الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                2228 حدثني سلمة بن شبيب حدثنا الحسن بن أعين حدثنا معقل وهو ابن عبيد الله عن الزهري أخبرني يحيى بن عروة أنه سمع عروة يقول قالت عائشة سأل أناس رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكهان فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسوا بشيء قالوا يا رسول الله فإنهم يحدثون أحيانا الشيء يكون حقا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الكلمة من الجن يخطفها الجني فيقرها في أذن وليه قر الدجاجة فيخلطون فيها أكثر من مائة كذبة وحدثني أبو الطاهر أخبرنا عبد الله بن وهب أخبرني محمد بن عمرو عن ابن جريج عن ابن شهاب بهذا الإسناد نحو رواية معقل عن الزهري

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : ( ليسوا بشيء ) معناه بطلان قولهم ، وأنه لا حقيقة له . وفيه جواز إطلاق هذا اللفظ على ما كان باطلا .

                                                                                                                قوله : ( كنا نتطير قال : ذاك شيء يجده أحدكم في نفسه فلا يصدنكم ) معناه أن كراهة ذلك تقع في نفوسكم في العادة ، ولكن لا تلتفتوا إليه ، ولا ترجعوا عما كنتم عزمتم عليه قبل هذا . وقد صح عن عروة بن عامر الصحابي رضي الله عنه قال : ذكرت الطيرة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ( أحسنها الفأل ، ولا يرد مسلما ، فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل : اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت ، ولا يدفع السيئات إلا أنت ، ولا حول ولا قوة إلا بك ) رواه أبو داود بإسناد صحيح .

                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : ( كان نبي من الأنبياء يخط فمن وافق خطه فذاك ) هذا الحديث سبق شرحه في كتاب الصلاة .

                                                                                                                [ ص: 387 ] قوله صلى الله عليه وسلم : ( تلك الكلمة الحق يخطفها الجني ، فيقذفها في أذن وليه ، ويزيد فيها مائة كذبة ) أما ( يخطفها ) فبفتح الطاء على المشهور ، وبه جاء القرآن ، وفي لغة قليلة كسرها ، ومعناه استرقه وأخذه بسرعة . وأما ( الكذبة ) فبفتح الكاف وكسرها والذال ساكنة فيهما . قال القاضي : وأنكر بعضهم الكسر إلا إذا أراد الحالة والهيئة ، وليس هذا موضعها . ومعنى ( يقذفها ) يلقيها .

                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : ( تلك الكلمة من الجن يخطفها فيقرها في أذن وليه قر الدجاجة ) هكذا هو في جميع النسخ ببلادنا : ( الكلمة من الجن ) بالجيم والنون ، أي الكلمة المسموعة من الجن ، أو التي تصح مما نقلته الجن بالجيم والنون ، وذكر القاضي في المشارق أنه روي هكذا ، وروي أيضا ( من الحق ) بالحاء والقاف .

                                                                                                                وأما قوله : ( فيقرها ) فهو بفتح الياء وضم القاف وتشديد الراء ، و ( قر الدجاجة ) بفتح القاف . والدجاجة بالدال الدجاجة المعروفة . قال أهل اللغة والغريب : القر ترديد الكلام في أذن المخاطب حتى يفهمه ، يقول : قررته فيه أقره قرا . وقر الدجاجة صوتها إذا قطعته ، يقال : قرت تقر قرا [ ص: 388 ] وقريرا ، فإن رددته قلت : قرقرت قرقرة . قال الخطابي وغيره : معناه أن الجني يقذف الكلمة إلى وليه الكاهن ، فتسمعها الشياطين كما تؤذن الدجاجة بصوتها صواحبها فتتجاوب .

                                                                                                                قال : وفيه وجه آخر ، وهي أن تكون الرواية ( كقر الزجاجة ) تدل عليه رواية البخاري ( فيقرها في أذنه كما تقر القارورة ) قال : فذكر القارورة في هذه الرواية يدل على ثبوت الرواية بالزجاجة قال القاضي : أما مسلم فلم تختلف الرواية فيه أنه الدجاجة بالدال ، لكن رواية القارورة تصحح الزجاجة . قال القاضي : معناه يكون لما يلقيه إلى وليه حس كحس القارورة عند تحريكها مع اليد أو على صفا .




                                                                                                                الخدمات العلمية