الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطا مستقيما .

فذلكة للكلام السابق بما هو جامع للأخذ بالهدى ونبذ الضلال ، بما اشتمل عليه القرآن من دلائل الحق وكبح الباطل . فالجملة استئناف وإقبال على خطاب الناس كلهم بعد أن كان الخطاب موجها إلى أهل الكتاب خاصة . والبرهان : الحجة ، وقد يخصص بالحجة الواضحة الفاصلة ، وهو غالب ما يقصد به في القرآن ، ولهذا سمى حكماء الإسلام أجل أنواع الدليل برهانا .

والمراد هنا دلائل النبوءة . وأما النور المبين فهو القرآن لقوله وأنزلنا ، والقول في ( جاءكم ) كالقول في نظيره المتقدم في قوله قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم ، وكذلك القول في ( أنزلنا إليكم ) .

و ( أما ) في قوله ( فأما الذين آمنوا بالله ) يجوز أن يكون للتفصيل : تفصيلا لما دل عليه ( يا أيها الناس ) من اختلاف الفرق والنزعات : بين قابل [ ص: 63 ] للبرهان والنور ، ومكابر جاحد ، ويكون معادل هذا الشق محذوفا للتهويل ، أي : وأما الذين كفروا فلا تسل عنهم ، ويجوز أن يكون ( أما ) لمجرد الشرط دون تفصيل ، وهو شرط لعموم الأحوال ، لأن ( أما ) في الشرط بمعنى مهما يكن من شيء وفي هذه الحالة لا تفيد التفصيل ولا تطلب معادلا .

والاعتصام : اللوذ ، والاعتصام بالله استعارة للوذ بدينه ، وتقدم في قوله واعتصموا بحبل الله جميعا في سورة آل عمران .

والإدخال في الرحمة والفضل عبارة عن الرضى .

وقوله ويهديهم إليه صراطا مستقيما ، تعلق الجار والمجرور بـ يهدي ) فهو ظرف لغو ، و ( صراطا ) مفعول ( يهدي ) ، والمعنى يهديهم صراطا مستقيما ليصلوا إليه ، أي إلى الله ، وذلك هو متمناهم ، إذ قد علموا أن وعدهم عنده .

التالي السابق


الخدمات العلمية