في الظهيرية وفي حصره الثبوت في البينة والإقرار دليل على أن من يوجد في بيته الخمر وهو فاسق أو يوجد القوم مجتمعين عليها ولم يرهم أحد يشربونها غير أنهم جلسوا مجلس من يشربها لا يحدون ، وإنما يعزرون وكذلك nindex.php?page=treesubj&link=10575_17215الرجل يوجد معه ركوة من خمر وكان في عهد nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة من يقول بوجوب الحد عليه فقال له nindex.php?page=showalam&ids=11990الإمام : لم تحده فقال ; لأن معه آلة الشرب ، والفساد فقال nindex.php?page=showalam&ids=11990الإمام فارجمه إذن ، فإن معه آلة الزنا كذا في الظهيرية وفي قوله : مرة رد لقول nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف : إنه لا بد من مرتين اعتبارا بالشهادة كما في الزنا قلنا : ثبت ذلك على خلاف القياس فلا يقاس عليه غيره وشرط أن يعلم شربه طوعا وهو بأن يشهد الشهود أنه شربه طائعا ; لأن nindex.php?page=treesubj&link=10067الشرب مكرها لا يوجب الحد قال في الخانية ولو nindex.php?page=treesubj&link=10067قال أكرهت عليها لا يقبل ; لأن الشهود شهدوا عليه بالشرب طائعا ولو لم يشهدوا [ ص: 29 ] بذلك لا تقبل شهادتهم فلو قبلنا قوله كان لكل من شهد عليه بالشرب أن يقول كنت مكرها فيرتفع الحد ا هـ .
قال في الظهيرية فرق بين هذا وبين ما إذا nindex.php?page=treesubj&link=10081_10067_10433ادعى المشهود عليه بالزنا أنه نكحها ، فإنه لا يحد ; لأن هناك هو ينكر السبب الموجود للحد ; لأن الفعل يخرج عن أن يكون زنا بالنكاح وهاهنا بعذر الإكراه لا ينعدم السبب وهو حقيقة شرب الخمر إنما هذا عذر مسقط فلا يثبت إلا ببينة يقيمها على ذلك . ا هـ .
وظاهر كلام المصنف أن الصحو شرط لإقامة الحد حتى لو حده في حال سكره لا يكتفى به لعدم فائدته من كونه زاجرا وفي القنية nindex.php?page=treesubj&link=10068لا يجوز لقاضي الرستاق أو فقيهه أو المتفقهة وأئمة المساجد إقامة حد الشرب إلا بتولية الإمام .
[ ص: 28 ] ( قوله : وحد الخمر والسكر لا يقام على أحد من الكفار ) قال في النهر وفي منية المفتي nindex.php?page=treesubj&link=24376_10065سكر الذمي من الحرام حد في الأصح ولعل هذا هو العذر للمصنف في حذفه قيد الإسلام إلا أنه في فتاوى قارئ الهداية أجاب حين سئل عن nindex.php?page=treesubj&link=24376_10065الذمي إذا سكر هل يحد قال إذا شرب الخمر وسكر منه المذهب أنه لا يحد وأفتى nindex.php?page=showalam&ids=14111الحسن بأنه يحد واستحسنه بعض المشايخ ; لأن السكر في جميع الأديان حرام [ ص: 29 ] ( قوله : وظاهر كلام المصنف أن الصحو شرط لإقامة الحد ) ظاهر كلامه أنه لم ير نقلا صريحا ونقله في النهر عن العيني وفي التتارخانية ولو nindex.php?page=treesubj&link=10053_10081شهد الشهود على السكران لا يقام عليه الحد حتى يصحو فإذا صحا يقام عليه سواء ذهبت رائحة الخمر منه أو لم تذهب
.
( باب حد الشرب ) .
[ ص: 28 ] ( قوله : وحد الخمر والسكر لا يقام على أحد من الكفار ) قال في النهر وفي منية المفتي nindex.php?page=treesubj&link=24376_10065سكر الذمي من الحرام حد في الأصح ولعل هذا هو العذر للمصنف في حذفه قيد الإسلام إلا أنه في فتاوى قارئ الهداية أجاب حين سئل عن nindex.php?page=treesubj&link=24376_10065الذمي إذا سكر هل يحد قال إذا شرب الخمر وسكر منه المذهب أنه لا يحد وأفتى nindex.php?page=showalam&ids=14111الحسن بأنه يحد واستحسنه بعض المشايخ ; لأن السكر في جميع الأديان حرام [ ص: 29 ] ( قوله : وظاهر كلام المصنف أن الصحو شرط لإقامة الحد ) ظاهر كلامه أنه لم ير نقلا صريحا ونقله في النهر عن العيني وفي التتارخانية ولو nindex.php?page=treesubj&link=10053_10081شهد الشهود على السكران لا يقام عليه الحد حتى يصحو فإذا صحا يقام عليه سواء ذهبت رائحة الخمر منه أو لم تذهب