الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        5235 حدثنا عمرو بن خالد حدثنا الليث عن يزيد عن أبي الخير عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه غنما يقسمها على صحابته ضحايا فبقي عتود فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم فقال ضح أنت به

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( الليث عن يزيد ) هو ابن أبي حبيب ، بينه المصنف في كتاب الشركة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أعطاه غنما ) هو أعم من الضأن والمعز .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( على صحابته ) يحتمل أن يكون الضمير للنبي - صلى الله عليه وسلم - . ويحتمل أن يكون لعقبة فعلى كل يحتمل أن تكون الغنم ملكا للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأمر بقسمتها بينهم تبرعا ، ويحتمل أن تكون من الفيء وإليه جنح القرطبي حيث قال في الحديث : إن الإمام ينبغي له أن يفرق الضحايا على من لم يقدر عليها من بيت مال المسلمين . وقال ابن بطال : إن كان قسمها بين الأغنياء فهي من الفيء وإن كان خص بها الفقراء فهي من الزكاة . وقد ترجم له البخاري في الشركة " باب قسمة الغنم والعدل فيها " وكأنه فهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بين لعقبة ما يعطيه لكل واحد منهم وهو لا يوكل إلا بالعدل ، وإلا لو كان وكل ذلك لرأيه لعسر عليه ، لأن الغنم لا يتأتى فيها قسمة الأجزاء ، وأما قسمة التعديل فتحتاج إلى رد ، لأن استواء قسمتها على التحرير بعيد قلت : ويحتمل أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - ضحى بها عنهم ، ووقعت القسمة في اللحم فتكون القسمة قسمة الأجزاء كما تقدم توجيهه عن ابن المنير قبل أبواب .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فبقي عتود ) بفتح المهملة وضم المثناة الخفيفة ، وهو من أولاد المعز ما قوي ورعى وأتى عليه حول ، والجمع أعتدة وعتدان ، وتدغم التاء في الدال فيقال عدان ، وقال ابن بطال : العتود الجذع من المعز ابن خمسة أشهر ، وهذا يبين المراد بقوله في الرواية الأخرى عن عقبة كما مضى قريبا " جذعة " وأنها كانت من المعز ، وزعم ابن حزم أن العتود لا يقال إلا للجذع من المعز ، وتعقبه بعض الشراح بما وقع في كلام صاحب " المحكم " أن العتود الجدي الذي استكرش ، وقيل الذي بلغ السفاد ، وقيل هو الذي أجذع .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فقال ضح به أنت ) زاد البيهقي في روايته من طريق يحيى بن بكير عن الليث ولا رخصة فيها لأحد بعدك وسأذكر البحث في هذه الزيادة في الباب الذي بعده إن شاء الله - تعالى - ، واستدل به على إجزاء الأضحية بالشاة الواحدة ، وكأن المصنف أراد بإيراد حديث عقبة في هذه الترجمة - وهي ضحية النبي - صلى الله عليه وسلم - بكبشين - الاستدلال على أن ذلك ليس على الوجوب بل على الاختيار ، فمن ذبح واحدة أجزأت عنه ومن زاد فهو خير ، والأفضل الاتباع في الأضحية بكبشين ، ومن نظر إلى كثرة اللحم قال كالشافعي : الأفضل الإبل ثم الضأن ثم البقر ، قال ابن العربي : وافق الشافعي أشهب من المالكية ، ولا يعدل بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء ، لكن يمكن التمسك بقول ابن عمر - يعني الماضي قريبا - كان يذبح وينحر بالمصلى ، أي فإنه يشمل الإبل وغيرها ، قال : لكنه عموم ، والتمسك بالصريح أولى وهو الكبش . قلت : قد أخرج البيهقي من حديث ابن عمر كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يضحي بالمدينة بالجزور أحيانا وبالكبش إذا لم يجد جزورا فلو كان ثابتا لكان نصا في موضع النزاع ، لكن في سنده عبد الله بن نافع وفيه مقال ، وسيأتي حديث عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ضحى عن نسائه بالبقر في " باب من ذبح ضحية غيره " وقد ثبت في حديث [ ص: 15 ] عروة عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بكبش أقرن يطأ في سواد وينظر في سواد ويبرك في سواد ، فأضجعه ثم ذبحه ثم قال : بسم الله ، اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد ، ثم ضحى أخرجه مسلم . قال الخطابي : قولها يطأ في سواد إلخ تريد أن أظلافه ومواضع البروك منه وما أحاط بملاحظ عينيه من وجهه أسود ، وسائر بدنه أبيض .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية