الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        1892 حدثنا محمد بن المثنى حدثنا معاذ أخبرنا ابن عون عن زياد بن جبير قال جاء رجل إلى ابن عمر رضي الله عنهما فقال رجل نذر أن يصوم يوما قال أظنه قال الاثنين فوافق ذلك يوم عيد فقال ابن عمر أمر الله بوفاء النذر ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم هذا اليوم

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حدثنا معاذ ) هو ابن معاذ العنبري ، وابن عون هو عبد الله ، والإسناد بصريون ، وزياد بن جبير بالجيم والموحدة مصغرا أي : ابن حية بالمهملة والتحتانية الثقيلة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( جاء رجل إلى ابن عمر ) لم أقف على اسمه ، ووقع عند أحمد عن هشيم عن يونس بن عبيد عن زياد بن جبير : " رأيت رجلا جاء إلى ابن عمر " فذكره . وأخرج ابن حبان من طريق كريمة بنت سيرين أنها سألت ابن عمر فقالت : " جعلت على نفسي أن أصوم كل يوم أربعاء ، واليوم يوم الأربعاء ، وهو يوم النحر ، فقال : أمر الله بوفاء النذر " الحديث ، وله عن إسماعيل عن يونس بسنده : " سأل رجل ابن عمر وهو يمشي بمنى " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أظنه قال : الاثنين ) ولمسلم من طريق وكيع عن ابن عون : " نذرت أن أصوم يوما " ولم يعينه ، وعند الإسماعيلي من طريق النضر بن شميل عن ابن عون : " نذر أن يصوم كل اثنين أو خميس " ومثله لأبي عوانة من طريق شعبة عن يونس بن عبيد عن زياد لكن لم يقل : " أو خميس " وفي رواية يزيد بن زريع عن يونس بن عبيد عند المصنف في النذر : " أن أصوم كل ثلاثاء وأربعاء " ومثله للدارقطني من رواية هشيم المذكورة لكن لم يذكر الثلاثاء ، وللجوزقي من طريق أبي قتيبة عن شعبة عن يونس : " أنه نذر أن يصوم كل جمعة " ونحوه لأبي داود الطيالسي في مسنده عن شعبة .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 284 ] قوله : ( فوافق ذلك يوم عيد ) لم يفسر العيد في هذه الرواية ، ومقتضى إدخاله هذا الحديث في ترجمة صوم يوم النحر أن يكون المسئول عنه يوم النحر ، وهو مصرح به في رواية يزيد بن زريع المذكورة ولفظه : " فوافق يوم النحر " ومثله في رواية أحمد عن إسماعيل ابن علية عن يونس ، وفي رواية وكيع : " فوافق يوم أضحى أو فطر " . وللمصنف في النذور من طريق حكيم بن أبي حرة عن ابن عمر مثله ، وهو محتمل أن يكون للشك أو للتقسيم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أمر الله بوفاء النذر . . . إلخ ) قال الخطابي : تورع ابن عمر عن قطع الفتيا فيه ، وأما فقهاء الأمصار فاختلفوا .

                                                                                                                                                                                                        قلت : وقد تقدم شرح اختلافهم قبل ، وتقدم عن ابن عمر قريب من هذا في كتاب الحج في " باب متى يحل المعتمر " وأمره في التورع عن بت الحكم ولا سيما عند تعارض الأدلة مشهور . وقال الزين بن المنير : يحتمل أن يكون ابن عمر أراد أن كلا من الدليلين يعمل به فيصوم يوما مكان يوم النذر ، ويترك الصوم يوم العيد ، فيكون فيه سلف لمن قال بوجوب القضاء . وزعم أخوه ابن المنير في الحاشية أن ابن عمر نبه على أن الوفاء بالنذر عام والمنع من صوم العيد خاص ، فكأنه أفهمه أنه يقضى بالخاص على العام ، وتعقبه أخوه بأن النهي عن صوم يوم العيد أيضا عموم للمخاطبين ولكل عيد ، فلا يكون من حمل الخاص على العام ، ويحتمل أن يكون ابن عمر أشار إلى قاعدة أخرى وهي أن الأمر والنهي إذا التقيا في محل واحد أيهما يقدم؟ والراجح يقدم النهي ، فكأنه قال : لا تصم . وقال أبو عبد الملك : توقف ابن عمر يشعر بأن النهي عن صيامه ليس لعينه . وقال الداودي : المفهوم من كلام ابن عمر تقديم النهي ؛ لأنه قد روى أمر من نذر أن يمشي في الحج بالركوب فلو كان يجب الوفاء به لم يأمره بالركوب .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية