الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
قوله ( والإبراء عن الدين ) بأن nindex.php?page=treesubj&link=25100قال أبرأتك عن ديني على أن تخدمني شهرا أو إن قدم فلان ; لأنه تمليك من وجه حتى يرتد بالرد وإن كان فيه معنى الإسقاط فيكون معتبرا بالتمليكات فلا يجوز تعليقه بالشرط ، كذا ذكره العيني قيد بالدين ; لأن الإبراء عن الكفالة يصح تعليقه بشرط ملائم كقوله إن وافيت به غدا فأنت بريء فوافاه به برئ من المال وهو قول البعض واختاره في فتح القدير ، وقال : إنه الأوجه . معللا بأنه إسقاط لا تمليك ذكره في الكفالة ، وعلى هذا يحمل قول المصنف رحمه الله تعالى فيها وبطل nindex.php?page=treesubj&link=25100تعليق البراءة من الكفالة بشرط على ما إذا كان غير ملائم ، وفي فتاوى قاضي خان من فصل في هبة المرأة من الزوج ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=25100قال الطالب لمديونه إذا مت فأنت بريء من الدين الذي لي عليك جاز وتكون وصية من الطالب للمطلوب ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=25100قال إن مت فأنت بريء من ذلك الدين لا يبرأ وهو مخاطره كقوله nindex.php?page=treesubj&link=25100إن دخلت الدار فأنت بريء مما لي [ ص: 198 ] عليك لا يبرأ . ا هـ .
وفيها أيضا لو nindex.php?page=treesubj&link=7233قالت المريضة لزوجها إن مت من مرضي هذا فمهري عليك صدقة أو أنت في حل من مهري فماتت من ذلك المرض كان مهرها على زوجها لأن هذه مخاطرة فلا تصح . ا هـ .
وحاصله أن التعليق بموت الدائن صحيح إلا إذا كان المديون وارثا له وعلق في مرض موته فيكون مخصصا لإطلاق الكتاب وفي البزازية من الدعوى nindex.php?page=treesubj&link=25100قال المديون دفعت إلى فلان فقال إن كنت دفعت إليه فقد أبرأتك صح ; لأنه تعليق بأمر كائن . ا هـ .
ومن فروع عدم صحة تعليق الإبراء ما في المبسوط لو nindex.php?page=treesubj&link=25100قال الطالب للخصم إن حلفت فأنت بريء فهذا باطل ; لأنه تعليق البراءة بخطر وهي لا تحتمل التعليق . ا هـ .
وفي الخانية من الهبة nindex.php?page=treesubj&link=27085امرأة قالت لزوجها وهبت مهري منك على أن كل امرأة تتزوجها تجعل أمرها بيدي فإن لم يقبل الزوج ذلك بطلت الهبة وإن قبل ذلك في المجلس جازت الهبة ، ثم إن فعل الزوج ذلك فالهبة ماضية وإن لم يفعل فكذلك عند البعض كمن nindex.php?page=treesubj&link=7433أعتق أمة على أن لا تتزوج فقبلت عتقت تزوجت أو لم تتزوج nindex.php?page=treesubj&link=27085امرأة قالت لزوجها وهبت مهري إن لم تظلمني فقبل الزوج ذلك ، ثم طلقها بعد ذلك قال أبو بكر الإسكاف وأبو القاسم الصفار الهبة فاسدة ; لأنها تعليق الهبة بالشرط وهذا بخلاف ما لو nindex.php?page=treesubj&link=27085قالت وهبت منك مهري على أن لا تظلمني فقبل صحت الهبة لأن هذا تعليق الهبة بالقبول ، فإذا قبلت تمت الهبة فلا يعود المهر بعد ذلك وهو نظير ما لو nindex.php?page=treesubj&link=27330قال لامرأته أنت طالق إن دخلت الدار لا تطلق ما لم تدخل ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=27330قال أنت طالق على دخولك الدار فقالت قبلت وقع الطلاق ، وقال محمد بن مقاتل في مسألة الظلم مهرها عليه على حاله إذا ظلمها ; لأن المرأة لم ترض بالهبة إلا بهذا الشرط ، فإذا فات الشرط فات الرضا ، أما الطلاق فالرضا فيه ليس بشرط والدليل على هذا ما ذكر في كتاب الحج إذا nindex.php?page=treesubj&link=11156تركت المرأة مهرها على الزوج على أن يحج بها فقبل الزوج ذلك ولم يحج بها كان المهر عليه على حاله والفتوى على هذا القول قال مولانا رضي الله تعالى عنه ويمكن الفرق بين مسألة الحج وبين مسألة الظلم ووجه ذلك أن في مسألة الحج لما شرطت الحج بها فقد شرطت نفقة الحج عليه فيكون هذا بمنزلة الهبة بشرط العوض ، فإذا لم يحصل العوض لا تتم الهبة ، أما في مسألة الظلم شرطت عليه ترك الظلم وترك الظلم لا يصلح عوضا قال مولانا رضي الله تعالى عنه ، ثم ذكر في بعض النسخ إذا شرطت عليه أن لا يظلمها فقبل الزوج ، ثم ضربها وأجابا كما ذكر وعندي إذا ضربها بغير حق ، أما إذا ضربها لتأديب مستحق عليها لا يعود المهر ; لأن ما كان حقا لا يكون ظلما .
nindex.php?page=treesubj&link=27085امرأة وهبت مهرها من زوجها ليقطع لها في كل حول ثوبا مرتين وقبل الزوج فمضى حولان ولم يقطع قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل إن كان ذلك شرطا في الهبة فمهرها عليه على حاله لأن هذا بمنزلة الهبة بشرط العوض فإذا لم يحصل العوض لا تصح الهبة ، وإذا لم يكن ذلك شرطا في الهبة سقط مهرها ولا يعود بعد ذلك ، وكذا لو nindex.php?page=treesubj&link=27085وهبت مهرها على أن يحسن إليها ولم يحسن كانت الهبة باطلة ويكون بمنزلة الهبة بشرط العوض .
nindex.php?page=treesubj&link=11156رجل قال لامرأته أبرئيني من مهرك حتى أهب لك كذا فأبرأته ، ثم أبى الزوج أن يهب منها ما قال كان المهر عليه كما كان .
nindex.php?page=treesubj&link=27085امرأة وهبت مهرها من زوجها على أن يمسكها ولا يطلقها فقبل الزوج ذلك ، ثم طلقها قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل إن لم يكن وقت للإمساك وقتا لا يعود مهرها على الزوج وإن وقت وقتا وطلقها قبل ذلك الوقت كان المهر عليه على حاله فقيل له إذا لم يوقت لذلك وقتا كان قصدها أن يمسكها ما عاش قال نعم إلا أن العبرة لإطلاق اللفظ فإنه ذكر في كتاب الوصايا nindex.php?page=treesubj&link=14287رجل أوصى لأم ولده بثلث ماله إن لم تتزوج فقبلت ذلك ، ثم تزوجت بعد انقضاء عدتها بزمان فإنها تستحق الثلث بحكم الوصية .
nindex.php?page=treesubj&link=27085امرأة وهبت مهرها من زوجها على أن لا يطلقها فقبل الزوج قال خلف صحت الهبة طلقها [ ص: 199 ] أو لم يطلقها ; لأن ترك الطلاق لا يكون عوضا بقيت هذه هبة بشرط فاسد والهبة لا تبطل بالشروط الفاسدة .
وذكر في النوازل إذا nindex.php?page=treesubj&link=27134_27085قالت المرأة لزوجها تركت مهري عليك على أن تجعل أمري بيدي ففعل الزوج ذلك قال مهرها عليه ما لم تطلق نفسها ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=27085وهبت مهرها الذي على المطلق منه على أن يتزوجها ، ثم أبى أن يتزوجها قالوا مهرها عليه على حاله تزوجها أو لم يتزوجها ; لأنها جعلت المال على نفسها عوضا عن النكاح وفي النكاح العوض لا يكون على المرأة . ا هـ .
ما في الخانية فإن قلت : إن هبة الدين إبراء فكيف صح تعليقه بالشرط في بعض هذه المسائل قلت : الإبراء يصح تعليقه بالشرط المتعارف وبهذا يجب تقييد كلام المصنف رحمه الله تعالى ومن أطلق ففي المسائل التي قدمناها التي قالوا فيها بصحة التعليق إنما هو في المتعارف وما قالوا فيها بعدمها فإنما هو في غير المتعارف ويدل على هذا التقييد أيضا ما في القنية من باب مسائل الإبراء بالطلاق من كتاب الطلاق ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=25100أبرأته مطلقته بشرط الإمهار صح التعليق ; لأنه شرط متعارف وتعليق الإبراء بشرط متعارف جائز فإن قبل الإمهار وهم بأن يمهرها فأبت ولم تزوج نفسها منه لا يبرأ لفوات الإمهار الصحيح ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=25100أبرأته المبتوتة بشرط تجديد النكاح بمهر ومهر مثلها مائة ، فلو جدد لها نكاحا بدينار فأبت لا يبرأ بدون الشرط nindex.php?page=treesubj&link=25100قالت المسرحة لزوجها تزوجني فقال لها هبي لي المهر الذي لك علي فأتزوجك فأبرأته مطلقا غير معلق بشرط التزوج يبرأ إذا تزوجها وإلا فلا ; لأنه إبراء معلق دلالة وقيل لا يبرأ وإن تزوجها لأن هذا الإبراء على سبيل الرشوة فلا يصح nindex.php?page=treesubj&link=25100أبرأته بشرط أن يمسكها بمعروف ويحسن معاشرتها ولا يؤذيها ولا يطلقها فقبل ، ثم تزوج عليها وأغار على مالها وأذاها وطلقها فالإبراء بهذا الشرط غير صحيح وساق فيها فروعا كثيرة في بعضها لا يصح التعليق وفي بعضها يصح ، وفي جامع الفصولين لو nindex.php?page=treesubj&link=25942_25103قال كل حق لي عليك فقد أبرأتك لا يصح وكذا إضافة الإبراء إلى ما يجب في الزمن الثاني لا يصح ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=25054قال لمديونه الدنانير العشرة التي لي عليك اعطني منها خمسة ووهبت منك الخمسة صح الإبراء سواء أعطاه الخمسة أو لا لأنه تنجيز الإبراء لا تعليقه ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=25100قال أبرأتك عن الخمسة على أن تدفع الخمسة حالة فإن كانت العشرة حالة صح الإبراء ; لأن أداء الخمسة يجب عليه حالا فلا يكون هذا تعليق الإبراء بشرط تعجيل الخمسة ، ولو مؤجلة بطل الإبراء إذا لم يعطه الخمسة حالا . ا هـ .
ثم اعلم أن الإبراء يصح تقييده بالشرط وليس هو تعليقا وعليه فروع كثيرة مذكورة في آخر كتاب الصلح وذكر الشارح هناك أن الإبراء يصح تقييده لا تعليقه ، والله تعالى أعلم . وهذا التقرير - إن شاء الله تعالى - من خواص هذا الشرح فاغتنمه واحفظ هذا التفصيل في الإبراء .
( قول المصنف والإبراء عن الدين إلخ ) قال بعض الفضلاء فيه أن الإبراء عن الدين ليس من مبادلة المال بالمال فينبغي أن لا يبطل بالشرط الفاسد وكونه معتبرا بالتمليكات لا يدل إلا على بطلان تعليقه بالشرط ولذلك فرعه عليه وعلى هذا فينبغي أن يذكر في القسم الثاني . ا هـ .
قلت : ويؤيده ما سنذكره عن النهر من مسألة الصلح لكن في الحواشي العزمية عن الإيضاح الإبراء عن الدين بالشرط الفاسد بأن nindex.php?page=treesubj&link=25109قال لمديونه أبرأت ذمتك عن ديني بشرط أن لي الخيار في رد الإبراء وتصحيحه في أي وقت شئت أو nindex.php?page=treesubj&link=25109قال إن دخلت الدار فقد أبرأتك . ا هـ .
أقول : ولو ثبت أنه لا يبطل بالشرط الفاسد فذكره هنا مناسب لدخوله تحت القاعدة الثانية وهي ما يبطل تعليقه بالشرط كما مر ( قوله لا يبرأ وهو مخاطرة ) لعل وجهه أن المخاطرة في موته مديونا وإلا فالموت محقق الوجود ويرد عليه أن ذلك موجود في التعليق على موت الدائن فإن فيه مخاطرة من حيث موته والدين في ذمة المديون والجواب أن التعليق على موته يجعل وصية والوصية يصح تعليقها بالشرط [ ص: 198 ] بخلاف التعليق على موت المدين فإنه إبراء محض فيبقى معلقا على ما فيه مخاطرة فلا يصح هذا ما ظهر لي فتأمله .
( قوله : كان مهرها على زوجها ) قال في النهر كان ينبغي أن يقال إن أجازت الورثة تصح لأن المانع من صحة الوصية كونه وارثا . ا هـ .
وتأمل قوله لأن المانع إلخ مع قول الخانية لأن هذه مخاطرة فإنه يقتضي عدم الصحة وإن لم يكن لها ورثة غيره لكن في مسألة الدين لم يجعل التعليق بموت الدائن مخاطرة بل جعل وصية فالظاهر أن مراده بالمخاطرة هنا كونه وقت الموت ممن تصح له الوصية بأن يطلقها ويصير أجنبيا أو تجيز الورثة الوصية وعليه فلا فرق بين الإجازة وعدمها تأمل . ( قوله : وفي البزازية من الدعوى قال المديون إلخ ) ومثله ما في جامع الفصولين لو nindex.php?page=treesubj&link=25100قال لغريمه إن كان لي عليك دين فقد أبرأتك وله عليه دين برئ إذا علق بشرط كائن فتنجز . ا هـ .
[ ص: 199 ] ( قوله لأنه إبراء معلق دلالة ) قال الرملي يعلم منه أن التعليق يكون بالدلالة ويتفرع على ذلك مسائل كثيرة فليحفظ ذلك .
( قوله : ثم اعلم أن الإبراء يصح تقييده إلخ ) قال في النهر واعلم أنه سيأتي في الصلح أنه لو nindex.php?page=treesubj&link=25101كان عليه ألف فقال أد إلي غدا نصفه على أنك بريء من الفضل ففعل برئ ، ولو قال إن أو إذا أو متى أديت لا يصح وفرق الشارح بينهما بأنه في الأول لم يعلق البراءة بصريح الشرط ، وإنما أتى بالتقييد وفي الثاني بصريحه وهي لا يحتمل التعليق بالشرط . ا هـ .
أقول : قد ذكر الشارح الزيلعي في الصلح من صور المسألة ما إذا nindex.php?page=treesubj&link=25101قال أبرأتك من خمسمائة من الألف على أن تعطيني خمسمائة غدا يبرأ مطلقا أدى خمسمائة في الغد أو لم يؤد لأن البراءة قد حصلت بالإطلاق أولا فلا تتغير بما يوجب الشك في آخره على ما ذكرنا في الفرق بين هذه المسألة والأولى أعني قوله أد غدا نصفه على أنك بريء من الفضل ففعل برئ وإلا لا وحاصل الفرق الذي ذكره بينهما أن كلمة " على " تكون للشرط كما تكون للمعاوضة فتحمل عليه عند تعذر المعاوضة والإبراء يجوز تقييده بالشرط وإن لم يجز تعليقه به فيحمل عليه بخلاف ما إذا قدم الإبراء لأنه برئ بالبداءة فلا يعود الدين بالشك وفي الأولى لم يبرأ في أوله وآخره معلق بشرط فلا يسقط الدين بالشك وهذا لأن كلمة على محتملة أن تكون للشرط فلا يبرأ إلا بالأداء وأن تكون للعوض فيبرأ مطلقا وحينئذ فلا يبرأ بالشك والاحتمال . ا هـ .
ولا يخفى أن هذا صريح أن الإبراء لا يبطل بالشرط وإنما يبطل بالتعليق . ( قوله : وهذا التقرير ) الذي تحصل منه أن الإبراء عن الدين لا يصح تعليقه إلا إذا علق بموت الدائن ولم يكن المديون وارثا أو علقه بأمر كائن أو بشرط متعارف وتحصل أيضا أنه لا يبطل بالشرط فهو مما دخل تحت القاعدة الثانية من كلام الماتن .
( قول المصنف والإبراء عن الدين إلخ ) قال بعض الفضلاء فيه أن الإبراء عن الدين ليس من مبادلة المال بالمال فينبغي أن لا يبطل بالشرط الفاسد وكونه معتبرا بالتمليكات لا يدل إلا على بطلان تعليقه بالشرط ولذلك فرعه عليه وعلى هذا فينبغي أن يذكر في القسم الثاني . ا هـ .
قلت : ويؤيده ما سنذكره عن النهر من مسألة الصلح لكن في الحواشي العزمية عن الإيضاح الإبراء عن الدين بالشرط الفاسد بأن nindex.php?page=treesubj&link=25109قال لمديونه أبرأت ذمتك عن ديني بشرط أن لي الخيار في رد الإبراء وتصحيحه في أي وقت شئت أو nindex.php?page=treesubj&link=25109قال إن دخلت الدار فقد أبرأتك . ا هـ .
أقول : ولو ثبت أنه لا يبطل بالشرط الفاسد فذكره هنا مناسب لدخوله تحت القاعدة الثانية وهي ما يبطل تعليقه بالشرط كما مر ( قوله لا يبرأ وهو مخاطرة ) لعل وجهه أن المخاطرة في موته مديونا وإلا فالموت محقق الوجود ويرد عليه أن ذلك موجود في التعليق على موت الدائن فإن فيه مخاطرة من حيث موته والدين في ذمة المديون والجواب أن التعليق على موته يجعل وصية والوصية يصح تعليقها بالشرط [ ص: 198 ] بخلاف التعليق على موت المدين فإنه إبراء محض فيبقى معلقا على ما فيه مخاطرة فلا يصح هذا ما ظهر لي فتأمله .
( قوله : كان مهرها على زوجها ) قال في النهر كان ينبغي أن يقال إن أجازت الورثة تصح لأن المانع من صحة الوصية كونه وارثا . ا هـ .
وتأمل قوله لأن المانع إلخ مع قول الخانية لأن هذه مخاطرة فإنه يقتضي عدم الصحة وإن لم يكن لها ورثة غيره لكن في مسألة الدين لم يجعل التعليق بموت الدائن مخاطرة بل جعل وصية فالظاهر أن مراده بالمخاطرة هنا كونه وقت الموت ممن تصح له الوصية بأن يطلقها ويصير أجنبيا أو تجيز الورثة الوصية وعليه فلا فرق بين الإجازة وعدمها تأمل . ( قوله : وفي البزازية من الدعوى قال المديون إلخ ) ومثله ما في جامع الفصولين لو nindex.php?page=treesubj&link=25100قال لغريمه إن كان لي عليك دين فقد أبرأتك وله عليه دين برئ إذا علق بشرط كائن فتنجز . ا هـ .
[ ص: 199 ] ( قوله لأنه إبراء معلق دلالة ) قال الرملي يعلم منه أن التعليق يكون بالدلالة ويتفرع على ذلك مسائل كثيرة فليحفظ ذلك .
( قوله : ثم اعلم أن الإبراء يصح تقييده إلخ ) قال في النهر واعلم أنه سيأتي في الصلح أنه لو nindex.php?page=treesubj&link=25101كان عليه ألف فقال أد إلي غدا نصفه على أنك بريء من الفضل ففعل برئ ، ولو قال إن أو إذا أو متى أديت لا يصح وفرق الشارح بينهما بأنه في الأول لم يعلق البراءة بصريح الشرط ، وإنما أتى بالتقييد وفي الثاني بصريحه وهي لا يحتمل التعليق بالشرط . ا هـ .
أقول : قد ذكر الشارح الزيلعي في الصلح من صور المسألة ما إذا nindex.php?page=treesubj&link=25101قال أبرأتك من خمسمائة من الألف على أن تعطيني خمسمائة غدا يبرأ مطلقا أدى خمسمائة في الغد أو لم يؤد لأن البراءة قد حصلت بالإطلاق أولا فلا تتغير بما يوجب الشك في آخره على ما ذكرنا في الفرق بين هذه المسألة والأولى أعني قوله أد غدا نصفه على أنك بريء من الفضل ففعل برئ وإلا لا وحاصل الفرق الذي ذكره بينهما أن كلمة " على " تكون للشرط كما تكون للمعاوضة فتحمل عليه عند تعذر المعاوضة والإبراء يجوز تقييده بالشرط وإن لم يجز تعليقه به فيحمل عليه بخلاف ما إذا قدم الإبراء لأنه برئ بالبداءة فلا يعود الدين بالشك وفي الأولى لم يبرأ في أوله وآخره معلق بشرط فلا يسقط الدين بالشك وهذا لأن كلمة على محتملة أن تكون للشرط فلا يبرأ إلا بالأداء وأن تكون للعوض فيبرأ مطلقا وحينئذ فلا يبرأ بالشك والاحتمال . ا هـ .
ولا يخفى أن هذا صريح أن الإبراء لا يبطل بالشرط وإنما يبطل بالتعليق . ( قوله : وهذا التقرير ) الذي تحصل منه أن الإبراء عن الدين لا يصح تعليقه إلا إذا علق بموت الدائن ولم يكن المديون وارثا أو علقه بأمر كائن أو بشرط متعارف وتحصل أيضا أنه لا يبطل بالشرط فهو مما دخل تحت القاعدة الثانية من كلام الماتن .