الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة السادسة :

                                                                                                                                                                                                              روى الزهري عن عبيد الله بن أبي ثور عن ابن عباس قال : { سألت عمر بن الخطاب ، فقلت : يا أمير المؤمنين من المرأتان من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتان تظاهرتا عليه ، اللتان قال الله فيهما : { إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما } فقال : حفصة وعائشة . قال : ثم أخذ يسوق الحديث ، وذكر اعتزال النبي في المشربة قال : فأتيت غلاما أسود فقلت : استأذن لعمر . فدخل الغلام ثم خرج إلي . فقال : قد [ ص: 372 ] ذكرتك له ، فصمت . فرجعت فجلست إلى المنبر ثم غلبني ما أجد ، فرجعت إلى الغلام ، فقلت : استأذن لعمر ، فدخل ، ثم خرج ، فقال : قد ذكرتك له فصمت . قال : فوليت مدبرا فإذا الغلام يدعوني ، فقال : ادخل ، فقد أذن لك . فدخلت فسلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا هو متكئ على رمال حصير ، قد أثر في جنبه ، فقلت : يا رسول الله ; أطلقت نساءك ; فرفع إلي رأسه ، وقال : لا . فقلت : الله أكبر ، لو رأيتنا يا رسول الله وكنا معشر قريش نغلب النساء ، فلما قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم ; فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم فغضبت يوما علي امرأتي فطفقت تراجعني ، فأنكرت أن تراجعني فقالت : ما تنكر ، فوالله إن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليراجعنه ، وتهجره إحداهن يومها حتى الليل . فقلت : قد خاب من فعل ذلك منهن ، وخسر ، أتأمن إحداهن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله ، فإذا هي قد هلكت . فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخلت علي حفصة ، فقلت : لا يغررك أن كانت جاريتك هي أوسم وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك . فتبسم أخرى . فقلت : أستأنس يا رسول الله . قال : نعم فجلست فرفعت رأسي في البيت ، فوالله ما رأيت شيئا يرد البصر إلا أهبة ثلاثة ، وذكر الحديث . }

                                                                                                                                                                                                              قال الفقيه القاضي أبو بكر رضي الله عنه : ففي هذا الحديث أن عمر رجع من مرتين ، ولم ينتظر الثالثة . فهذا يدلك على أن كمال التعداد حق الذي يستأذن إن أراد استقصاءه وإلا تركه ، وفيه قوله بعد الدخول : أستأنس يا رسول الله ، وهذا من الأنس والتبسط ، لا من الإعلام الذي تقدم في الآية .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية