القول في
nindex.php?page=treesubj&link=28973_32416_32424_31941تأويل قوله تعالى ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=65ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت )
قال
أبو جعفر : يعني بقوله : ( ولقد علمتم ) ، ولقد عرفتم . كقولك :
[ ص: 167 ] قد علمت أخاك ولم أكن أعلمه " ، يعني عرفته ، ولم أكن أعرفه ، كما قال جل ثناؤه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=60وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم ) [ الأنفال : 60 ] ، يعني : لا تعرفونهم الله يعرفهم .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=65الذين اعتدوا منكم في السبت ) ، أي الذين تجاوزوا حدي ، وركبوا ما نهيتهم عنه في يوم السبت ، وعصوا أمري .
وقد دللت - فيما مضى - على أن " الاعتداء " ، أصله تجاوز الحد في كل شيء . بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .
قال
أبو جعفر : وهذه الآية وآيات بعدها تتلوها ، مما عدد جل ثناؤه فيها على بني إسرائيل - الذين كانوا بين خلال دور الأنصار زمان النبي صلى الله عليه وسلم ، الذين ابتدأ بذكرهم في أول هذه السورة من نكث أسلافهم عهد الله وميثاقه - ما كانوا يبرمون من العقود ، وحذر المخاطبين بها أن يحل بهم - بإصرارهم على كفرهم ، ومقامهم على جحود نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، وتركهم اتباعه والتصديق بما جاءهم به من عند ربه - مثل الذي حل بأوائلهم من المسخ والرجف والصعق ، وما لا قبل لهم به من غضب الله وسخطه . كالذي : -
1138 - حدثنا
أبو كريب قال ، حدثنا
عثمان بن سعيد قال ، حدثنا
بشر بن عمارة ، عن
أبي روق ، عن
الضحاك ، عن
ابن عباس : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=65ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت ) يقول : ولقد عرفتم . وهذا تحذير لهم من المعصية . يقول : احذروا أن يصيبكم ما أصاب أصحاب السبت ، إذ عصوني ، اعتدوا - يقول : اجترؤوا - في السبت . قال : لم يبعث الله نبيا إلا أمره بالجمعة ،
[ ص: 168 ] وأخبره بفضلها وعظمها في السموات وعند الملائكة ، وأن الساعة تقوم فيها . فمن اتبع الأنبياء فيما مضى كما اتبعت أمة
محمد صلى الله عليه وسلم
محمدا ، قبل الجمعة وسمع وأطاع ، وعرف فضلها وثبت عليها ، كما أمر الله تعالى به نبيه صلى الله عليه وسلم . ومن لم يفعل ذلك ، كان بمنزلة الذين ذكر الله في كتابه فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=65ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين ) . وذلك أن
اليهود قالت
لموسى - حين أمرهم بالجمعة ، وأخبرهم بفضلها - : يا
موسى ، كيف تأمرنا بالجمعة وتفضلها على الأيام كلها ، والسبت أفضل الأيام كلها ، لأن الله خلق السموات والأرض والأقوات في ستة أيام ، وسبت له كل شيء مطيعا يوم السبت ، وكان آخر الستة ؟ قال : وكذلك قالت النصارى
لعيسى ابن مريم - حين أمرهم بالجمعة - قالوا له : كيف تأمرنا بالجمعة وأول الأيام أفضلها وسيدها ، والأول أفضل ، والله واحد ، والواحد الأول أفضل ؟ فأوحى الله إلى
عيسى : أن دعهم والأحد ، ولكن ليفعلوا فيه كذا وكذا . - مما أمرهم به . فلم يفعلوا ، فقص الله تعالى قصصهم في الكتاب بمعصيتهم . قال : وكذلك قال الله
لموسى - حين قالت له
اليهود ما قالوا في أمر السبت - : أن دعهم والسبت ، فلا يصيدوا فيه سمكا ولا غيره ، ولا يعملوا شيئا كما قالوا . قال : فكان إذا كان السبت ظهرت الحيتان على الماء ، فهو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=163إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ) [ الأعراف : 163 ] ، يقول : ظاهرة على الماء ، ذلك لمعصيتهم
موسى - وإذا كان غير يوم السبت ، صارت صيدا كسائر الأيام فهو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=163ويوم لا يسبتون لا تأتيهم ) [ الأعراف : 163 ] . ففعلت الحيتان ذلك ما شاء الله . فلما رأوها كذلك ، طمعوا في أخذها وخافوا العقوبة ، فتناول بعضهم
[ ص: 169 ] منها فلم تمتنع عليه ، وحذر العقوبة التي حذرهم
موسى من الله تعالى . فلما رأوا أن العقوبة لا تحل بهم ، عادوا ، وأخبر بعضهم بعضا بأنهم قد أخذوا السمك ولم يصبهم شيء ، فكثروا في ذلك ، وظنوا أن ما قال لهم موسى كان باطلا . وهو قول الله جل ثناؤه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=65ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين ) - يقول : لهؤلاء الذين صادوا السمك - فمسخهم الله قردة بمعصيتهم . يقول : إذا لم يحيوا في الأرض إلا ثلاثة أيام . قال : ولم يعش مسخ قط فوق ثلاثة أيام ولم يأكل ولم يشرب ولم ينسل . وقد خلق الله القردة والخنازير وسائر الخلق في الستة الأيام التي ذكر الله في كتابه . فمسخ هؤلاء القوم في صورة القردة ، وكذلك يفعل بمن شاء ، كما يشاء ، ويحوله كما يشاء .
1139 - حدثنا
ابن حميد قال ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13655سلمة بن الفضل قال ، حدثنا
محمد بن إسحاق ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15855داود بن الحصين ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة مولى ابن عباس قال : قال
ابن عباس : إن الله إنما افترض على بني إسرائيل اليوم الذي افترض عليكم في عيدكم - يوم الجمعة - . فخالفوا إلى السبت فعظموه ، وتركوا ما أمروا به . فلما أبوا إلا لزوم السبت ، ابتلاهم الله فيه ، فحرم عليهم ما أحل لهم في غيره . وكانوا في قرية بين
أيلة والطور يقال لها "
مدين " . فحرم الله عليهم في السبت الحيتان : صيدها وأكلها . وكانوا إذا كان يوم السبت أقبلت إليهم شرعا إلى ساحل بحرهم ، حتى إذا ذهب السبت ذهبن ، فلم يروا حوتا صغيرا ولا كبيرا . حتى إذا كان يوم السبت أتين إليهم شرعا ، حتى إذا ذهب السبت ذهبن . فكانوا كذلك ، حتى إذا طال عليهم الأمد وقرموا إلى الحيتان ، عمد رجل منهم فأخذ حوتا سرا يوم السبت ، فخزمه بخيط ، ثم أرسله في الماء ، وأوتد له وتدا في الساحل فأوثقه ، ثم تركه . حتى إذا كان الغد ، جاء فأخذه - أي : إني لم آخذه في
[ ص: 170 ] يوم السبت - ثم انطلق به فأكله . حتى إذا كان يوم السبت الآخر ، عاد لمثل ذلك ، ووجد الناس ريح الحيتان ، فقال أهل القرية : والله لقد وجدنا ريح الحيتان ! ثم عثروا على صنيع ذلك الرجل . قال : ففعلوا كما فعل ، وأكلوا سرا زمانا طويلا لم يعجل الله عليهم بعقوبة ، حتى صادوها علانية وباعوها بالأسواق . وقالت طائفة منهم من أهل البقية : ويحكم ! اتقوا الله ! ونهوهم عما كانوا يصنعون . وقالت طائفة أخرى لم تأكل الحيتان ، ولم تنه القوم عما صنعوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=164لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون ) لسخطنا أعمالهم - ( ولعلهم يتقون ) [ الأعراف : 164 ] ، قال
ابن عباس : فبينما هم على ذلك ، أصبحت تلك البقية في أنديتهم ومساجدهم ، وفقدوا الناس فلا يرونهم . فقال بعضهم لبعض : إن للناس لشأنا ! فانظروا ما هو ! فذهبوا ينظرون في دورهم ، فوجدوها مغلقة عليهم ، قد دخلوا ليلا فغلقوها على أنفسهم ، كما يغلق الناس على أنفسهم ، فأصبحوا فيها قردة ، وإنهم ليعرفون الرجل بعينه وإنه لقرد ، والمرأة بعينها وإنها لقردة ، والصبي بعينه وإنه لقرد . قال : يقول
ابن عباس : فلولا ما ذكر الله أنه أنجى الذين نهوا عن السوء ، لقلنا أهلك الجميع منهم . قالوا : وهي القرية التي قال الله
لمحمد صلى الله عليه وسلم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=163واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر ) الآية [ الأعراف : 163 ] .
1140 - حدثنا
بشر قال ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17360يزيد بن زريع قال ، حدثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=65ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين فجعلناها نكالا )
[ ص: 171 ] ي : أحلت لهم الحيتان ، وحرمت عليهم يوم السبت بلاء من الله ، ليعلم من يطيعه ممن يعصيه . فصار القوم ثلاثة أصناف : فأما صنف فأمسك ونهى عن المعصية ، وأما صنف فأمسك عن حرمة الله ، وأما صنف فانتهك حرمة الله ومرد على المعصية . فلما أبوا إلا الاعتداء إلى ما نهوا عنه ، قال الله لهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=65كونوا قردة خاسئين ) فصاروا قردة لها أذناب ، تعاوى بعد ما كانوا رجالا ونساء .
1141 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا
عبد الرزاق قال ، أخبرنا
معمر ، عن
قتادة في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=65ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت ) ، قال : نهوا عن صيد الحيتان يوم السبت ، فكانت تشرع إليهم يوم السبت ، وبلوا بذلك ، فاعتدوا فاصطادوها ، فجعلهم الله قردة خاسئين .
1142 - حدثني
موسى قال ، حدثنا
عمرو قال ، حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=65ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين ) قال : فهم
أهل " أيلة " ، وهي القرية التي كانت حاضرة البحر ، فكانت الحيتان إذا كان يوم السبت - وقد حرم الله على
اليهود أن يعملوا في السبت شيئا - لم يبق في البحر حوت إلا خرج ، حتى يخرجن خراطيمهن من الماء . فإذا كان يوم الأحد لزمن سفل البحر فلم ير منهن شيء حتى يكون يوم السبت . فذلك قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=163واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم ) [ الأعراف : 163 ] ، فاشتهى بعضهم السمك ، فجعل الرجل يحفر الحفيرة ويجعل لها نهرا إلى البحر . فإذا كان يوم السبت فتح النهر ، فأقبل الموج بالحيتان يضربها حتى يلقيها في الحفيرة . ويريد الحوت أن يخرج ، فلا يطيق من أجل قلة ماء النهر ، فيمكث فيها . فإذا كان يوم الأحد جاء فأخذه . فجعل الرجل يشوي
[ ص: 172 ] السمك ، فيجد جاره ريحه ، فيسأله فيخبره ، فيصنع مثل ما صنع جاره . حتى إذا فشا فيهم أكل السمك ، قال لهم علماؤهم : ويحكم ! إنما تصطادون السمك يوم السبت وهو لا يحل لكم ! فقالوا : إنما صدناه يوم الأحد حين أخذناه ، فقال الفقهاء : لا ولكنكم صدتموه يوم فتحتم له الماء فدخل . فقالوا : لا ! وعتوا أن ينتهوا . فقال بعض الذين نهوهم لبعض : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=164لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا ) [ الأعراف : 164 ] ، يقول : لم تعظونهم ، وقد وعظتموهم فلم يطيعوكم ؟ فقال بعضهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=164معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون ) [ الأعراف : 164 ] . فلما أبوا قال المسلمون : والله لا نساكنكم في قرية واحدة . فقسموا القرية بجدار ، ففتح المسلمون بابا والمعتدون في السبت بابا ، ولعنهم
داود . فجعل المسلمون يخرجون من بابهم والكفار من بابهم . فخرج المسلمون ذات يوم ، ولم يفتح الكفار بابهم . فلما أبطئوا عليهم ، تسور المسلمون عليهم الحائط ، فإذا هم قردة يثب بعضهم على بعض ، ففتحوا عنهم ، فذهبوا في الأرض . فذلك قول الله عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=166فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين ) [ الأعراف : 166 ] ، فذلك حين يقول : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=78لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ) [ المائدة : 78 ] ، فهم القردة .
1143 - حدثني
محمد بن عمرو قال ، حدثنا
أبو عاصم قال ، حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=65الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين ) . قال : لم يمسخوا ، إنما هو مثل ضربه الله لهم ، مثل ما ضرب مثل الحمار يحمل أسفارا .
1144 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
أبو حذيفة قال ، حدثنا
شبل ، عن
[ ص: 173 ] ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=65ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين ) . قال : مسخت قلوبهم ، ولم يمسخوا قردة ، وإنما هو مثل ضربه الله لهم ، كمثل الحمار يحمل أسفارا .
قال
أبو جعفر : وهذا القول الذي قاله
مجاهد ، قول لظاهر ما دل عليه كتاب الله مخالف . وذلك أن الله أخبر في كتابه أنه جعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت ، كما أخبر عنهم أنهم قالوا لنبيهم : ( أرنا الله جهرة ) [ النساء : 153 ] ، وأن الله تعالى ذكره أصعقهم عند مسألتهم ذلك ربهم ، وأنهم عبدوا العجل ، فجعل توبتهم قتل أنفسهم ، وأنهم أمروا بدخول الأرض المقدسة فقالوا لنبيهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=24اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ) [ المائدة : 24 ] فابتلاهم بالتيه . فسواء قائل قال : هم لم يمسخهم قردة ، وقد أخبر جل ذكره أنه جعل منهم قردة وخنازير - وآخر قال : لم يكن شيء مما أخبر الله عن بني إسرائيل أنه كان منهم - من الخلاف على أنبيائهم ، والنكال والعقوبات التي أحلها الله بهم . ومن أنكر شيئا من ذلك وأقر بآخر منه ، سئل البرهان على قوله ، وعورض - فيما أنكر من ذلك - بما أقر به ، ثم يسأل الفرق من خبر مستفيض أو أثر صحيح .
هذا مع خلاف قول
مجاهد قول جميع الحجة التي لا يجوز عليها الخطأ والكذب فيما نقلته مجمعة عليه . وكفى دليلا على فساد قول ، إجماعها على تخطئته .
الْقَوْلُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28973_32416_32424_31941تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=65وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : يَعْنِي بِقَوْلِهِ : ( وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ) ، وَلَقَدْ عَرَفْتُمْ . كَقَوْلِكَ :
[ ص: 167 ] قَدْ عَلِمْتُ أَخَاكَ وَلَمْ أَكُنْ أَعْلَمُهُ " ، يَعْنِي عَرَفْتُهُ ، وَلَمْ أَكُنْ أَعْرِفُهُ ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=60وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ) [ الْأَنْفَالِ : 60 ] ، يَعْنِي : لَا تَعْرِفُونَهُمُ اللَّهُ يَعْرِفُهُمْ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=65الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ ) ، أَيِ الَّذِينَ تَجَاوَزُوا حَدِّي ، وَرَكِبُوا مَا نَهَيْتُهُمْ عَنْهُ فِي يَوْمِ السَّبْتِ ، وَعَصَوْا أَمْرِي .
وَقَدْ دَلَّلْتُ - فِيمَا مَضَى - عَلَى أَنَّ " الِاعْتِدَاءَ " ، أَصْلُهُ تَجَاوُزُ الْحَدِّ فِي كُلِّ شَيْءٍ . بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذِهِ الْآيَةُ وَآيَاتٌ بَعْدَهَا تَتْلُوهَا ، مِمَّا عَدَّدَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِيهَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ - الَّذِينَ كَانُوا بَيْنَ خِلَالِ دُورِ الْأَنْصَارِ زَمَانَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، الَّذِينَ ابْتَدَأَ بِذِكْرِهِمْ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ مِنْ نَكْثِ أَسْلَافِهِمْ عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ - مَا كَانُوا يُبْرِمُونَ مِنَ الْعُقُودِ ، وَحَذَّرَ الْمُخَاطَبِينَ بِهَا أَنْ يَحِلَّ بِهِمْ - بِإِصْرَارِهِمْ عَلَى كُفْرِهِمْ ، وَمَقَامِهِمْ عَلَى جُحُودِ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَتَرْكِهِمُ اتِّبَاعَهُ وَالتَّصْدِيقِ بِمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ - مِثْلُ الَّذِي حَلَّ بِأَوَائِلِهِمْ مِنَ الْمَسْخِ وَالرَّجْفِ وَالصَّعْقِ ، وَمَا لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ وَسَخَطِهِ . كَالَّذِي : -
1138 - حَدَّثَنَا
أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ ، حَدَّثَنَا
عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ ، حَدَّثَنَا
بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ ، عَنْ
أَبِي رَوْقٍ ، عَنِ
الضَّحَّاكِ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=65وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ ) يَقُولُ : وَلَقَدْ عَرَفْتُمْ . وَهَذَا تَحْذِيرٌ لَهُمْ مِنَ الْمَعْصِيَةِ . يَقُولُ : احْذَرُوا أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَ أَصْحَابَ السَّبْتِ ، إِذْ عَصَوْنِي ، اعْتَدَوْا - يَقُولُ : اجْتَرَؤُوا - فِي السَّبْتِ . قَالَ : لَمْ يَبْعَثِ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا أَمَرَهُ بِالْجُمُعَةِ ،
[ ص: 168 ] وَأَخْبَرَهُ بِفَضْلِهَا وَعَظَّمَهَا فِي السَّمَوَاتِ وَعِنْدَ الْمَلَائِكَةِ ، وَأَنَّ السَّاعَةَ تَقُومُ فِيهَا . فَمَنِ اتَّبَعَ الْأَنْبِيَاءَ فِيمَا مَضَى كَمَا اتَّبَعَتْ أُمَّةُ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مُحَمَّدًا ، قَبِلَ الْجُمُعَةَ وَسَمِعَ وَأَطَاعَ ، وَعَرَفَ فَضْلَهَا وَثَبَتَ عَلَيْهَا ، كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ، كَانَ بِمَنْزِلَةِ الَّذِينَ ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=65وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ ) . وَذَلِكَ أَنَّ
الْيَهُودَ قَالَتْ
لِمُوسَى - حِينَ أَمَرَهُمْ بِالْجُمُعَةِ ، وَأَخْبَرَهُمْ بِفَضْلِهَا - : يَا
مُوسَى ، كَيْفَ تَأْمُرُنَا بِالْجُمُعَةِ وَتُفَضِّلُهَا عَلَى الْأَيَّامِ كُلِّهَا ، وَالسَّبْتُ أَفْضَلُ الْأَيَّامِ كُلِّهَا ، لِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَالْأَقْوَاتَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ، وَسَبَتَ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ مُطِيعًا يَوْمَ السَّبْتِ ، وَكَانَ آخِرَ السِّتَّةِ ؟ قَالَ : وَكَذَلِكَ قَالَتِ النَّصَارَى
لِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ - حِينَ أَمَرَهُمْ بِالْجُمُعَةِ - قَالُوا لَهُ : كَيْفَ تَأْمُرُنَا بِالْجُمُعَةِ وَأَوَّلُ الْأَيَّامِ أَفْضَلُهَا وَسَيِّدُهَا ، وَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ ، وَاللَّهُ وَاحِدٌ ، وَالْوَاحِدُ الْأَوَّلُ أَفْضَلُ ؟ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى
عِيسَى : أَنْ دَعْهُمْ وَالْأَحَدَ ، وَلَكِنْ لِيَفْعَلُوا فِيهِ كَذَا وَكَذَا . - مِمَّا أَمَرَهُمْ بِهِ . فَلَمْ يَفْعَلُوا ، فَقَصَّ اللَّهُ تَعَالَى قَصَصَهُمْ فِي الْكِتَابِ بِمَعْصِيَتِهِمْ . قَالَ : وَكَذَلِكَ قَالَ اللَّهُ
لِمُوسَى - حِينَ قَالَتْ لَهُ
الْيَهُودُ مَا قَالُوا فِي أَمْرِ السَّبْتِ - : أَنْ دَعْهُمْ وَالسَّبْتَ ، فَلَا يَصِيدُوا فِيهِ سَمَكًا وَلَا غَيْرَهُ ، وَلَا يَعْمَلُوا شَيْئًا كَمَا قَالُوا . قَالَ : فَكَانَ إِذَا كَانَ السَّبْتُ ظَهَرَتِ الْحِيتَانُ عَلَى الْمَاءِ ، فَهُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=163إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا ) [ الْأَعْرَافِ : 163 ] ، يَقُولُ : ظَاهِرَةٌ عَلَى الْمَاءِ ، ذَلِكَ لِمَعْصِيَتِهِمْ
مُوسَى - وَإِذَا كَانَ غَيْرُ يَوْمِ السَّبْتِ ، صَارَتْ صَيْدًا كَسَائِرِ الْأَيَّامِ فَهُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=163وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ ) [ الْأَعْرَافِ : 163 ] . فَفَعَلَتِ الْحِيتَانُ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ . فَلَمَّا رَأَوْهَا كَذَلِكَ ، طَمِعُوا فِي أَخْذِهَا وَخَافُوا الْعُقُوبَةَ ، فَتَنَاوَلَ بَعْضُهُمْ
[ ص: 169 ] مِنْهَا فَلَمْ تَمْتَنِعْ عَلَيْهِ ، وَحَذِرَ الْعُقُوبَةَ الَّتِي حَذَّرَهُمْ
مُوسَى مِنَ اللَّهِ تَعَالَى . فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّ الْعُقُوبَةَ لَا تَحِلُّ بِهِمْ ، عَادُوا ، وَأَخْبَرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِأَنَّهُمْ قَدْ أَخَذُوا السَّمَكَ وَلَمْ يُصِبْهُمْ شَيْءٌ ، فَكَثَّرُوا فِي ذَلِكَ ، وَظَنُّوا أَنَّ مَا قَالَ لَهُمْ مُوسَى كَانَ بَاطِلًا . وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=65وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ ) - يَقُولُ : لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ صَادُوا السَّمَكَ - فَمَسَخَهُمُ اللَّهُ قِرَدَةً بِمَعْصِيَتِهِمْ . يَقُولُ : إِذًا لَمْ يُحْيَوْا فِي الْأَرْضِ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ . قَالَ : وَلَمْ يَعِشْ مَسْخٌ قَطُّ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ وَلَمْ يَنْسِلْ . وَقَدْ خَلَقَ اللَّهُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَسَائِرَ الْخَلْقِ فِي السِّتَّةِ الْأَيَّامِ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ . فَمُسِخَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ فِي صُورَةِ الْقِرَدَةِ ، وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ بِمَنْ شَاءَ ، كَمَا يَشَاءُ ، وَيُحَوِّلُهُ كَمَا يَشَاءُ .
1139 - حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13655سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15855دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16584عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : إِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا افْتَرَضَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ الْيَوْمَ الَّذِي افْتَرَضَ عَلَيْكُمْ فِي عِيدِكُمْ - يَوْمَ الْجُمُعَةِ - . فَخَالَفُوا إِلَى السَّبْتِ فَعَظَّمُوهُ ، وَتَرَكُوا مَا أُمِرُوا بِهِ . فَلَمَّا أَبَوْا إِلَّا لُزُومَ السَّبْتِ ، ابْتَلَاهُمُ اللَّهُ فِيهِ ، فَحَرَّمَ عَلَيْهِمْ مَا أَحَلَّ لَهُمْ فِي غَيْرِهِ . وَكَانُوا فِي قَرْيَةٍ بَيْنَ
أَيْلَةَ وَالطُّورِ يُقَالُ لَهَا "
مَدْيَنُ " . فَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فِي السَّبْتِ الْحِيتَانَ : صَيْدَهَا وَأَكْلَهَا . وَكَانُوا إِذَا كَانَ يَوْمُ السَّبْتِ أَقْبَلَتْ إِلَيْهِمْ شُرَّعًا إِلَى سَاحِلِ بَحْرِهِمْ ، حَتَّى إِذَا ذَهَبَ السَّبْتُ ذَهَبْنَ ، فَلَمْ يَرَوْا حُوتًا صَغِيرًا وَلَا كَبِيرًا . حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ السَّبْتِ أَتَيْنَ إِلَيْهِمْ شُرَّعًا ، حَتَّى إِذَا ذَهَبَ السَّبْتُ ذَهَبْنَ . فَكَانُوا كَذَلِكَ ، حَتَّى إِذَا طَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ وَقَرِمُوا إِلَى الْحِيتَانِ ، عَمَدَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَأَخَذَ حُوتًا سِرًّا يَوْمَ السَّبْتِ ، فَخَزَمَهُ بِخَيْطٍ ، ثُمَّ أَرْسَلَهُ فِي الْمَاءِ ، وَأَوْتَدَ لَهُ وَتَدًا فِي السَّاحِلِ فَأَوْثَقَهُ ، ثُمَّ تَرَكَهُ . حَتَّى إِذَا كَانَ الْغَدُ ، جَاءَ فَأَخَذَهُ - أَيْ : إِنِّي لَمْ آخُذْهُ فِي
[ ص: 170 ] يَوْمِ السَّبْتِ - ثُمَّ انْطَلَقَ بِهِ فَأَكَلَهُ . حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ السَّبْتِ الْآخَرِ ، عَادَ لِمِثْلِ ذَلِكَ ، وَوَجَدَ النَّاسُ رِيحَ الْحِيتَانِ ، فَقَالَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ : وَاللَّهِ لَقَدْ وَجَدْنَا رِيحَ الْحِيتَانِ ! ثُمَّ عَثَرُوا عَلَى صَنِيعِ ذَلِكَ الرَّجُلِ . قَالَ : فَفَعَلُوا كَمَا فَعَلَ ، وَأَكَلُوا سِرًّا زَمَانًا طَوِيلًا لَمْ يُعَجِّلِ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِعُقُوبَةٍ ، حَتَّى صَادُوهَا عَلَانِيَةً وَبَاعُوهَا بِالْأَسْوَاقِ . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبَقِيَّةِ : وَيْحَكُمُ ! اتَّقُوا اللَّهَ ! وَنَهَوْهُمْ عَمَّا كَانُوا يَصْنَعُونَ . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ تَأْكُلِ الْحِيتَانَ ، وَلَمْ تَنْهَ الْقَوْمَ عَمَّا صَنَعُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=164لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) لِسُخْطِنَا أَعْمَالَهُمْ - ( وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) [ الْأَعْرَافُ : 164 ] ، قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ ، أَصْبَحَتْ تِلْكَ الْبَقِيَّةُ فِي أَنْدِيَتِهِمْ وَمَسَاجِدِهِمْ ، وَفَقَدُوا النَّاسَ فَلَا يَرَوْنَهُمْ . فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : إِنَّ لِلنَّاسِ لَشَأْنًا ! فَانْظُرُوا مَا هُوَ ! فَذَهَبُوا يَنْظُرُونَ فِي دُورِهِمْ ، فَوَجَدُوهَا مُغْلَقَةً عَلَيْهِمْ ، قَدْ دَخَلُوا لَيْلًا فَغَلَّقُوهَا عَلَى أَنْفُسِهِمْ ، كَمَا يُغْلِقُ النَّاسُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ، فَأَصْبَحُوا فِيهَا قِرَدَةً ، وَإِنَّهُمْ لَيَعْرِفُونَ الرَّجُلَ بِعَيْنِهِ وَإِنَّهُ لَقِرْدٌ ، وَالْمَرْأَةَ بِعَيْنِهَا وَإِنَّهَا لَقِرْدَةٌ ، وَالصَّبِيَّ بِعَيْنِهِ وَإِنَّهُ لَقِرْدٌ . قَالَ : يَقُولُ
ابْنُ عَبَّاسٍ : فَلَوْلَا مَا ذَكَرَ اللَّهُ أَنَّهُ أَنْجَى الَّذِينَ نَهَوْا عَنِ السُّوءِ ، لَقُلْنَا أَهْلَكَ الْجَمِيعَ مِنْهُمْ . قَالُوا : وَهِيَ الْقَرْيَةُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ
لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=163وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ ) الْآيَةَ [ الْأَعْرَافُ : 163 ] .
1140 - حَدَّثَنَا
بِشْرٌ قَالَ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17360يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ ، حَدَّثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=65وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا )
[ ص: 171 ] ي : أُحِلَّتْ لَهُمُ الْحِيتَانُ ، وَحُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ يَوْمَ السَّبْتِ بَلَاءً مِنَ اللَّهِ ، لِيَعْلَمَ مَنْ يُطِيعُهُ مِمَّنْ يَعْصِيهِ . فَصَارَ الْقَوْمُ ثَلَاثَةَ أَصْنَافٍ : فَأَمَّا صِنْفٌ فَأَمْسَكَ وَنَهَى عَنِ الْمَعْصِيَةِ ، وَأَمَّا صِنْفٌ فَأَمْسَكَ عَنْ حُرْمَةِ اللَّهِ ، وَأَمَّا صِنْفٌ فَانْتَهَكَ حُرْمَةَ اللَّهِ وَمَرَدَ عَلَى الْمَعْصِيَةِ . فَلَمَّا أَبَوْا إِلَّا الِاعْتِدَاءَ إِلَى مَا نُهُوا عَنْهُ ، قَالَ اللَّهُ لَهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=65كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ ) فَصَارُوا قِرَدَةً لَهَا أَذْنَابٌ ، تَعَاوَى بَعْدَ مَا كَانُوا رِجَالًا وَنِسَاءً .
1141 - حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ ، أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ ، أَخْبَرَنَا
مَعْمَرٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=65وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ ) ، قَالَ : نُهُوا عَنْ صَيْدِ الْحِيتَانِ يَوْمَ السَّبْتِ ، فَكَانَتْ تَشْرَعُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ السَّبْتِ ، وَبُلُوا بِذَلِكَ ، فَاعْتَدَوْا فَاصْطَادُوهَا ، فَجَعَلَهُمُ اللَّهُ قِرَدَةً خَاسِئِينَ .
1142 - حَدَّثَنِي
مُوسَى قَالَ ، حَدَّثَنَا
عَمْرٌو قَالَ ، حَدَّثَنَا
أَسْبَاطٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=65وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ ) قَالَ : فَهُمْ
أَهْلُ " أَيْلَةَ " ، وَهِيَ الْقَرْيَةُ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ ، فَكَانَتِ الْحِيتَانُ إِذَا كَانَ يَوْمُ السَّبْتِ - وَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى
الْيَهُودِ أَنْ يَعْمَلُوا فِي السَّبْتِ شَيْئًا - لَمْ يَبْقَ فِي الْبَحْرِ حُوتٌ إِلَّا خَرَجَ ، حَتَّى يُخْرِجْنَ خَرَاطِيمَهُنَّ مِنَ الْمَاءِ . فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْأَحَدِ لَزِمْنَ سُفْلَ الْبَحْرِ فَلَمْ يُرَ مِنْهُنَّ شَيْءٌ حَتَّى يَكُونَ يَوْمُ السَّبْتِ . فَذَلِكَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=163وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ ) [ الْأَعْرَافُ : 163 ] ، فَاشْتَهَى بَعْضُهُمُ السَّمَكَ ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَحْفِرُ الْحَفِيرَةَ وَيَجْعَلُ لَهَا نَهَرًا إِلَى الْبَحْرِ . فَإِذَا كَانَ يَوْمُ السَّبْتِ فَتْحَ النَّهْرَ ، فَأَقْبَلَ الْمَوْجُ بِالْحِيتَانِ يَضْرِبُهَا حَتَّى يُلْقِيَهَا فِي الْحَفِيرَةِ . وَيُرِيدُ الْحُوتُ أَنْ يَخْرُجَ ، فَلَا يُطِيقُ مِنْ أَجْلِ قِلَّةِ مَاءِ النَّهْرِ ، فَيَمْكُثُ فِيهَا . فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْأَحَدِ جَاءَ فَأَخَذَهُ . فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَشْوِي
[ ص: 172 ] السَّمَكَ ، فَيَجِدُ جَارُهُ رِيحَهُ ، فَيَسْأَلُهُ فَيُخْبِرُهُ ، فَيَصْنَعُ مِثْلَ مَا صَنَعَ جَارُهُ . حَتَّى إِذَا فَشَا فِيهِمْ أَكْلُ السَّمَكِ ، قَالَ لَهُمْ عُلَمَاؤُهُمْ : وَيْحَكُمْ ! إِنَّمَا تَصْطَادُونَ السَّمَكَ يَوْمَ السَّبْتِ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَكُمْ ! فَقَالُوا : إِنَّمَا صِدْنَاهُ يَوْمَ الْأَحَدِ حِينَ أَخَذْنَاهُ ، فَقَالَ الْفُقَهَاءُ : لَا وَلَكِنَّكُمْ صِدْتُمُوهُ يَوْمَ فَتَحْتُمْ لَهُ الْمَاءَ فَدَخَلَ . فَقَالُوا : لَا ! وَعَتَوْا أَنْ يَنْتَهُوا . فَقَالَ بَعْضُ الَّذِينَ نَهَوْهُمْ لِبَعْضٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=164لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ) [ الْأَعْرَافُ : 164 ] ، يَقُولُ : لِمَ تَعِظُونَهُمْ ، وَقَدْ وَعَظْتُمُوهُمْ فَلَمْ يُطِيعُوكُمْ ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=164مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) [ الْأَعْرَافُ : 164 ] . فَلَمَّا أَبَوْا قَالَ الْمُسْلِمُونَ : وَاللَّهِ لَا نُسَاكِنُكُمْ فِي قَرْيَةٍ وَاحِدَةٍ . فَقَسَمُوا الْقَرْيَةَ بِجِدَارٍ ، فَفَتَحَ الْمُسْلِمُونَ بَابًا وَالْمُعْتَدُونَ فِي السَّبْتِ بَابًا ، وَلَعَنَهُمْ
دَاوُدُ . فَجَعَلَ الْمُسْلِمُونَ يَخْرُجُونَ مِنْ بَابِهِمْ وَالْكُفَّارُ مِنْ بَابِهِمْ . فَخَرَجَ الْمُسْلِمُونَ ذَاتَ يَوْمٍ ، وَلَمْ يَفْتَحِ الْكُفَّارُ بَابَهُمْ . فَلَمَّا أَبْطَئُوا عَلَيْهِمْ ، تَسَوَّرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِمُ الْحَائِطَ ، فَإِذَا هُمْ قِرَدَةٌ يَثِبُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ، فَفَتَحُوا عَنْهُمْ ، فَذَهَبُوا فِي الْأَرْضِ . فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=166فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ ) [ الْأَعْرَافُ : 166 ] ، فَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=78لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ) [ الْمَائِدَةُ : 78 ] ، فَهُمُ الْقِرَدَةُ .
1143 - حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ ، حَدَّثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ قَالَ ، حَدَّثَنَا
عِيسَى ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=65الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ ) . قَالَ : لَمْ يُمْسَخُوا ، إِنَّمَا هُوَ مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لَهُمْ ، مِثْلَ مَا ضَرَبَ مَثَلَ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا .
1144 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ ، حَدَّثَنَا
أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ ، حَدَّثَنَا
شِبْلٌ ، عَنِ
[ ص: 173 ] ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=65وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ ) . قَالَ : مُسِخَتْ قُلُوبُهُمْ ، وَلَمْ يُمْسَخُوا قِرَدَةً ، وَإِنَّمَا هُوَ مَثَلٌ ضَرْبَهُ اللَّهُ لَهُمْ ، كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا الْقَوْلُ الَّذِي قَالَهُ
مُجَاهِدٌ ، قَوْلٌ لِظَاهِرِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ كِتَابُ اللَّهِ مُخَالِفٌ . وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ جَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتِ ، كَمَا أَخْبَرَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا لِنَبِيِّهِمْ : ( أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً ) [ النِّسَاءِ : 153 ] ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَصْعَقَهُمْ عِنْدَ مَسْأَلَتِهِمْ ذَلِكَ رَبَّهُمْ ، وَأَنَّهُمْ عَبَدُوا الْعِجْلَ ، فَجَعَلَ تَوْبَتَهُمْ قَتْلَ أَنْفُسِهِمْ ، وَأَنَّهُمْ أُمِرُوا بِدُخُولِ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ فَقَالُوا لِنَبِيِّهِمُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=24اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ) [ الْمَائِدَةُ : 24 ] فَابْتَلَاهُمْ بِالتِّيهِ . فَسَوَاءٌ قَائِلٌ قَالَ : هُمْ لَمْ يَمْسَخْهُمْ قِرَدَةً ، وَقَدْ أَخْبَرَ جَلَّ ذِكْرُهُ أَنَّهُ جَعَلَ مِنْهُمْ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ - وَآخَرُ قَالَ : لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ كَانَ مِنْهُمْ - مِنَ الْخِلَافِ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ ، وَالنَّكَالِ وَالْعُقُوبَاتِ الَّتِي أَحَلَّهَا اللَّهُ بِهِمْ . وَمَنْ أَنْكَرَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَأَقَرَّ بِآخَرَ مِنْهُ ، سُئِلَ الْبُرْهَانَ عَلَى قَوْلِهِ ، وَعُورِضَ - فِيمَا أَنْكَرَ مِنْ ذَلِكَ - بِمَا أَقَرَّ بِهِ ، ثُمَّ يُسْأَلُ الْفَرْقَ مِنْ خَبَرٍ مُسْتَفِيضٍ أَوْ أَثَرٍ صَحِيحٍ .
هَذَا مَعَ خِلَافِ قَوْلِ
مُجَاهِدٍ قَوْلَ جَمِيعِ الْحُجَّةِ الَّتِي لَا يَجُوزُ عَلَيْهَا الْخَطَأُ وَالْكَذِبُ فِيمَا نَقَلَتْهُ مُجْمِعَةً عَلَيْهِ . وَكَفَى دَلِيلًا عَلَى فَسَادِ قَوْلٍ ، إِجْمَاعُهَا عَلَى تَخْطِئَتِهِ .