nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58nindex.php?page=treesubj&link=28995_32655_18197_18203_18210_18209يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=59وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم
استئناف انتقالي إلى غرض من أحكام المخالطة والمعاشرة . وهو عود إلى الغرض الذي ابتدئت به السورة وقطع عند قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=34وموعظة للمتقين كما تقدم .
وقد ذكر في هذه الآية شرع الاستئذان لأتباع العائلة ومن هو شديد الاختلاط إذا أراد دخول بيت ، فهو من متممات ما ذكر في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=27يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وهو بمفهوم الزمان يقتضي تخصيص عموم قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=27لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم الآيات ; لأن ذلك عام في الأعيان والأوقات فكان قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم [ ص: 292 ] إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58ومن بعد صلاة العشاء تشريعا لاستئذانهم في هذه الأوقات وهو يقتضي عدم استئذانهم في غير تلك الأوقات الثلاثة ، فصار المفهوم مخصصا لعموم النهي في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=27لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا . وأيضا هذا الأمر مخصص بعموم ما ملكت أيمانهن وعموم
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء من قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31ولا يبدين زينتهن إلخ المتقدم آنفا .
وقد روي أن
أسماء بنت مرثد دخل عليها عبد لها كبير في وقت كرهت دخوله فيه فأتت النبيء صلى الله عليه وسلم فقالت : إنما خدمنا وغلماننا يدخلون علينا في حالة نكرهها . فنزلت الآية ، ( يعني أنها اشتكت إباحة ذلك لهم ) . ولو صحت هذه الرواية لكانت هذه الآية نسخا لعموم ( أو ما ملكت أيمانهن ) وعموم ( أو الطفل ) ; لأنها تقتضي أنه وقع العمل بذلك العموم ثم خصص بهذه الآية . والتخصيص إذا ورد بعد العمل بعموم العام صار نسخا .
والأمر في قوله : ( ليستأذنكم ) للوجوب عند الجمهور . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12135أبو قلابة : هو ندب .
فأما المماليك ; فلأن في عرف الناس أن لا يتحرجوا من اطلاع المماليك عليهم ; إذ هم خول وتبع . وقد تقدم ذلك آنفا عند قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31أو ما ملكت أيمانهن . وأما الأطفال فلأنهم لا عناية لهم بتطلع أحوال الناس . وتقدم آنفا عند قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء .
كانت هذه الأوقات أوقاتا يتجرد فيها أهل البيت من ثيابهم كما آذن به قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة فكان من القبيح أن يرى مماليكهم وأطفالهم عوراتهم ; لأن ذلك منظر يخجل منه المملوك وينطبع في نفس الطفل ; لأنه لم يعتد رؤيته ، ولأنه يجب أن ينشأ الأطفال على ستر العورة حتى يكون ذلك كالسجية فيهم إذا كبروا .
ووجه الخطاب إلى المؤمنين وجعلت صيغة الأمر موجهة إلى المماليك والصبيان على معنى : لتأمروا الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم
[ ص: 293 ] أن يستأذنوا عليكم; لأن على أرباب البيوت تأديب أتباعهم ، فلا يشكل توجيه الأمر إلى الذين لم يبلغوا الحلم .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58الذين ملكت أيمانكم يشمل الذكور والإناث لمالكيهم الذكور والإناث .
وأما مسألة النظر وتفصيلها في الكبير والصغير والذكر والأنثى فهي من علائق ستر العورة المفصلة في كتب الفقه . وقد تقدم شيء من ذلك عند قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31على عورات النساء فلا ينبغي التصدي بإيراد صورها في هذه الآية .
وتعيين الاستيذان في هذه الأوقات الثلاثة ; لأنها أوقات خلوة الرجال والنساء وأوقات التعري من الثياب ، وهي أوقات نوم وكانوا غالبا ينامون مجردين من الثياب اجتراء بالغطاء ، وقد سماها الله تعالى ( عورات ) .
وما بعد صلاة العشاء هو الليل كله إلى حين الهبوب من النوم قبل الفجر . وانتصب ( ثلاث مرات ) على أنه مفعول مطلق ( ليستأذنكم ) ; لأن مرات في قوة استئذانات .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58من قبل صلاة الفجر ظرف مستقر في محل نصب على البدل من ( ثلاث مرات ) بدل مفصل من مجمل . وحرف ( من ) مزيد للتأكيد .
وعطف عليه
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء والظهيرة : وقت الظهر وهو انتصاف النهار .
وقوله : ( ثلاث عورات ) قرأ الجمهور مرفوعا على أنه خبر مبتدأ محذوف أي ثلاث عورات ، أي أوقات ثلاث عورات . وحذف المسند إليه هنا مما اتبع فيه الاستعمال في كل إخبار عن شيء تقدم الحديث عنه .
و ( لكم ) متعلق بـ ( عورات ) . وقرأ
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي وأبو بكر عن
عاصم بالنصب على البدل من ( ثلاث مرات ) .
[ ص: 294 ] والعورة في الأصل : الخلل والنقص . وفيه : قيل لمن فقدت عينه : أعور ، وعورت عينه ، ومنه عورة الحي وهي الجهة غير الحصينة منه بحيث يمكن الدخول منها كالثغر ، قال
لبيد :
وأجن عورات الثغور ظلامها وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=13يقولون إن بيوتنا عورة . ثم أطلقت على ما يكره انكشافه كما هنا وكما سمي ما لا يحب الإنسان كشفه من جسده عورة . وفي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58ثلاث عورات لكم ) نص على علة إيجاب الاستئذان فيها .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن تصريح بمفهوم الظروف في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58من قبل صلاة الفجر ) وما عطف عليه ، أي بعد تلك الأوقات المحددة . فصلاة الفجر حد معلوم ، وحالة وضع الثياب من الظهيرة تحديد بالعرف ، وما بعد صلاة العشاء من الحصة التي تسع في العرف تصرف الناس في التهيؤ إلى النوم .
ولك أن تجعل ( بعد ) بمعنى ( دون ) ، أي في غير تلك الأوقات الثلاثة كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=23فمن يهديه من بعد الله ، وضمير ( بعدهن ) عائد إلى ثلاث عورات ، أي بعد تلك الأوقات .
ونفي الجناح عن المخاطبين في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58ليس عليكم ) بعد أن كان الكلام على
nindex.php?page=treesubj&link=18210_18209استئذان المماليك والذين لم يبلغوا الحلم إيماء إلى لحن خطاب حاصل من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم فإن الأمر باستئذان هؤلاء عليهم يقتضي أمر أهل البيت بالاستئذان على الذين ملكت أيمانهم إذا دعاهم داع إلى الدخول عليهم في تلك الأوقات كما يرشد السامع إليه قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58ثلاث عورات لكم ) . وإنما لم يصرح بأمر المخاطبين بأن يستأذنوا على الذين ملكت أيمانهم لندور دخول السادة على عبيدهم أو على غلمانهم إذ الشأن أنهم إذا دعتهم حاجة إليهم أن ينادوهم فأما إذا دعت الحاجة إلى الدخول عليهم فالحكم فيهم سواء . وقد أشار إلى العلة قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58طوافون عليكم بعضكم على بعض .
[ ص: 295 ] وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58طوافون عليكم ) خبر مبتدإ محذوف تقديره : هم طوافون ، يعود على
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم .
والكلام استئناف بياني ، أي إنما رفع الجناح عليهم وعليكم في الدخول بدون استئذان بعد تلك الأوقات الثلاثة ; لأنهن طوافون عليكم ، فلو وجب أن يستأذنوا كان ذلك حرجا عليهم وعليكم .
وفي الكلام اكتفاء . تقديره : وأنتم طوافون عليهم دل عليه قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن وقوله عقبه :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58بعضكم على بعض .
و ( بعضكم على بعض ) جملة مستأنفة أيضا . ويجعل ( بعضكم ) مبتدأ ، ويتعلق قوله : ( على بعض ) بخبر محذوف تقديره : طواف على بعض . وحذف الخبر ، وبقي المتعلق به ، وهو كون خاص حذف لدلالة ( طوافون ) عليه . والتقدير : بعضكم طواف على بعض . ولا يحسن من جعل ( بعضكم على بعض ) بدلا من الواو في ( طوافون عليكم ) ; لأنه عائد إلى
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم فلا يحسن أن يبدل منه بعض المخاطبين وهم ليسوا من الفريقين إلا بتقدير .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58كذلك يبين الله لكم الآيات أي مثل ذلك البيان الذي طرق أسماعكم يبين الله لكم الآيات ، فبيانه بالغ الغاية في الكمال حتى لو أريد تشبيهه لما شبه إلا بنفسه . وقد تقدم عند قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وكذلك جعلناكم أمة وسطا في سورة البقرة .
والتعريف في ( الآيات ) تعريف الجنس . والمراد بالآيات القرآن ، فإن ما يقع فيه إجمال منها يبين بآيات أخرى ، فالآيات التي أولها
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=27يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم .
وجملة ( والله عليكم حكيم ) معترضة . والمعنى : يبين الله لكم الآيات بيانا كاملا وهو عليم حكيم ، فبيانه بالغ غاية الكمال لا محالة .
[ ص: 296 ] ووقع قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=59وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم في موقع التصريح بمفهوم الصفة في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58والذين لم يبلغوا الحلم ليعلم أن الأطفال إذا بلغوا الحلم تغير حكمهم في الاستئذان إلى حكم استئذان الرجال الذي في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=27يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم الآيات ، فالمراد بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58الذين من قبلهم فيما ذكر من الآية السابقة أو الذين كانوا يستأذنون من قبلهم وهم كانوا رجالا قبل أن يبلغ أولئك الأطفال مبلغ الرجال .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=59كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم القول فيه كالقول في نظيره المتقدم آنفا ، وهو تأكيد له بالتكرير لمزيد الاهتمام والامتنان . وإنما أضيفت الآيات هنا لضمير الجلالة تقننا ولتقوية تأكيد معنى كمال التبيين الحاصل من قوله : ( كذلك ) . وتأكيد معنى الوصفين ( العليم الحكيم ) ، أي هي آيات من لدن من هذه صفاته ومن تلك صفات بيانه .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58nindex.php?page=treesubj&link=28995_32655_18197_18203_18210_18209يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=59وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
اسْتِئْنَافٌ انْتِقَالِيٌّ إِلَى غَرَضٍ مِنْ أَحْكَامِ الْمُخَالَطَةِ وَالْمُعَاشَرَةِ . وَهُوَ عَوْدٌ إِلَى الْغَرَضِ الَّذِي ابْتُدِئَتْ بِهِ السُّورَةُ وَقُطِعَ عِنْدَ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=34وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ كَمَا تَقَدَّمَ .
وَقَدْ ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ شَرْعُ الِاسْتِئْذَانِ لِأَتْبَاعِ الْعَائِلَةِ وَمَنْ هُوَ شَدِيدُ الِاخْتِلَاطِ إِذَا أَرَادَ دُخُولَ بَيْتٍ ، فَهُوَ مَنْ مُتَمِّمَاتِ مَا ذُكِرَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=27يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَهُوَ بِمَفْهُومِ الزَّمَانِ يَقْتَضِي تَخْصِيصَ عُمُومِ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=27لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمُ الْآيَاتِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ عَامٌّ فِي الْأَعْيَانِ وَالْأَوْقَاتِ فَكَانَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ [ ص: 292 ] إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ تَشْرِيعًا لِاسْتِئْذَانِهِمْ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ وَهُوَ يَقْتَضِي عَدَمَ اسْتِئْذَانِهِمْ فِي غَيْرِ تِلْكَ الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ ، فَصَارَ الْمَفْهُومُ مُخَصِّصًا لِعُمُومِ النَّهْيِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=27لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا . وَأَيْضًا هَذَا الْأَمْرُ مُخَصَّصٌ بِعُمُومِ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَعُمُومِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَخِ الْمُتَقَدِّمُ آنِفًا .
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ
أَسْمَاءَ بِنْتَ مَرْثَدٍ دَخَلَ عَلَيْهَا عَبْدٌ لَهَا كَبِيرٌ فِي وَقْتٍ كَرِهَتْ دُخُولَهُ فِيهِ فَأَتَتِ النَّبِيءَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : إِنَّمَا خَدَمُنَا وَغِلْمَانُنَا يَدْخُلُونَ عَلَيْنَا فِي حَالَةٍ نَكْرَهُهَا . فَنَزَلَتِ الْآيَةُ ، ( يَعْنِي أَنَّهَا اشْتَكَتْ إِبَاحَةَ ذَلِكَ لَهُمْ ) . وَلَوْ صَحَّتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ لَكَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ نَسْخًا لِعُمُومِ ( أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ ) وَعُمُومِ ( أَوِ الطِّفْلِ ) ; لِأَنَّهَا تَقْتَضِي أَنَّهُ وَقَعَ الْعَمَلُ بِذَلِكَ الْعُمُومِ ثُمَّ خُصِّصَ بِهَذِهِ الْآيَةِ . وَالتَّخْصِيصُ إِذَا وَرَدَ بَعْدَ الْعَمَلِ بِعُمُومِ الْعَامِّ صَارَ نَسْخًا .
وَالْأَمْرُ فِي قَوْلِهِ : ( لِيَسْتَأْذِنْكُمْ ) لِلْوُجُوبِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12135أَبُو قِلَابَةَ : هُوَ نَدْبٌ .
فَأَمَّا الْمَمَالِيكُ ; فَلِأَنَّ فِي عُرْفِ النَّاسِ أَنْ لَا يَتَحَرَّجُوا مِنِ اطِّلَاعِ الْمَمَالِيكِ عَلَيْهِمْ ; إِذْ هُمْ خَوَلٌ وَتَبَعٌ . وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ آنِفًا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ . وَأَمَّا الْأَطْفَالُ فَلِأَنَّهُمْ لَا عِنَايَةَ لَهُمْ بِتَطَلُّعِ أَحْوَالِ النَّاسِ . وَتَقَدَّمَ آنِفًا عِنْدَ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ .
كَانَتْ هَذِهِ الْأَوْقَاتُ أَوْقَاتًا يَتَجَرَّدُ فِيهَا أَهْلُ الْبَيْتِ مِنْ ثِيَابِهِمْ كَمَا آذَنَ بِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ فَكَانَ مِنَ الْقَبِيحِ أَنْ يَرَى مَمَالِيكُهُمْ وَأَطْفَالُهُمْ عَوْرَاتِهِمْ ; لِأَنَّ ذَلِكَ مَنْظَرٌ يَخْجَلُ مِنْهُ الْمَمْلُوكُ وَيَنْطَبِعُ فِي نَفْسِ الطِّفْلِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَدْ رُؤْيَتَهُ ، وَلِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَنْشَأَ الْأَطْفَالُ عَلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ كَالسَّجِيَّةِ فِيهِمْ إِذَا كَبِرُوا .
وَوُجِّهَ الْخِطَابُ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ وَجُعِلَتْ صِيغَةُ الْأَمْرِ مُوَجَّهَةً إِلَى الْمَمَالِيكِ وَالصِّبْيَانِ عَلَى مَعْنَى : لِتَأْمُرُوا الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ
[ ص: 293 ] أَنْ يَسْتَأْذِنُوا عَلَيْكُمْ; لِأَنَّ عَلَى أَرْبَابِ الْبُيُوتِ تَأْدِيبَ أَتْبَاعِهِمْ ، فَلَا يُشْكِلُ تَوْجِيهُ الْأَمْرِ إِلَى الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ يَشْمَلُ الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ لِمَالِكِيهِمُ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ .
وَأَمَّا مَسْأَلَةُ النَّظَرِ وَتَفْصِيلُهَا فِي الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فَهِيَ مِنْ عَلَائِقِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ الْمُفَصَّلَةِ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ . وَقَدْ تَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ فَلَا يَنْبَغِي التَّصَدِّي بِإِيرَادِ صُوَرِهَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ .
وَتَعْيِينُ الِاسْتِيذَانِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ ; لِأَنَّهَا أَوْقَاتُ خُلْوَةِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَأَوْقَاتُ التَّعَرِّي مِنَ الثِّيَابِ ، وَهِيَ أَوْقَاتُ نَوْمٍ وَكَانُوا غَالِبًا يَنَامُونَ مُجَرَّدِينَ مِنَ الثِّيَابِ اجْتِرَاءً بِالْغِطَاءِ ، وَقَدْ سَمَّاهَا اللَّهُ تَعَالَى ( عَوْرَاتٍ ) .
وَمَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ هُوَ اللَّيْلُ كُلُّهُ إِلَى حِينِ الْهُبُوبِ مِنَ النَّوْمِ قَبْلَ الْفَجْرِ . وَانْتَصَبَ ( ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ) عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ ( لِيَسْتَأْذِنْكُمْ ) ; لِأَنَّ مَرَّاتٍ فِي قُوَّةِ اسْتِئْذَانَاتٍ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ ظَرْفٌ مُسْتَقِرٌّ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ ( ثَلَاثِ مَرَّاتٍ ) بَدَلٌ مُفَصَّلٌ مِنْ مُجْمَلٍ . وَحَرْفُ ( مِنْ ) مَزِيدٌ لِلتَّأْكِيدِ .
وَعُطِفَ عَلَيْهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَالظَّهِيرَةُ : وَقْتُ الظُّهْرِ وَهُوَ انْتِصَافُ النَّهَارِ .
وَقَوْلُهُ : ( ثَلَاثَ عَوْرَاتٍ ) قَرَأَ الْجُمْهُورُ مَرْفُوعًا عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ ثَلَاثَ عَوْرَاتٍ ، أَيْ أَوْقَاتُ ثَلَاثِ عَوْرَاتٍ . وَحَذْفُ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ هُنَا مِمَّا اتُّبِعَ فِيهِ الِاسْتِعْمَالُ فِي كُلِّ إِخْبَارٍ عَنْ شَيْءٍ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ عَنْهُ .
وَ ( لَكُمْ ) مُتَعَلِّقٌ بِـ ( عَوْرَاتٍ ) . وَقَرَأَ
حَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ
عَاصِمٍ بِالنَّصْبِ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ ( ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ) .
[ ص: 294 ] وَالْعَوْرَةُ فِي الْأَصْلِ : الْخَلَلُ وَالنَّقْصُ . وَفِيهِ : قِيلَ لِمَنْ فُقِدَتْ عَيْنُهُ : أَعْوَرُ ، وَعَوِرَتْ عَيْنُهُ ، وَمِنْهُ عَوْرَةُ الْحَيِّ وَهِيَ الْجِهَةُ غَيْرُ الْحَصِينَةِ مِنْهُ بِحَيْثُ يُمْكِنُ الدُّخُولُ مِنْهَا كَالثَّغْرِ ، قَالَ
لَبِيدٌ :
وَأَجَنَّ عَوْرَاتِ الثُّغُورِ ظَلَامُهَا وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=13يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ . ثُمَّ أُطْلِقَتْ عَلَى مَا يُكْرَهُ انْكِشَافُهُ كَمَا هُنَا وَكَمَا سُمِّيَ مَا لَا يُحِبُّ الْإِنْسَانُ كَشْفُهُ مِنْ جَسَدِهِ عَوْرَةً . وَفِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58ثَلَاثَ عَوْرَاتٍ لَكُمْ ) نَصٌّ عَلَى عِلَّةِ إِيجَابِ الِاسْتِئْذَانِ فِيهَا .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ الظُّرُوفِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ ) وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ ، أَيْ بَعْدَ تِلْكَ الْأَوْقَاتِ الْمُحَدَّدَةِ . فَصَلَاةُ الْفَجْرِ حَدٌّ مَعْلُومٌ ، وَحَالَةُ وَضْعِ الثِّيَابِ مِنَ الظَّهِيرَةِ تَحْدِيدٌ بِالْعُرْفِ ، وَمَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ مِنَ الْحِصَّةِ الَّتِي تَسَعُ فِي الْعُرْفِ تَصَرُّفَ النَّاسِ فِي التَّهَيُّؤِ إِلَى النَّوْمِ .
وَلَكَ أَنْ تَجْعَلَ ( بَعْدَ ) بِمَعْنَى ( دُونَ ) ، أَيْ فِي غَيْرِ تِلْكَ الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=23فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ ، وَضَمِيرُ ( بَعْدَهُنَّ ) عَائِدٌ إِلَى ثَلَاثِ عَوْرَاتٍ ، أَيْ بَعْدَ تِلْكَ الْأَوْقَاتِ .
وَنَفْيُ الْجُنَاحِ عَنِ الْمُخَاطَبِينَ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58لَيْسَ عَلَيْكُمْ ) بَعْدَ أَنْ كَانَ الْكَلَامُ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=18210_18209اسْتِئْذَانِ الْمَمَالِيكِ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ إِيمَاءٌ إِلَى لَحْنِ خِطَابٍ حَاصِلٍ مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ فَإِنَّ الْأَمْرَ بِاسْتِئْذَانِ هَؤُلَاءِ عَلَيْهِمْ يَقْتَضِي أَمْرَ أَهْلِ الْبَيْتِ بِالِاسْتِئْذَانِ عَلَى الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ إِذَا دَعَاهُمْ دَاعٍ إِلَى الدُّخُولِ عَلَيْهِمْ فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ كَمَا يُرْشِدُ السَّامِعَ إِلَيْهِ قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58ثَلَاثَ عَوْرَاتٍ لَكُمْ ) . وَإِنَّمَا لَمْ يُصَرِّحْ بِأَمْرِ الْمُخَاطَبِينَ بِأَنْ يَسْتَأْذِنُوا عَلَى الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِنُدُورِ دُخُولِ السَّادَةِ عَلَى عَبِيدِهِمْ أَوْ عَلَى غِلْمَانِهِمْ إِذِ الشَّأْنُ أَنَّهُمْ إِذَا دَعَتْهُمْ حَاجَةٌ إِلَيْهِمْ أَنْ يُنَادُوهُمْ فَأَمَّا إِذَا دَعَتِ الْحَاجَةُ إِلَى الدُّخُولِ عَلَيْهِمْ فَالْحُكْمُ فِيهِمْ سَوَاءٌ . وَقَدْ أَشَارَ إِلَى الْعِلَّةِ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ .
[ ص: 295 ] وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ ) خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ : هُمْ طَوَّافُونَ ، يَعُودُ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ .
وَالْكَلَامُ اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ ، أَيْ إِنَّمَا رَفَعَ الْجُنَاحَ عَلَيْهِمْ وَعَلَيْكُمْ فِي الدُّخُولِ بِدُونِ اسْتِئْذَانٍ بَعْدَ تِلْكَ الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ ; لِأَنَّهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ ، فَلَوْ وَجَبَ أَنْ يَسْتَأْذِنُوا كَانَ ذَلِكَ حَرَجًا عَلَيْهِمْ وَعَلَيْكُمْ .
وَفِي الْكَلَامِ اكْتِفَاءٌ . تَقْدِيرُهُ : وَأَنْتُمْ طَوَّافُونَ عَلَيْهِمْ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ وَقَوْلُهُ عَقِبَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ .
وَ ( بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ ) جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ أَيْضًا . وَيُجْعَلُ ( بَعْضُكُمْ ) مُبْتَدَأً ، وَيَتَعَلَّقُ قَوْلُهُ : ( عَلَى بَعْضٍ ) بِخَبَرٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ : طَوَّافٌ عَلَى بَعْضٍ . وَحُذِفَ الْخَبَرُ ، وَبَقِيَ الْمُتَعَلِّقُ بِهِ ، وَهُوَ كَوْنٌ خَاصٌّ حُذِفَ لِدَلَالَةِ ( طَوَّافُونَ ) عَلَيْهِ . وَالتَّقْدِيرُ : بَعْضُكُمْ طَوَّافٌ عَلَى بَعْضٍ . وَلَا يَحْسُنُ مَنْ جَعَلَ ( بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ ) بَدَلًا مِنَ الْوَاوِ فِي ( طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ ) ; لِأَنَّهُ عَائِدٌ إِلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ فَلَا يَحْسُنُ أَنْ يُبْدَلَ مِنْهُ بَعْضُ الْمُخَاطَبِينَ وَهُمْ لَيْسُوا مِنَ الْفَرِيقَيْنِ إِلَّا بِتَقْدِيرٍ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ أَيْ مِثْلَ ذَلِكَ الْبَيَانِ الَّذِي طَرَقَ أَسْمَاعَكُمْ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ ، فَبَيَانُهُ بَالِغٌ الْغَايَةَ فِي الْكَمَالِ حَتَّى لَوْ أُرِيدَ تَشْبِيهُهُ لَمَا شُبِّهَ إِلَّا بِنَفْسِهِ . وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَالتَّعْرِيفُ فِي ( الْآيَاتِ ) تَعْرِيفُ الْجِنْسِ . وَالْمُرَادُ بِالْآيَاتِ الْقُرْآنُ ، فَإِنَّ مَا يَقَعُ فِيهِ إِجْمَالٌ مِنْهَا يُبَيَّنُ بِآيَاتٍ أُخْرَى ، فَالْآيَاتُ الَّتِي أَوَّلُهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=27يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ .
وَجُمْلَةُ ( وَاللَّهُ عَلَيْكُمْ حَكِيمٌ ) مُعْتَرِضَةٌ . وَالْمَعْنَى : يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ بَيَانًا كَامِلًا وَهُوَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ، فَبَيَانُهُ بَالِغٌ غَايَةَ الْكَمَالِ لَا مَحَالَةَ .
[ ص: 296 ] وَوَقَعَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=59وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فِي مَوْقِعِ التَّصْرِيحِ بِمَفْهُومِ الصِّفَةِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ لِيُعْلَمَ أَنَّ الْأَطْفَالَ إِذَا بَلَغُوا الْحُلُمَ تَغَيَّرَ حُكْمُهُمْ فِي الِاسْتِئْذَانِ إِلَى حُكْمِ اسْتِئْذَانِ الرِّجَالِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=27يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ الْآيَاتِ ، فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=58الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فِيمَا ذُكِرَ مِنَ الْآيَةِ السَّابِقَةِ أَوِ الَّذِينَ كَانُوا يَسْتَأْذِنُونَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَهُمْ كَانُوا رِجَالًا قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ أُولَئِكَ الْأَطْفَالُ مَبْلَغَ الرِّجَالِ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=59كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ الْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي نَظِيرِهِ الْمُتَقَدِّمِ آنِفًا ، وَهُوَ تَأْكِيدٌ لَهُ بِالتَّكْرِيرِ لِمَزِيدِ الِاهْتِمَامِ وَالِامْتِنَانِ . وَإِنَّمَا أُضِيفَتِ الْآيَاتُ هُنَا لِضَمِيرِ الْجَلَالَةِ تَقَنُّنًا وَلِتَقْوِيَةِ تَأْكِيدِ مَعْنَى كَمَالِ التَّبْيِينِ الْحَاصِلِ مِنْ قَوْلِهِ : ( كَذَلِكَ ) . وَتَأْكِيدُ مَعْنَى الْوَصْفَيْنِ ( الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) ، أَيْ هِيَ آيَاتٌ مِنْ لَدُنْ مَنْ هَذِهِ صِفَاتُهُ وَمِنْ تِلْكَ صِفَاتُ بَيَانِهِ .