كتاب النكاح عن قال " كنت أمشي مع علقمة عبد الله بمنى فلقيه فقام معه يحدثه فقال له عثمان : عثمان أبا عبد الرحمن ألا نزوجك جارية شابة لعلها أن تذكرك ما مضى من زمانك ؟ فقال أما لئن قلت ذلك لقد قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج . يا
التالي
السابق
[ ص: 2 ] كتاب النكاح
(الحديث الأول)
عن قال علقمة عبد الله بمنى فلقيه فقام معه يحدثه فقال له عثمان : يا عثمان أبا عبد الرحمن ألا أزوجك جارية شابة لعلها أن تذكرك ما مضى من زمانك ، فقال : أما لئن قلت ذلك لقد قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء عبد الله (فيه) فوائد : (الأولى) أخرجه الأئمة الستة خلا " كنت أمشي مع من هذا الوجه من رواية الترمذي عن الأعمش إبراهيم عن . وفي رواية علقمة ذكر للنسائي معه أيضا وقال : إنه غير محفوظ وأخرجه الشيخان الأسود والترمذي من رواية والنسائي عن الأعمش عمارة بن عمير عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي عن فكان ابن مسعود للأعمش فيه إسنادان وقد كان واسع الرواية وليس هذا اختلافا عليه
ورواه من رواية النسائي أبي معشر عن إبراهيم عن قال كنت مع علقمة وهو عند ابن مسعود فقال عثمان : عثمان الحديث جعله من مسند خرج رسول الله [ ص: 3 ] صلى الله عليه وسلم على فتية فقال من كان منكم ذا طول فليتزوج والمعروف أنه من مسند عثمان . ابن مسعود
(الثانية) في قول عثمان لابن مسعود رضي الله عنهما لأزوجنك جارية شابة إلى آخره فيه وفيه استحباب استحباب عرض الصاحب هذا على صاحبه الذي ليست له زوجة بهذه الصفة وهو صالح للتزويج بها لأنها المحصلة لمقاصد النكاح فإنها ألذ استمتاعا وأطيب نكهة وأرغب في الاستمتاع الذي هو مقصود النكاح وأحسن عشرة وأفكه محادثة وأجمل منظرا وألين ملمسا وأقرب إلى أن يعودها زوجها الأخلاق التي يرتضيها وفي رواية جارية بكرا وهو دليل على استحباب نكاح الشابة وقد صرح به الفقهاء من أصحابنا وغيرهم . البكر وتفضيلها على الثيب
وقوله ( لعلها أن تذكرك ما مضى من زمانك) معناه تذكر بها ما مضى من نشاطك وقوة شبابك وغلمتك فإن ذلك ينعش البدن وفي رواية أخرى في الصحيح لعلها ترجع إليك ما كنت تعهد من نفسك ، وكان رضي الله عنه قد قلت رغبته في النساء إما للاشتغال بالعبادة وإما للسن وإما لمجموعهما فحركه عبد الله رضي الله عنه بذلك . عثمان
(الثالثة) قوله (يا معشر الشباب) قال أهل اللغة المعشر الطائفة الذين يشملهم وصف فالشباب معشر والشيوخ معشر والأنبياء معشر والنساء معشر وكذا ما أشبهه ، والشباب جمع شاب ويجمع أيضا على شبان بضم الشين وتشديد الباء وآخره نون ، وشبيبة والشاب عند أصحابنا هو من بلغ ولم يجاوز ثلاثين سنة وإنما خص الشباب بالمخاطبة ؛ لأن الغالب قوة الشهوة فيهم بخلاف الشيوخ والكهول لكن المعنى معتبر إذا وجد في حق هؤلاء أيضا .
(الرابعة) في الباءة أربع لغات حكاها وغيره الفصيحة المشهورة الباءة بالمد والهاء والثانية الباه بلا مد ، والثالثة الباء بالمد بلا هاء والرابعة الباهة بهاءين بلا مد وأصلها في اللغة الجماع مشتقة من المباءة وهو المنزل ومنه مباءة الإبل وهي مواطنها ثم قيل : لعقد النكاح باءة ؛ لأن من تزوج امرأة بوأها منزلا . القاضي عياض
(الخامسة) اختلف العلماء في هنا على قولين يرجعان إلى معنى واحد أصحهما أن المراد معناها اللغوي وهو الجماع فتقديره من استطاع منكم الجماع لقدرته على مؤنه ، وهي مؤن النكاح فليتزوج ومن لم يستطع الجماع لعجزه عن مؤنه فعليه بالصوم ليدفع [ ص: 4 ] شهوته ويقطع شر منيه كما يقطعه الوجاء وعلى هذا القول وقع الخطاب مع الشباب الذين هم مظنة شهوة النساء ولا يفكون عنها غالبا ، والقول الثاني أن المراد هنا بالباءة مؤن النكاح سميت باسم ما يلازمها وتقديره المراد بالباءة ومن لم يستطعها فليصم ليدفع شهوته والذي حمل القائلين بهذا على ذلك أنه عليه الصلاة والسلام قال ومن لم يستطع فعليه بالصوم . من استطاع منكم مؤن النكاح فليتزوج
والعاجز عن الجماع لا يحتاج إلى الصوم لدفع الشهوة فلذلك حملنا الباءة على المؤن وأجاب الأولون بما تقدم في القول الأول وهو أن تقديره ومن لم يستطع الجماع لعجزه عن مؤنه ، وهو محتاج إلى الجماع فعليه بالصوم ، والله أعلم .
(الحديث الأول)
عن قال علقمة عبد الله بمنى فلقيه فقام معه يحدثه فقال له عثمان : يا عثمان أبا عبد الرحمن ألا أزوجك جارية شابة لعلها أن تذكرك ما مضى من زمانك ، فقال : أما لئن قلت ذلك لقد قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء عبد الله (فيه) فوائد : (الأولى) أخرجه الأئمة الستة خلا " كنت أمشي مع من هذا الوجه من رواية الترمذي عن الأعمش إبراهيم عن . وفي رواية علقمة ذكر للنسائي معه أيضا وقال : إنه غير محفوظ وأخرجه الشيخان الأسود والترمذي من رواية والنسائي عن الأعمش عمارة بن عمير عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي عن فكان ابن مسعود للأعمش فيه إسنادان وقد كان واسع الرواية وليس هذا اختلافا عليه
ورواه من رواية النسائي أبي معشر عن إبراهيم عن قال كنت مع علقمة وهو عند ابن مسعود فقال عثمان : عثمان الحديث جعله من مسند خرج رسول الله [ ص: 3 ] صلى الله عليه وسلم على فتية فقال من كان منكم ذا طول فليتزوج والمعروف أنه من مسند عثمان . ابن مسعود
(الثانية) في قول عثمان لابن مسعود رضي الله عنهما لأزوجنك جارية شابة إلى آخره فيه وفيه استحباب استحباب عرض الصاحب هذا على صاحبه الذي ليست له زوجة بهذه الصفة وهو صالح للتزويج بها لأنها المحصلة لمقاصد النكاح فإنها ألذ استمتاعا وأطيب نكهة وأرغب في الاستمتاع الذي هو مقصود النكاح وأحسن عشرة وأفكه محادثة وأجمل منظرا وألين ملمسا وأقرب إلى أن يعودها زوجها الأخلاق التي يرتضيها وفي رواية جارية بكرا وهو دليل على استحباب نكاح الشابة وقد صرح به الفقهاء من أصحابنا وغيرهم . البكر وتفضيلها على الثيب
وقوله ( لعلها أن تذكرك ما مضى من زمانك) معناه تذكر بها ما مضى من نشاطك وقوة شبابك وغلمتك فإن ذلك ينعش البدن وفي رواية أخرى في الصحيح لعلها ترجع إليك ما كنت تعهد من نفسك ، وكان رضي الله عنه قد قلت رغبته في النساء إما للاشتغال بالعبادة وإما للسن وإما لمجموعهما فحركه عبد الله رضي الله عنه بذلك . عثمان
(الثالثة) قوله (يا معشر الشباب) قال أهل اللغة المعشر الطائفة الذين يشملهم وصف فالشباب معشر والشيوخ معشر والأنبياء معشر والنساء معشر وكذا ما أشبهه ، والشباب جمع شاب ويجمع أيضا على شبان بضم الشين وتشديد الباء وآخره نون ، وشبيبة والشاب عند أصحابنا هو من بلغ ولم يجاوز ثلاثين سنة وإنما خص الشباب بالمخاطبة ؛ لأن الغالب قوة الشهوة فيهم بخلاف الشيوخ والكهول لكن المعنى معتبر إذا وجد في حق هؤلاء أيضا .
(الرابعة) في الباءة أربع لغات حكاها وغيره الفصيحة المشهورة الباءة بالمد والهاء والثانية الباه بلا مد ، والثالثة الباء بالمد بلا هاء والرابعة الباهة بهاءين بلا مد وأصلها في اللغة الجماع مشتقة من المباءة وهو المنزل ومنه مباءة الإبل وهي مواطنها ثم قيل : لعقد النكاح باءة ؛ لأن من تزوج امرأة بوأها منزلا . القاضي عياض
(الخامسة) اختلف العلماء في هنا على قولين يرجعان إلى معنى واحد أصحهما أن المراد معناها اللغوي وهو الجماع فتقديره من استطاع منكم الجماع لقدرته على مؤنه ، وهي مؤن النكاح فليتزوج ومن لم يستطع الجماع لعجزه عن مؤنه فعليه بالصوم ليدفع [ ص: 4 ] شهوته ويقطع شر منيه كما يقطعه الوجاء وعلى هذا القول وقع الخطاب مع الشباب الذين هم مظنة شهوة النساء ولا يفكون عنها غالبا ، والقول الثاني أن المراد هنا بالباءة مؤن النكاح سميت باسم ما يلازمها وتقديره المراد بالباءة ومن لم يستطعها فليصم ليدفع شهوته والذي حمل القائلين بهذا على ذلك أنه عليه الصلاة والسلام قال ومن لم يستطع فعليه بالصوم . من استطاع منكم مؤن النكاح فليتزوج
والعاجز عن الجماع لا يحتاج إلى الصوم لدفع الشهوة فلذلك حملنا الباءة على المؤن وأجاب الأولون بما تقدم في القول الأول وهو أن تقديره ومن لم يستطع الجماع لعجزه عن مؤنه ، وهو محتاج إلى الجماع فعليه بالصوم ، والله أعلم .
(الثامنة) قد عرفت أن قوله : لعجزه عن المؤن أي مع توقانه إليه فهذا لا يؤمر بالنكاح بل يفهم من الحديث أنه يطلب منه تركه لكونه عليه الصلاة والسلام أرشد إلى ما ينافيه ويضعف دواعيه وهو الصوم وقد أجمع أصحابنا بأن من هذه صفته يستحب له ترك النكاح ، وزاد ومن لم يستطع أي مؤن النكاح أو نفس النكاح النووي في شرح فذكر أن النكاح له مكروه وهو أبلغ في طلب الترك ومقتضى كلام الحنابلة استحباب مسلم من غير اعتبار القدرة على المؤن ، وقد [ ص: 7 ] تقدمت عبارة النكاح للتائق ابن تيمية في المحرر في ذلك وكان شيخنا الإمام البلقيني رحمه الله يقول : الذي يدل له نص رحمه الله أنه إن كان تائقا استحب له وإلا فهو مباح لم يقل بأنه مستحب ولا مكروه وهي طريقة أكثر الشافعي العراقيين . انتهى .
وقال في الإحياء : من اجتمع له فوائد النكاح من النسل والتحصين وغيرهما وانتفت عنه آفاته من تخليط في الكسب وتقصير في حقهن استحب له وعكسه العزلة له أفضل فإن اجتمعا اجتهد وعمل بالراجح . الغزالي
(التاسعة) مقتضى ما تقرر أن الحديث لم يتناول غير التائق قادرا على المؤن كان أو عاجزا عنها فأما غير التائق فإنه مسكوت عنه في الحديث ويدخل تحته حالتان :
(إحداهما) أن يكون فهذا يكره له النكاح . عاجزا عن النكاح لعلة كهرم أو مرض دائم أو تعنين
(الثانية) أن لا يكون عاجزا وهذه الحالة يدخل تحتها صورتان :
(إحداهما) أن يكون فاقدا لمؤن النكاح فيكره له أيضا .
(الصورة الثانية) أن يقدر على المؤن فلا يكره له النكاح في هذه الصورة لكن التخلي للعبادة أفضل فإن لم يتعبد فالنكاح له أفضل ، هذا هو المشهور من مذهب وغيره وذهب الشافعي وبعض الشافعية والمالكية إلى أن النكاح له أفضل مطلقا وأطلق الحنابلة أن غير القادر إما خلقة أو لكبر أو غيره يكون النكاح في حقه مباحا ، وعن أبو حنيفة رواية أنه مستحب ، وقد اشتهر عن الشافعية أن النكاح ليس عبادة وعن الحنفية أنه عبادة ، واستثنى الإمام أحمد تقي الدين السبكي من الخلاف قال : فإنه عبادة قطعا قال : ومن فوائده نقل الشريعة المتعلقة بما لا يطلع عليه الرجال ونقل محاسنه الباطنة فإنه مكمل الظاهر والباطن . نكاح النبي صلى الله عليه وسلم
وقال في الإحياء : من اجتمع له فوائد النكاح من النسل والتحصين وغيرهما وانتفت عنه آفاته من تخليط في الكسب وتقصير في حقهن استحب له وعكسه العزلة له أفضل فإن اجتمعا اجتهد وعمل بالراجح . الغزالي
(التاسعة) مقتضى ما تقرر أن الحديث لم يتناول غير التائق قادرا على المؤن كان أو عاجزا عنها فأما غير التائق فإنه مسكوت عنه في الحديث ويدخل تحته حالتان :
(إحداهما) أن يكون فهذا يكره له النكاح . عاجزا عن النكاح لعلة كهرم أو مرض دائم أو تعنين
(الثانية) أن لا يكون عاجزا وهذه الحالة يدخل تحتها صورتان :
(إحداهما) أن يكون فاقدا لمؤن النكاح فيكره له أيضا .
(الصورة الثانية) أن يقدر على المؤن فلا يكره له النكاح في هذه الصورة لكن التخلي للعبادة أفضل فإن لم يتعبد فالنكاح له أفضل ، هذا هو المشهور من مذهب وغيره وذهب الشافعي وبعض الشافعية والمالكية إلى أن النكاح له أفضل مطلقا وأطلق الحنابلة أن غير القادر إما خلقة أو لكبر أو غيره يكون النكاح في حقه مباحا ، وعن أبو حنيفة رواية أنه مستحب ، وقد اشتهر عن الشافعية أن النكاح ليس عبادة وعن الحنفية أنه عبادة ، واستثنى الإمام أحمد تقي الدين السبكي من الخلاف قال : فإنه عبادة قطعا قال : ومن فوائده نقل الشريعة المتعلقة بما لا يطلع عليه الرجال ونقل محاسنه الباطنة فإنه مكمل الظاهر والباطن . نكاح النبي صلى الله عليه وسلم
(العاشرة) قوله فعليه بالصوم ، قال : فيه إغراء بالغائب ومن أصول النحويين أن لا يغري بغائب وقد جاء شاذا قول بعضهم : عليه رجلا ليسني على جهة الإغراء قال المازري : هذا الكلام موجود القاضي عياض لابن قتيبة والزجاجي ولكن فيه على قائله أغاليط ثلاثة .
(أولها) قوله : لا يجوز الإغراء بالغائب وصوابه إغراء الغائب ، فأما فجائز ، وهذا نص الإغراء بالغائب في هذا الحديث وكذا كلام أبي عبيدة ومن بعده من أئمة هذا الشأن و (ثانيها) عند قوله عليه رجلا ليسني من إغراء الغائب وقد جعله سيبويه [ ص: 8 ] سيبويه والسيرافي منه ورواه شاذا والذي عندي أنه ليس المراد بها حقيقة الإغراء وإن كانت صورته فلم يرد هذا القائل تبليغ هذا الغائب ولا أمره بإلزام غيره ، وإنما أراد الإخبار عن نفسه بقلة مبالاته بالغائب ، وأنه غير متأت له منه ما يريد فجاء بهذه الصورة ، يدل على ذلك ونحوه قولهم إليك عني أي اجعل شغلك بنفسك عني ولم يرد أن يغريه به وإنما مراده دعني وكن كمن شغل عني .
و (ثالثها) عدهم هذه اللفظة في الحديث من إغراء الغائب جملة والكلام كله للحضور الذين خاطبهم بقوله : من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنها هنا ليست للغائب وإنما هي لمن خص من الحاضرين بعدم الاستطاعة إذ لا يصح خطابه بكاف الخطاب لأنه لم يتعين منهم ولإبهامه بلفظة من وإن كان حاضرا وهذا كثير في القرآن كقوله تعالى يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى إلى قوله فمن عفي له من أخيه شيء وكقوله كتب عليكم الصيام إلى قوله فمن تطوع خيرا فهو خير له وكقوله ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها فهذه الهاءات كلها ضمائر للحاضر لا للغائب ومثله لو قلت لرجلين : من قام الآن منكما فله درهم فهذه الهاء لمن قام من الحاضرين . انتهى كلام القاضي وعد الحديث في هذا المثال من إغراء الغائب باعتبار اللفظ وإنكار القاضي ذلك باعتبار المعنى وأكثر كلام العرب باعتبار اللفظ .
(أولها) قوله : لا يجوز الإغراء بالغائب وصوابه إغراء الغائب ، فأما فجائز ، وهذا نص الإغراء بالغائب في هذا الحديث وكذا كلام أبي عبيدة ومن بعده من أئمة هذا الشأن و (ثانيها) عند قوله عليه رجلا ليسني من إغراء الغائب وقد جعله سيبويه [ ص: 8 ] سيبويه والسيرافي منه ورواه شاذا والذي عندي أنه ليس المراد بها حقيقة الإغراء وإن كانت صورته فلم يرد هذا القائل تبليغ هذا الغائب ولا أمره بإلزام غيره ، وإنما أراد الإخبار عن نفسه بقلة مبالاته بالغائب ، وأنه غير متأت له منه ما يريد فجاء بهذه الصورة ، يدل على ذلك ونحوه قولهم إليك عني أي اجعل شغلك بنفسك عني ولم يرد أن يغريه به وإنما مراده دعني وكن كمن شغل عني .
و (ثالثها) عدهم هذه اللفظة في الحديث من إغراء الغائب جملة والكلام كله للحضور الذين خاطبهم بقوله : من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنها هنا ليست للغائب وإنما هي لمن خص من الحاضرين بعدم الاستطاعة إذ لا يصح خطابه بكاف الخطاب لأنه لم يتعين منهم ولإبهامه بلفظة من وإن كان حاضرا وهذا كثير في القرآن كقوله تعالى يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى إلى قوله فمن عفي له من أخيه شيء وكقوله كتب عليكم الصيام إلى قوله فمن تطوع خيرا فهو خير له وكقوله ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها فهذه الهاءات كلها ضمائر للحاضر لا للغائب ومثله لو قلت لرجلين : من قام الآن منكما فله درهم فهذه الهاء لمن قام من الحاضرين . انتهى كلام القاضي وعد الحديث في هذا المثال من إغراء الغائب باعتبار اللفظ وإنكار القاضي ذلك باعتبار المعنى وأكثر كلام العرب باعتبار اللفظ .
(الحادية عشرة) فيه وذلك لما فيه من كسر الشهوة فإن شهوة النكاح تابعة لشهوة الأكل تقوى بقوتها وتضعف بضعفها وفيه أن الصوم بهذا القصد صحيح يثاب عليه . إرشاد التائق إلى النكاح العاجز عن مؤنه إلى الصوم
(الثانية عشرة) الوجاء بكسر الواو وبالجيم ممدود ، وحكى أبو العباس القرطبي عن بعضهم أنه قال : وجى بفتح الواو والقصر قال : وليس بشيء ؛ لأن ذلك هو الحفاء في ذوات الخف . انتهى .
والوجاء هو رض الخصيتين بحجر ونحوه وأصله الغمز والطعن ومنه وجأه في عنقه ووجأ بطنه بالخنجر ، وقال بعضهم : الوجاء أن توجأ العروق والخصيتان باقيتان بحالهما والخصاء شق الخصيتين واستئصالهما والجب أن تحمى السفرة ثم يستأصل بها الخصيتان وليس المراد هنا حقيقة الوجاء بل سمى الصوم وجاء ؛ لأنه يفعل فعله ويقوم مقامه فالمراد أنه يقطع الشهوة ويدفع شر الجماع كما يفعله الوجاء فهو من مجاز المشابهة المعنوية .
(الثانية عشرة) الوجاء بكسر الواو وبالجيم ممدود ، وحكى أبو العباس القرطبي عن بعضهم أنه قال : وجى بفتح الواو والقصر قال : وليس بشيء ؛ لأن ذلك هو الحفاء في ذوات الخف . انتهى .
والوجاء هو رض الخصيتين بحجر ونحوه وأصله الغمز والطعن ومنه وجأه في عنقه ووجأ بطنه بالخنجر ، وقال بعضهم : الوجاء أن توجأ العروق والخصيتان باقيتان بحالهما والخصاء شق الخصيتين واستئصالهما والجب أن تحمى السفرة ثم يستأصل بها الخصيتان وليس المراد هنا حقيقة الوجاء بل سمى الصوم وجاء ؛ لأنه يفعل فعله ويقوم مقامه فالمراد أنه يقطع الشهوة ويدفع شر الجماع كما يفعله الوجاء فهو من مجاز المشابهة المعنوية .
(الثالثة عشرة) [ ص: 9 ] قال : فيه جواز الخطابي ونحوها . التعالج لقطع الباءة بالأدوية
(قلت) لا يلزم من الإرشاد للصوم لكسر الشهوة الإرشاد لاستعمال ما يقطعها فإنه قد تحصل السعة ؛ لأن المال غاد ورائح فيجد شهوته ويتمكن من تحصيل مقاصد النكاح الدينية والدنيوية ، وإذا استعمل ما يقطعها فات ذلك ، وقد قال أصحابنا : إنه لا يكسرها بالكافور ونحوه فما ذكره ليس هو المنقول ولا يصح استنباطه من الحديث ، والله أعلم .
(الرابعة عشرة) قال وفيه أن الخطابي الوطء وأن الخيار في العنة واجب وقال المقصود في النكاح والدي رحمه الله : وما أدري ما وجه الدلالة فيه .
(قلت) قد وطأ له باستدلاله به أولا على أن المقصود في النكاح الوطء أي والعنة مفوتة لمقصوده ومقتضى ذلك تأثيرها فيه لكن تأثير الخيار بخصوصه يحتاج إلى دليل خاص ، وليس في هذا الحديث ما يدل عليه بالتعيين . والله أعلم .
(قلت) لا يلزم من الإرشاد للصوم لكسر الشهوة الإرشاد لاستعمال ما يقطعها فإنه قد تحصل السعة ؛ لأن المال غاد ورائح فيجد شهوته ويتمكن من تحصيل مقاصد النكاح الدينية والدنيوية ، وإذا استعمل ما يقطعها فات ذلك ، وقد قال أصحابنا : إنه لا يكسرها بالكافور ونحوه فما ذكره ليس هو المنقول ولا يصح استنباطه من الحديث ، والله أعلم .
(الرابعة عشرة) قال وفيه أن الخطابي الوطء وأن الخيار في العنة واجب وقال المقصود في النكاح والدي رحمه الله : وما أدري ما وجه الدلالة فيه .
(قلت) قد وطأ له باستدلاله به أولا على أن المقصود في النكاح الوطء أي والعنة مفوتة لمقصوده ومقتضى ذلك تأثيرها فيه لكن تأثير الخيار بخصوصه يحتاج إلى دليل خاص ، وليس في هذا الحديث ما يدل عليه بالتعيين . والله أعلم .