الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              الآية الحادية والخمسون قوله تعالى { لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم } .

                                                                                                                                                                                                              فيها تسع مسائل :

                                                                                                                                                                                                              المسألة الأولى : في ثبوتها : اعلموا وفقكم الله أن هذه مسألة عظيمة القدر ، وذلك أن الرافضة كادت الإسلام بآيات وحروف نسبتها إلى القرآن لا يخفى على ذي بصيرة أنها من البهتان الذي نزغ به الشيطان ، وادعوا أنهم نقلوها وأظهروها حين كتمناها نحن ، وقالوا : إن الواحد يكفي في نقل الآية والحروف كما فعلتم ، فإنكم أثبتم آية بقول رجل واحد ، وهو خزيمة بن ثابت ، وهي قوله : { لقد جاءكم رسول من أنفسكم } ; وقوله : { من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه } .

                                                                                                                                                                                                              قلنا : إن القرآن لا يثبت إلا بنقل التواتر ، بخلاف السنة فإنها تثبت بنقل الآحاد .

                                                                                                                                                                                                              والمعنى فيه أن القرآن معجزة النبي صلى الله عليه وسلم الشاهدة بصدقه ، الدالة على نبوته ، فأبقاها الله على أمته ، وتولى حفظها بفضله ، حتى لا يزاد فيها ولا ينقص منها .

                                                                                                                                                                                                              والمعجزات إما أن تكون معاينة إن كانت فعلا ، وإما أن تثبت تواترا إن كانت قولا ، ليقع العلم بها ، أو تنقل صورة الفعل فيها أيضا نقلا متواترا حتى يقع العلم بها ، كأن السامع لها [ ص: 607 ] قد شاهدها ، حتى تنبني الرسالة على أمر مقطوع به ، بخلاف السنة ; فإن الأحكام يعمل فيها على خبر الواحد ; إذ ليس فيها معنى أكثر من التعبد .

                                                                                                                                                                                                              وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرسل كتبه مع الواحد ، ويأمر الواحد أيضا بتبليغ كلامه ، ويبعث الأمراء إلى البلاد وعلى السرايا ; وذلك لأن الأمر لو وقف فيها على التواتر لما حصل علم ، ولا تم حكم ، وقد بينا ذلك في أصول الفقه والدين .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية