الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5351 - وعن أبي بن كعب - رضي الله عنه - قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا ذهب ثلثا الليل قام فقال : " يا أيها الناس ! اذكروا الله ، اذكروا الله ، جاءت الراجفة ، تتبعها الرادفة ، جاء الموت بما فيه ، جاء الموت بما فيه " . رواه الترمذي .

التالي السابق


5351 - ( وعن أبي بن كعب ، قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا ذهب ثلثا الليل قام فقال : " يا أيها الناس " ) : أراد به النائمين من أصحابه الغافلين عن ذكر الله ، ينبههم عن النوم ليشتغلوا بذكر الله تعالى والتهجد ، وفي هذا مأخذ للمذكرين من المؤذنين ، وأنه ينبغي لهم أن لا يقوموا قبل مضي الثلثين من الليل ، وفيه إشارة إلى استحباب القيام في الثلث الأخير من الليل استحبابا مؤكدا ( " اذكروا الله " ) أي : بوحدانية ذاته وسائر صفاته ( " اذكروا الله " ) أي : عقابه وثوابه لتكونوا بين الخوف والرجاء ، وممن قال تعالى فيهم : تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا وفى نسخة : اذكروا الله ثلاث مرات ، أي : آلاءه ، ونعماءه ، وسراءه ، وضراءه ، ( " جاءت الراجفة " ) : فيه إشارة إلى قوله تعالى : يوم ترجف الراجفة وعبر بصيغة المضي لتحقق وقوعها ، فكأنها جاءت ، والمراد أنه قارب وقوعها ، فاستعدوا لتهويل أمرها ، والراجفة هي الأجرام الساكنة التي تشتد حركتها حينئذ من الأرض والجبال لقوله تعالى : يوم ترجف الأرض والجبال ، أو مجاز عن الواقعة التي ترجف الأجرام عندها ، وهذا المعنى أنسب بالحديث في هذا المقام وهي النفخة الأولى تتبعها الرادفة أي : التابعة وهي السماء والكواكب تنشق وتنشر ، أو النفخة الثانية ، وهي التي يحيى فيها الخلق ، والجملة في موقع الحال ، أو استئناف بيان لما يقع بعد الرجفة .

قال الطيبي - رحمه الله - : أراد بالراجفة النفخة الأولى التي يموت منها جميع الخلق ، والراجفة صيحة عظيمة فيها تردد واضطراب ، كالرعد إذا تمحص ، وأراد بالرادفة النفخة الثانية ردفت النفحة الأولى ، أنذرهم - صلى الله تعالى عليه وسلم - باقتراب الساعة لئلا يغفلوا عن استعدادها ، ( " جاء الموت بما فيه " ) أي : مع ما فيه من الشدائد الكائنة في حالة النزع والقبر وما بعده ، وفيه إشارة إلى أن من مات قامت قيامته ، فهي القيامة الصغرى الدالة على القيامة الكبرى ، ( " جاء الموت بما فيه " ) لعل الأول بيان ما وقع وتحقق لمن قبلنا موعظة لنا ، فقد ورد : كفى بالموت واعظا ، والثاني إشارة إلى قرب مجيئه بالموجودين ، وهذا التأسيس السديد المؤسس على التأبيد أولى من حمل التكرار على التأكيد ، ( رواه الترمذي ) ، قال المنذري : رواه أحمد ، والترمذي ، والحاكم وصححه ، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح .




الخدمات العلمية