الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثاني

1516 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " الريح من روح الله تعالى ، تأتي بالرحمة وبالعذاب ، فلا تسبوها وسلوا الله من خيرها ، وعوذوا به من شرها " رواه الشافعي ، وأبو داود ، وابن ماجه ، والبيهقي في " الدعوات الكبير " .

التالي السابق


الفصل الثاني

1516 - عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " الريح من روح الله " : بفتح الراء أي : من رحمته تعالى ، يريح بها عباده ، ومنه قوله تعالى : فروح وريحان وإتيانها بالعذاب للكفار ، ورحمة للأبرار حيث تخلصوا من أيدي الفجار . ( تأتي بالرحمة وبالعذاب ، فلا تسبوها ) أي : بلحوق ضرر منها ; فإنها مأمورة مقهورة . قال الراغب : الروح : التنفس ، وقد راح الإنسان إذا تنفس ، وقوله تعالى : لا تيئسوا من روح الله أي : من فرحه ورحمته ، وذلك بعض الروح . قال المظهر : فإن قيل : كيف تكون من روح الله أي : رحمته مع أنها تجيء بالعذاب ؟ ! فجوابه من وجهين : الأول : أنه عذاب لقوم ظالمين ، رحمة لقوم مؤمنين . قال الطيبـي - رحمه الله - : ويؤيده [ ص: 1117 ] قوله تعالى : فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين الكشاف : فيه إيذان بوجوب الحمد عند إهلاك الظلمة ، وهو من أجل النعم وأجزل .

القسم الثاني : بأن الروح مصدر بمعنى الفاعل أي : الرائح ، فالمعنى أن الريح من روائح الله تعالى " أي : من الأشياء التي تجيء من حضرته بأمره ، فتارة تجيء بالرحمة وأخرى بالعذاب ، فلا يجوز سبها ، بل تجب التوبة عند التضرر بها وهو تأديب من الله تعالى ، وتأديبه رحمة للعباد . ( واسألوا الله من خيرها ، وعوذوا من شرها ) قيل : الرياح ثمان . أربع للرحمة : الناشرات ، والذاريات ، والمرسلات ، والمبشرات . وأربع للعذاب : العاصف ، والقاصف ، وهما في البحر . والصرصر ، والعقيم ، وهما في البر . ( رواه الشافعي ، وأبو داود ، وابن ماجه ، والبيهقي في الدعوات الكبير ) قال ميرك : ورواه النسائي أيضا في اليوم والليلة ، وهو حديث حسن الإسناد .




الخدمات العلمية