الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        وفي الخانية لو قال بعد الإيجاب أنا آخذه لا يكون بيعا ، ولو قال أخذته جاز ، ولو قال لقصاب زن من هذا اللحم كذا بدرهم ففعل لا يكون بيعا وكان للآمر الامتناع من أخذه ، ولو قال زن لي من موضع كذا من هذا اللحم بكذا درهما فوزنه من ذلك الموضع كان بيعا وليس له الامتناع ا هـ .

                                                                                        وبهذا علم أن ما في الحاوي القدسي من أن المضي منهما شرط في كل عقد إلا النكاح تساهل .

                                                                                        والحاصل كما في الهداية أن المعتبر في هذه العقود هو المعنى ألا ترى إلى ما قالوا لو قال وهبتك أو وهبت لك هذه الدار بألف درهم أو قال هذا العبد بثوبك هذا [ ص: 286 ] فرضي كان بيعا إجماعا ، ولو قال أتبيعني عبدك هذا بألف ، فقال نعم ، فقال أخذته فهو بيع لازم فوقعت كلمة نعم إيجابا ، وكذا تقع قبولا فيما لو قال اشتريت منك هذا بألف ، فقال نعم بخلاف النكاح ، فإنه ينعقد بالأمر كقوله زوجني ; لأن المساومة لا تليق به فيكون إيجابا وقيل توكيل والواحد يتولاه بخلاف البيع إلا في الأب ومن ذكرناه معه .

                                                                                        وقد ذكر في النكاح أن فائدة الخلاف تظهر فيما إذا صدر الأمر من الوكيل فعلى الأول يصح القبول ولا يحتاج إلى قبول الوكيل ، وعلى الثاني لا حتى يقبل وجزم به في الخلاصة ; لأن الوكيل لا يملك التوكيل لا يملك التوكيل بلا إذن أو تعميم ، وهذه ثمانية مواضع منها البيع والإقالة لا يكتفى بالأمر فيهما عن الإيجاب .

                                                                                        ومنها النكاح والخلع يقع فيهما إيجابا الخامسة إذا قال لعبده اشتر نفسك مني بألف ، فقال فعلت عتق . السادسة في الهبة إذا قال : هب لي هذا ، فقال وهبته منك تمت الهبة . السابعة قال لصاحب الدين أبرئني عما لك علي من الدين ، فقال أبرأتك تمت البراءة .

                                                                                        الثامنة الكفالة قال اكفل بنفس فلان لفلان ، فقال كفلت تمت فإذا كان غائبا فقدم وأجاز كفالته جاز ، كذا في فتح القدير وفي تصوير الكفالة نظر والصواب كما في الخانية اكفل لي بما لي على زيد اكفل لي بنفس زيد ، فقال كفلت تمت ولكن في الخلع تفصيل ، فإن قالت اخلعني ، فقال خلعتك على كذا لم يقع ما لم تقبل بخلاف ما لو قالت اخلعني على كذا ، فقال قد فعلت ، كذا في الصيرفية وبهذا علم أن ما في الحاوي القدسي من أن المضي فيهما شرط في كل عقد إلا النكاح تساهل ، وحاصل ما في التتارخانية مما يناسب المقام أنه ينعقد بلفظ الرد وببيع معلق بفعل قلب كإن أردت ، فقال أردت أو إن أعجبك ، فقال أعجبني أو إن وافقك ، فقال وافقني .

                                                                                        وأما إذا قال إن أديت إلي ثمن هذا العبد فقد بعتك ، فإن أدى في المجلس صح ، ولو قال بعت منك بألف إن شئت يوما إلى الليل كان تنجيزا لا تعليقا وبأجزت بعد قوله بعت وبقوله أقلتك هذا ، فقال قبلت على قول أبي بكر الإسكاف ، وقال الفقيه أبو جعفر لا يكون بيعا وبه أخذ الفقيه أبو الليث وتصح إضافة البيع إلى عضو تصح إضافة العتق إليه وما لا فلا وقد فعلت ونعم وهات الثمن قبول على الأصح .

                                                                                        ولو قال بعني هذا بكذا ، فقال طابت نفسي لا ينعقد ويصح الإيجاب بلفظ الهبة وأشركتك فيه وأدخلتك فيه إيجاب .

                                                                                        [ ص: 285 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 285 ] ( قوله أن المعتبر في هذه العقود هو المعنى ) قال الرملي سيأتي في مسألة التعاطي أن الإشارة إلى العقود التمليكية [ ص: 286 ] ( قوله ينعقد بلفظ الرد ) قال في التتارخانية ، ولو قال أرد عليك هذه الأمة بخمسين دينارا وقبل الآخر ثبت البيع ( قوله قبول على الأصح ) أي إذا كان من طرف البائع إلا في قد فعلت فهو قبول منهما قال في التتارخانية إذا قال لآخر بعت منك عبدي هذا بألف درهم ، فقال المشتري قد فعلت فهذا بيع ، ولو قال نعم لا يكون بيعا ذكر في فتاوى أهل سمرقند أن من قال لغيره اشتريت عبدك هذا بألف درهم ، فقال البائع قد فعلت أو قال نعم أو قال هات الثمن صح البيع وهو الأصح ا هـ .

                                                                                        وسيذكر المؤلف في الصفحة الآتية عن الولوالجية الفرق في نعم لكن تقدم قريبا أن نعم تقع إيجابا وقبولا .




                                                                                        الخدمات العلمية