الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        5234 حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد الوهاب حدثنا أيوب عن أبي قلابة عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انكفأ إلى كبشين أقرنين أملحين فذبحهما بيده تابعه وهيب عن أيوب وقال إسماعيل وحاتم بن وردان عن أيوب عن ابن سيرين عن أنس

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله في رواية أبي قلابة ( إلى كبشين أقرنين أملحين فذبحهما بيده ) الأملح بالمهملة هو الذي فيه سواد وبياض والبياض أكثر ، ويقال هو الأغبر وهو قول الأصمعي ، وزاد الخطابي : هو الأبيض الذي في خلل صوفه طبقات سود ، ويقال الأبيض الخالص قاله ابن الأعرابي ، وبه تمسك الشافعية في تفضيل الأبيض في الأضحية ، وقيل الذي يعلوه حمرة ، وقيل الذي ينظر في سواد ويمشي في سواد ويأكل في سواد ويبرك في سواد ، أي أن مواضع هذه منه سود وما عدا ذلك أبيض ، وحكى ذلك الماوردي عن عائشة وهو غريب ، ولعله أراد الحديث الذي جاء عنها كذا لكن ليس فيه وصفه بالأملح ، وسيأتي قريبا أن مسلما أخرجه فإن ثبت فلعله كان في مرة أخرى ، واختلف في اختيار هذه الصفة : فقيل لحسن منظره ، وقيل لشحمه وكثرة لحمه ، واستدل به على اختيار العدد في الأضحية ، ومن ثم قال الشافعية إن الأضحية بسبع شياه أفضل من البعير لأن الدم المراق فيها أكثر والثواب يزيد بحسبه ، وأن من أراد أن يضحي بأكثر من واحد يعجله وحكى الروياني من الشافعية استحباب التفريق على أيام النحر ، قال النووي : هذا أرفق بالمساكين لكنه خلاف السنة ، كذا قال والحديث دال على اختيار التثنية ، ولا يلزم منه أن من أراد أن يضحي بعدد فضحى أول يوم باثنين ثم فرق البقية على أيام النحر أن يكون مخالفا للسنة وفيه أن الذكر في الأضحية أفضل من الأنثى وهو قول أحمد ، وعنه رواية أن الأنثى أولى ، وحكى الرافعي فيه قولين عن الشافعي أحدهما عن نصه في البويطي الذكر لأن لحمه أطيب وهذا هو الأصح ، والثاني أن الأنثى أولى ، قال الرافعي وإنما يذكر ذلك في جزاء الصيد عند التقويم ، والأنثى أكثر قيمة فلا تفدى بالذكر ، أو أراد الأنثى التي لم تلد . وقال ابن العربي : الأصح أفضلية الذكور على الإناث في الضحايا وقيل هما سواء ، وفيه استحباب التضحية بالأقرن وأنه أفضل من الأجم مع الاتفاق على جواز التضحية بالأجم وهو الذي لا قرن له ، واختلفوا في مكسور القرن . وفيه استحباب مباشرة المضحي الذبح بنفسه واستدل على مشروعية استحسان الأضحية صفة ولونا ، قال الماوردي : إن اجتمع حسن المنظر مع طيب المخبر في اللحم فهو أفضل ، وإن انفردا فطيب المخبر أولى من حسن المنظر . وقال أكثر الشافعية : أفضلها البيضاء ثم الصفراء ثم الغبراء ثم البلقاء ثم السوداء . وسيأتي بقية فوائد حديث أنس بعد أبواب .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فذبحهما بيده ) سيأتي البحث فيه قريبا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال إسماعيل وحاتم بن وردان عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أنس ) يعني أنهما خالفا عبد الوهاب الثقفي في شيخ أيوب فقال هو أبو قلابة وقالا محمد بن سيرين ، فأما حديث إسماعيل وهو ابن علية فقد وصله المصنف بعد أربعة أبواب في أثناء حديث ، وهو مصير منه إلى أن الطريقين صحيحان ، وهو كذلك لاختلاف سياقهما . وأما حديث حاتم بن وردان فوصله مسلم من طريقه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( تابعه وهيب عن أيوب ) كذا وقع في رواية أبي ذر ، وقدم الباقون متابعة وهيب على روايتي إسماعيل وحاتم وهو الصواب ، لأن وهيبا إنما رواه عن أيوب عن أبي قلابة متابعا لعبد الوهاب الثقفي ، وقد وصله الإسماعيلي [ ص: 14 ] من طريقه كذلك ، قال ابن التين : إنما قال أولا " قال إسماعيل " وثانيا " تابعه وهيب " لأن القول يستعمل على سبيل المذاكرة ، والمتابعة تستعمل عند النقل والتحمل . قلت : لو كان هذا على إطلاقه لم يخرج البخاري طريق إسماعيل في الأصول ، ولم ينحصر التعليق الجازم في المذاكرة ، بل الذي قال إن البخاري لا يستعمل ذلك إلا في المذاكرة لا مستند له .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية