الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله ومشى قدامها ) أي بلا مشي لمتبعها أمامها ; لأن المشي خلفها أفضل عندنا للأحاديث الواردة باتباع الجنائز ، وقد نقل فعل السلف على الوجهين والترجيح بالمعنى فالشافعي يقول هم شفعاء والشفيع يتقدم ليمهد المقصود ونحن نقول هم مشيعون فيتأخرون والشفيع المتقدم هو الذي لا يستصحب المشفوع له في الشفاعة ، وما نحن فيه بخلافه بل قد ثبت شرعا إلزام تقديمه حالة الشفاعة له أعني حالة الصلاة فثبت شرعا عدم اعتبار ما اعتبره قالوا ويجوز المشي أمامها إلا أن يتباعد عنها أو يتقدم الكل فيكره ولا يمشي عن يمينها ، ولا عن شمالها وذكر الإسبيجابي ، ولا بأس بأن يذهب إلى صلاة الجنازة راكبا غير أنه يكره له التقدم أمام الجنازة بخلاف الماشي ا هـ .

                                                                                        وبهذا يضعف ما نقله ابن الملك في شرح المجمع معزيا إلى أبي يوسف فقال رأيت أبا حنيفة يتقدم الجنازة ، وهو راكب ثم قعد حتى تأتيه كذا في النوادر ا هـ .

                                                                                        وفي الظهيرية والمشي فيها أفضل من الركوب كصلاة الجمعة ، وفي الغاية اتباع الجنائز أفضل من النوافل إذا كان لجوار [ ص: 207 ] أو قرابة أو صلاح مشهور وإلا فالنوافل أفضل وينبغي لمن تبع جنازة أن يطيل الصمت ويكره رفع الصوت بالذكر وقراءة القرآن وغيرهما في الجنازة والكراهة فيها كراهة تحريم في فتاوى العصر وعند مجد الأئمة التركماني وقال علاء الدين الناصري ترك الأولى ا هـ .

                                                                                        وفي الظهيرية ، فإن أراد أن يذكر الله يذكره في نفسه لقوله تعالى { إنه لا يحب المعتدين } أي الجاهرين بالدعاء ، وعن إبراهيم أنه كان يكره أن يقول الرجل ، وهو يمشي معها استغفروا له غفر الله لكم ، وفي البدائع ، ولا ينبغي أن يرجع من يتبع جنازة حتى يصلي ; لأن الاتباع كان للصلاة عليها فلا يرجع قبل حصول المقصود ، ولا ينبغي للنساء أن يخرجن في الجنازة ; لأن { النبي صلى الله عليه وسلم نهاهن عن ذلك وقال انصرفن مأزورات غير مأجورات } ويكره النوح والصياح في الجنازة ومنزل الميت للنهي عنه فأما البكاء فلا بأس به ، وإن كان مع الجنازة نائحة أو صائحة زجرت ، فإن لم تنزجر فلا بأس بأن تتبع الجنازة ، ولا يمتنع لأجلها ; لأن الاتباع سنة فلا تترك ببدعة من غيره ا هـ .

                                                                                        وفي المجتبى قال البقالي إذا استمع إلى باكية ليلين فلا بأس إذا أمن الوقوع في الفتنة لاستماعه عليه الصلاة والسلام لبواكي حمزة ولا تتبع بنار في مجمرة ، ولا شمع ، ولا بأس بمرثية الميت شعرا كان أو غيره والتعزية للمصاب سنة للحديث { من عزى مصابا فله مثل أجره } قال البقالي ، ولا بأس بالجلوس للعزاء ثلاثة أيام في بيت أو مسجد ، وقد { جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قتل جعفر وزيد بن حارثة والناس يأتون ويعزونه } والتعزية في اليوم الأول أفضل والجلوس في المسجد ثلاثة أيام للتعزية مكروه ، وفي غيره جاءت الرخصة ثلاثة أيام للرجال وتركه أحسن ويكره للمعزي أن يعزي ثانيا ا هـ .

                                                                                        وهي كما في التبيين أن يقول أعظم الله أجرك وأحسن عزاك وغفر لميتك ، ولا بأس بالجلوس إليها ثلاثا من غير ارتكاب محظور من فرش البسط والأطعمة من أهل البيت ; لأنها تتخذ عند السرور ، ولا بأس بأن يتخذ لأهل الميت طعام ا هـ .

                                                                                        وفي الخانية ، وإن اتخذ ولي الميت طعاما للفقراء كان حسنا إذا كانوا بالغين ، وإن كان في الورثة صغير لم يتخذ ذلك من التركة ا هـ .

                                                                                        وفي الظهيرية ويكره الجلوس على باب الدار للتعزية ; لأنه عمل أهل الجاهلية ، وقد نهي عنه ، وما يصنع في بلاد العجم من فرش البسط والقيام على قوارع الطرق من أقبح القبائح ا هـ .

                                                                                        وفي التجنيس ويكره الإفراط في مدح الميت عند جنازته ; لأن الجاهلية كانوا يذكرون في ذلك ما هو شبه المحال وفيه قال عليه الصلاة والسلام { من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ، ولا تكنوا } ا هـ .

                                                                                        وفي القنية عن شداد أكره التعزية عند القبر ذكره في المجرد ا هـ .

                                                                                        وفي الظهيرية وهل يعذب الميت ببكاء أهله عليه فقال بعضهم يعذب لقوله عليه الصلاة والسلام { إن الميت ليعذب ببكاء أهله } وقال عامة العلماء لا يعذب لقوله تعالى { ولا تزر وازرة وزر أخرى } وتأويل الحديث أنهم في ذلك الزمان كانوا يوصون بالنوح عليهم فقال عليه الصلاة والسلام ذلك ا هـ .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله قالوا ويجوز المشي أمامها إلا أن يتباعد إلخ ) قال الرملي الظاهر أنها كراهة تنزيه ، وكذا ما بعده [ ص: 207 ] ( قوله والتعزية للمصاب سنة ) قال الرملي وتكره بعد ثلاثة أيام ; لأنه يجدد الحزن إلا أن يكون المعزي أو المعزى غائبا فلا بأس بها وهي بعد الدفن أفضل منها قبله ( قوله { فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا } ) قال الرملي قال في مختار الصحاح قلت قال الأزهري معناه قولوا له اعضض بأير أبيك ، ولا تكنوا عن الأير بالهن تأديبا له وتنكيلا ا هـ .




                                                                                        الخدمات العلمية