الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في النية للصائم والوقت الذي يجب أن يؤتى بها فيه ولا تؤخر عنه، والوقت الذي يوسع أن يؤتى بها فيه

                                                                                                                                                                                        الصيام قربة تفتقر إلى نية كالصلاة وغيرها من القرب، والأصل في ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "... الأعمال بالنيات..." الحديث، فدخل في ذلك الصوم وغيره، وقوله: "ومن لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له" رواه النسائي، فلو ظل رجل سائر يومه لم يأكل ولم يشرب بغير نية لم يكن متقربا إلى الله سبحانه، ووقت النية موسع من غروب الشمس إلى طلوع الفجر.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا قدم النية قبل الغروب، أو أخرها حتى طلع الفجر، فقال مالك في مختصر ابن عبد الحكم: لا يجزئ الصوم إلا بنية قبل طلوع الفجر، وقال أبو محمد عبد الوهاب: قبل الفجر أو معه. وهو أحسن; لقول الله سبحانه: ... وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض... [الآية]. وإذا كان الأكل مباحا حتى يطلع الفجر، لم تجب النية إلا في الموضع الذي يجب فيه الإمساك، ولا فائدة في تقدمة النية قبل ذلك، إذا كان بعد النية يأكل حتى يطلع الفجر. [ ص: 733 ]

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم: لو كان يطأ فأقلع حين رأى الفجر صح صومه. وإذا كان كذلك فلا شك أن النية إنما تجب عند التلبس بالطاعة، وهو وقت الإمساك، والإمساك يجب عند رؤية الفجر، وفي كتاب الصوم من البخاري قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم، فإنه لا ينادي حتى يطلع الفجر" هذا نص قوله، وهو طبق القرآن، وإذا وردت النصوص بهذا لم يعارض بقياس، فيقال: إنه يجب أن يمسك جزءا من الليل، وأما تقدمة النية قبل الغروب فهو راجع إلى صفة الصوم.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية