الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                      4103 أخبرنا محمد بن معمر البصري الحراني قال حدثنا أبو داود الطيالسي قال حدثنا حماد بن سلمة عن الأزرق بن قيس عن شريك بن شهاب قال كنت أتمنى أن ألقى رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أسأله عن الخوارج فلقيت أبا برزة في يوم عيد في نفر من أصحابه فقلت له هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الخوارج فقال نعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأذني ورأيته بعيني أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بمال فقسمه فأعطى من عن يمينه ومن عن شماله ولم يعط من وراءه شيئا فقام رجل من ورائه فقال يا محمد ما عدلت في القسمة رجل أسود مطموم الشعر عليه ثوبان أبيضان فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبا شديدا وقال والله لا تجدون بعدي رجلا هو أعدل مني ثم قال يخرج في آخر الزمان قوم كأن هذا منهم يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية سيماهم التحليق لا يزالون يخرجون حتى يخرج آخرهم مع المسيح الدجال فإذا لقيتموهم فاقتلوهم هم شر الخلق والخليقة قال أبو عبد الرحمن رحمه الله شريك بن شهاب ليس بذلك المشهور

                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                      4103 ( عن الخوارج ) قال القاضي عياض : سموا بهذا أخذا من قوله يخرج [ ص: 120 ] من ضئضئ هذا ، وقيل : بل لخروجهم عن الجماعة ، وقيل : بل لخروجهم عليها ، كما سموا مارقة من قوله : يمرقون من الدين . قال : قد اختلفت الأمة في تكفير الخوارج ، وكادت المسألة تكون أشد إشكالا عند المتكلمين من سائر المسائل ، وقد رأيت أبا المعالي وقد رغب إليه أبو محمد عبد الحق في الكلام عليها فهرب من ذلك واعتذر له بأن الغلط فيها يصعب موقعه ؛ لأن إدخال كافر في الملة أو إخراج مسلم منها عظيم في الدين ( مطموم الشعر ) يقال : طم شعره إذا جزه واستأصله ( سيماهم التحليق ) قال النووي : السيما العلامة ، والأفصح فيه القصر ، وبه قد جاء القرآن ، والمد لغة ، والمراد بالتحليق حلق الرءوس . قال : واستدل به بعضهم على كراهته ، ولا دلالة فيه ، وإنما هو علامة لهم ، والعلامة قد تكون بحرام ، وقد تكون بمباح ، كما قال صلى الله عليه وسلم : آيتهم رجل أسود ، إحدى [ ص: 121 ] عضديه مثل ثدي المرأة ومعلوم أن هذا ليس بحرام . قال : وقد ثبت في سنن أبي داود بإسناد على شرط البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى صبيا قد حلق بعض رأسه ، فقال : احلقوه كله أو اتركوه كله وهذا صريح في إباحة حلق الرأس لا يحتمل تأويلا . قال أصحابنا : حلق الرأس جائز بكل حال ، لكن إن شق عليه تعهده بالدهن والتسريح استحب حلقه ، وإن لم يشق استحب تركه . وقال القرطبي : قوله : سيماهم التحليق ، أي : جعلوا ذلك علامة لهم على رفضهم زينة الدنيا ، وشعارا ليعرفوا به ، وهذا منهم جهل بما يزهد وما لا يزهد فيه ، وابتداع منهم في دين الله شيئا [ ص: 122 ] كان النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون وأتباعهم على خلافه .




                                                                                                      الخدمات العلمية