الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            وعن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد ويضرب مكان كل عقدة عليك ليلا طويلا فارقد فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة فإن توضأ انحلت عقدة فإن صلى انحلت عقدة فأصبح نشيطا طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان

                                                            التالي السابق


                                                            [ ص: 82 ] الحديث الثاني) وعن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد ويضرب مكان كل عقدة عليك ليلا طويلا فارقد فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة فإن توضأ انحلت عقدة فإن صلى انحلت عقدة فأصبح نشيطا طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان (فيه) فوائد :

                                                            (الأولى) أخرجه الأئمة الستة خلا الترمذي فرواه البخاري وأبو داود من طريق مالك ورواه مسلم والنسائي من طريق سفيان بن عيينة كلاهما عن أبي الزناد عنه ورواه ابن ماجه من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة بلفظ يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم بالليل بحبل فيه ثلاث عقد فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة فإذا قام فتوضأ انحلت عقدة فإذا قام إلى الصلاة انحلت عقده كلها فيصبح نشيطا طيب النفس قد أصاب خيرا وإن لم يفعل أصبح كسلا خبيث النفس لم يصب خيرا .

                                                            (الثانية) قال ابن عبد البر أما عقد الشيطان على قافية رأس ابن آدم إذا رقد فلا يوصل إلى كيفيته وأظنه مجازا كناية عن حبس الشيطان وتثبيطه للإنسان عن قيام الليل وعمل البر وقيل إنها كعقد السحر من قول الله النفاثات في العقد وقال ابن بطال قال المهلب قد فسر النبي صلى الله عليه وسلم معنى العقد وهو قوله عليك ليل طويل فارقد فكأنه يقولها إذا أراد النائم الاستيقاظ إلى حزبه فيعتقد في نفسه أنه بقيت من الليل بقية طويلة حتى يروم بذلك إتلاف ساعات ليله وتفويت حزبه فإذا ذكر الله انحلت عقدة أي علم إنه [ ص: 83 ] قد مر من الليل طويل وأنه لم يبق منه طويل فإذا قام فتوضأ استبان له ذلك أيضا وانحل ما كان عقد في نفسه من الغرور والاستدراج فإذا صلى واستقبل القبلة انحلت العقدة الثالثة لأنه لم يصغ إلى قوله ويئس الشيطان منه والقافية هي مؤخر الرأس وفيه العقل والفهم فعقده فيه إثباته في فهمه أنه بقي عليه ليل طويل ثم قال ابن بطال ورأيت لبعض من فسر هذا الحديث قال العقد الثلاث هي الأكل والشرب والنوم وقال ألا ترى أن من أكثر الأكل والشرب أنه يكثر نومه لذلك والله أعلم بصحة هذا التأويل وبما أراد عليه الصلاة والسلام من ذلك وقال النووي اختلف العلماء في هذه العقد فقيل هو عقد حقيقي بمعنى عقد السحر للإنسان ومنعه من القيام قال الله تعالى ومن شر النفاثات في العقد فعلى هذا هو قول يقوله يؤثر في تثبيط النائم كتأثير السحر وقيل يحتمل أن يكون فعلا يفعله كفعل النفاثات في العقد وقيل هو من عقد القلب وتصميمه فكأنه يوسوس في نفسه ويحدثه بأن عليك ليلا طويلا فتأخر عن القيام وقيل هو مجاز كني به عن تثبيط الشيطان عن قيام الليل انتهى .

                                                            وقال أبو العباس القرطبي بعد ذكره المعنى المحكي عن المهلب وإنما خص العقد بثلاث لأن أغلب ما يكون انتباه النائم في السحر فإن اتفق له أن يستيقظ ويرجع إلى النوم ثلاث مرات لم تنقض النومة الثالثة في الغالب إلا والفجر قد طلع انتهى .

                                                            وقال في النهاية أراد تثقيله في النوم وإطالته فكأنه قد شد عليه شدادا وعقده ثلاث عقد .

                                                            (الثالثة) الظاهر أن المراد بالشيطان هنا جنس الشيطان ولا يراد بذلك الشيطان الأكبر وهو إبليس .

                                                            (الرابعة) ذكر صاحب الصحاح والمحكم والمشارق والنهاية أن القافية القفا ثم قال في النهاية وقيل قافية الرأس مؤخره وقيل وسطه وقال النووي في شرح مسلم القافية آخر الرأس وقافية كل شيء آخره ومنه قافية الشعر وقال ابن بطال القافية مؤخر الرأس وفيه العقل والفهم .

                                                            (الخامسة) قوله ويضرب مكان كل عقدة ، لم أر من تعرض للكلام عليه ويحتمل وجهين .

                                                            (أحدهما) أن معناه أنه يضرب بيده على مكان العقد تأكيدا لها وإحكاما أو أن ذلك من تمام سحره وفي فعله ذلك خصوصية وله تأثير يعلمه هو .

                                                            (ثانيهما) أن الضرب هنا كناية عن [ ص: 84 ] حجاب يصنعه في ذلك الموضع يمنع وصول الحس إلى ذلك النائم حتى لا يستيقظ ومنه الحديث الآخر فضرب على آذانهم قالوا فيه هو كناية عن النوم ومعناه حجب الصوت والحس أن يلجا آذانهم فينتبهوا فكأنها قد ضرب عليها حجاب .

                                                            (السادسة) قوله عليك ليلا طويلا كذا هو في روايتنا من موطإ أبو مصعب بالنصب على الإغراء وقال النووي كذا هو في معظم نسخ بلادنا لصحيح مسلم وكذا نقله القاضي عن رواية الأكثرين ورواه بعضهم عليك ليل طويل بالرفع أي بقي عليك ليل طويل ورجح أبو العباس القرطبي هذه الرواية فقال روايتنا الصحيحة عليك ليل طويل على الابتداء والخبر ووقع في بعض الروايات عليك ليلا طويلا على الإغراء والأول أولى من جهة المعنى لأنه الأمكن في الغرور من حيث إنه يخبره عن طول الليل ثم يأمره بالرقاد بقوله فارقد وإذا نصب على الأغراء لم يكن فيه إلا الأمر بملازمة طول الرقاد وحينئذ يكون قوله فارقد ضائعا والله أعلم انتهى وعلى كل تقدير فهذه الجملة معمول لقول محذوف أي يقول الشيطان للنائم هذا الكلام ويحتمل أن يكون قوله ليلا طويلا منصوب على الظرف أي يضرب مكان كل عقدة في ليل طويل وقوله عليك يحتمل حينئذ أن يكون متعلقا بقوله يضرب ويحتمل أن يكون صفة لكل عقدة ويدل لهذا قوله في رواية النسائي يضرب على كل عقدة ليلا طويلا أي ارقد



                                                            (السابعة) فيه الحث على ذكر الله تعالى عند الاستيقاظ وجاءت فيه أذكار مخصوصة مشهورة في الصحيح منها حديث عبادة بن الصامت من تعار من الليل فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير الحمد لله وسبحان الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال اللهم اغفر لي أو دعا استجيب له فإن توضأ قبلت صلاته ولا يتعين لتحصيل هذا المقصود ذكر لكن الأذكار المأثورة فيه أفضل



                                                            (الثامنة) وفيه التحريض على الوضوء في هذه الحالة وهو كونه تنحل به إحدى عقد الشيطان وإن لم تنضم إليه في تلك الحالة صلاة .

                                                            (التاسعة) الظاهر أن التيمم بشرطه يقوم مقام الوضوء في ذلك .

                                                            (العاشرة) الظاهر أنه لو كان عليه غسل لم تنحل عقدة الشيطان بمجرد الوضوء حتى يغتسل لأنه [ ص: 85 ] لا يتمكن من الصلاة بمجرد الوضوء وإنما اقتصر على ذكر الوضوء في الحديث لأن الأصل عدم الجنابة .

                                                            (الحادية عشرة) قوله فإن صلى انحلت عقده روي بفتح القاف على الجمع وبإسكانها على الإفراد كاللتين قبلهما والأول هو المشهور وهو الذي ضبطناه عن شيخنا والدي رحمه الله ويدل له قوله في رواية مسلم العقد وقوله في رواية النسائي العقد كلها ونقل ` ابن عبد البر عن رواية يحيى بن يحيى الثاني وعلى الأول فالمراد أنه انحل بالصلاة تمام عقده فإنه قد انحل بالذكر والوضوء اثنان منها وما بقي إلا واحدة فإذا صلى انحلت تلك الواحدة وحصل حينئذ تمام انحلال المجموع وهو نظير قوله عليه الصلاة والسلام من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله ونظائره كثيرة .



                                                            (الثانية عشرة) فيه فضيلة الصلاة بالليل وإن قلت لكن هل يحصل انحلال عقدة الشيطان الأخيرة بمجرد الشروع في الصلاة أو بتمامها ؟ الظاهر الثاني فإنه لو أفسدها قبل تمامها لم يحصل بذلك غرض ورأيت والدي رحمه الله لما سئل عن الحكمة في افتتاح صلاة الليل بركعتين خفيفتين أجاب عن ذلك بأن الحكمة فيه استعجال حل عقد الشيطان وهو معنى حسن بديع ومقتضاه ما رجحته من أنه لا يحصل ذلك إلا بتمام الصلاة ولا يخدش في هذا المعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم منزه عن عقد الشيطان على قافيته لأنا نقول إنه عليه الصلاة والسلام فعل ذلك تشريعا لأمته ليقتدوا به فيحصل لهم هذا المقصود والله أعلم .



                                                            (الثالثة عشرة) بوب عليه البخاري في صحيحه باب عقد الشيطان على قافية الرأس إذا لم يصل بالليل ، وقد أنكر عليه المازري في ذلك وقال الذي في الحديث أنه يعقد على قافية رأسه وإن صلى بعده وإنما تنحل عقده بالذكر والوضوء والصلاة قال ويتأول كلام البخاري أنه أراد أن استدامة العقد إنما تكون على من ترك الصلاة وجعل من صلى وانحلت عقده كمن لا يعقد عليه لزوال أثره قلت ما أول عليه كلام البخاري واضح ويمكن حمله على وجه آخر وهو إن أراد أن الشيطان إنما يعقد على رأس من لم يصل العشاء فإن استيقظ وصلى العشاء انحلت العقد وإلا استمرت أما من صلى العشاء فقد قام بما عليه فلا يتسلط عليه الشيطان ولا [ ص: 86 ] يعقد على قافيته شيئا ويوافق ذلك أن الطحاوي حمل قوله عليه الصلاة والسلام فيمن نام ليله كله حتى أصبح ذاك رجل بال الشيطان في أذنه ، على أنه نام عن صلاة العشاء حتى انقضى الليل كله قال ابن عبد البر ويدل على ذلك أن من السلف قوما كانوا ينامون قبل العشاء ويصلونها في وقتها ثم حكى عن الحكم قال كانوا ينامون قبل صلاة العشاء وعن ابن عمر أنه كان يرقد قبل صلاة العشاء ويوكل من يوقظه .

                                                            وعن سرية لعلي رضي الله عنه أنه ربما أغفى قبل العشاء وروي إنه ما كانت نومة أحب إليه من نومة بعد العشاء قبل صلاة العشاء وذكر إباحة النوم قبل العشاء عن الأسود بن يزيد وعروة بن الزبير وعلي الأزدي وسعيد بن جبير وابن سيرين ذكره ابن أبي شيبة عنهم وهذا كله عنهم على أنهم كانوا يصلون العشاء في وقتها أو مع الجماعة انتهى كلام ابن عبد البر ويخالف هذا التأويل الذي ذكرته في كلام البخاري أنه أورد هذا الحديث في صلاة الليل وذلك مناف لحمله على صلاة العشاء والله أعلم .



                                                            (الرابعة عشرة) قال القاضي أبو بكر بن العربي اختلف الناس في صلاة الليل ومال البخاري إلى وجوبها وتعلق بقوله عليه الصلاة والسلام يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم الحديث قال ابن العربي وهذه العقدة تنحل بصلاته الصبح ويكون في ذمة الله كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بينت عائشة رضي الله عنها الأمر غاية البيان فقالت في صحيح مسلم إن قيام الليل منسوخ قالت عائشة فيه أن الله افترض قيام الليل في أول هذه السورة تعني المزمل فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم حولا وأمسك الله خاتمتها في السماء اثني عشر شهرا حتى أنزل الله تعالى في آخر السورة التخفيف فصار قيام الليل تطوعا بعد الفريضة انتهى .

                                                            وهنا أمور :

                                                            (أحدها) ما ادعاه ابن العربي على البخاري من ميله إلى الوجوب وتعلقه بهذا الحديث ليس كما ذكره فإن التبويب ليس فيه التصريح بذلك وقد أورد فيه حديثين أحدهما هذا الحديث ولا حجة فيه للوجوب فإن عقد الشيطان على رأس النائم لا ينسب إليه ولا يؤاخذ به فإنه ليس له فيه صنع ولا تسبب والحديث الآخر حديث سمرة : أما الذي يثلغ رأسه بالحجر فإنه يأخذ القرآن فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة وهذا لا تعلق له أيضا بصلاة الليل وقد صرح فيه بأن الذم على نومه عن الصلاة المكتوبة .

                                                            (ثانيها) ما ذكره ابن العربي [ ص: 87 ] من حمل الصلاة التي تنحل بها عقدة الشيطان على صلاة الصبح لا بأس به ويؤيده أن في رواية الإمام أحمد في مسنده فإن أصبح ولم يصل الصبح أصبح خبيث النفس الحديث ويوافق ذلك كلام ابن عبد البر فإنه قال : فيه الإخبار عن حال من لم يقم إلى صلاته وضيعها حتى خرج وقتها ثم قال أما من كانت عادته القيام إلى صلاته المكتوبة أو إلى نافلته من الليل فغلبته عينه فقد جاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه يكتب له أجر صلاته ونومه صدقة عليه وقال الله عز وجل الله يتوفى الأنفس حين موتها الآية وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله قبض أرواحنا ولو شاء لردها إلينا وقال له بلال أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك وفي هذا كله العذر البين والمخرج الواسع لمن غلبه نومه على صلاته ثم قال بعد ذلك إن الحديث ندب إلىقيام الليل والاستغفار بالأسحار وأقل أحواله أن يكون ندبا إلى أن لا يطلع الفجر على المؤمن إلا وقد ذكر الله وتأهب بالوضوء للصلاة انتهى .

                                                            وقد ظهر بذلك أنه قد حصل التردد في الصلاة المرادة في هذا الحديث هل هي العشاء أو الصبح أو تهجد الليل والله أعلم .

                                                            (ثالثها) أطلق ابن العربي الخلاف في وجوب صلاة الليل وقيد بعضهم القول بالوجوب بأهل القرآن فذكر الترمذي في جامعه عن إسحاق بن راهويه أنه قال إنما قيام الليل على أصحاب القرآن وروى محمد بن نصر المروزي في كتاب قيام الليل أنه قيل للحسن البصري ما يقول في رجل قد استظهر القرآن عن ظهر قلبه ولا يقوم به إنما يصلي المكتوبة فقال لعن الله ذاك ، إنما يتوسد القرآن قيل له قال الله فاقرءوا ما تيسر منه قال نعم ولو خمسين آية وقال محمد بن نصر المروزي ويقال لمن أوجب القيام بالليل فرضا بأقل أو أكثر احتجاجا بقوله تعالى فاقرءوا ما تيسر منه خبرنا عنه إذا لم يخف عليه ولم يتيسر أن يقرأ بشيء هل يوجب عليه أنه يتكلف ذلك إن لم يخف ويتيسر ؟ فإن قال نعم خالف ظاهر الكتاب وأوجب عليه ما لم يوجبه الله وإن قال لا يجب عليه تكلف ذلك إذا لم يتيسر ولم يخف فقد أسقط فرضه ولو كان فرضا لوجب عليه خف أو لم يخف كما قال انفروا خفافا وثقالا قال وقول ما تيسر يدل على أنه ندب واختيار وليس بفرض انتهى .

                                                            وقال ابن عبد البر

                                                            [ ص: 88 ] شدد بعض التابعين فأوجب قيام الليل ولو قدر حلب شاة والذي عليه جماعة العلماء أنه مندوب إليه .



                                                            (الخامسة عشرة) قال النووي في شرح مسلم قوله فأصبح نشيطا طيب النفس معناه لسروره بما وفقه الله الكريم له من الطاعة ووعده به من ثوابه مع ما يبارك له في نفسه وتصرفه في كل أموره مع ما زال عنه من عقد الشيطان وتثبيطه وقوله وإلا أصبح خبيث النفس كسلان معناه لما عليه من عقد الشيطان وآثار تثبيطه واستيلائه مع أنه لم يزل ذلك عنه وقال أبو العباس القرطبي نشيطا لما يرد عليه من العبادات لكونه ألفها طيب النفس لرجاء ثواب ما فعل وقوله خبيث النفس أي بشؤم تفريطه وتمام خديعة الشيطان له كسلان أي متثاقل عن الخيرات وربما يحمله ذلك على تضييع الواجبات انتهى وهو قريب من المعنى الذي ذكره النووي لكنه أحسن بيانا وإيضاحا .

                                                            (السادسة عشرة) كونه يصبح خبيث النفس كسلان ، هل يترتب على ترك كل واحدة من هذه الخصال التي هي الذكر والوضوء والصلاة فلا ينتفي عنه ذلك إلا بفعل الجميع أو يترتب على ترك المجموع حتى لو أتى ببعضه لا ينفي عنه خبث النفس والكسل قال النووي في شرح مسلم : ظاهر الحديث أن من لم يجمع بين الأمور الثلاثة وهي الذكر والوضوء والصلاة فهو داخل فيمن يصبح خبيث النفس كسلان انتهى .

                                                            وقد يقال إذا جمع بين الأمور الثلاثة انتفى عنه خبث النفس والكسل انتفاء كاملا وإذا أتى ببعضها انتفى عنه بعض خبث النفس والكسل بقدر ما أتى به منها فليس عند من استيقظ فذكر الله من خبث النفس والكسل ما عند من لم يذكر الله أصلا .

                                                            (السابعة عشرة) إن قلت كيف الجمع بين وصفه عليه الصلاة والسلام فاعل ذلك بأنه خبيث النفس وبين قوله عليه الصلاة والسلام لا يقل أحدكم خبثت نفسي ؟ قلت ذلك الحديث نهي الإنسان أن يقول هذا اللفظ عن نفسه وهذا إخبار عن صفة غيره .

                                                            (الثامنة عشرة) قوله كسلان غير منصرف للألف والنون المزيدتين وهو مذكر كسلى ووقع لبعض رواة الموطإ كسلانا مصروفا وليس بشيء .




                                                            الخدمات العلمية