الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2132 - وعن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ فيهما قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده ، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده ، يفعل ذلك ثلاث مرات . متفق عليه ، وسنذكر حديث ابن مسعود لما أسري برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في باب المعراج إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


2132 - ( وعن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أوى ) بالقصر ويمد ( إلى فراشه ) ، أي أتاه واستقر فيه ( كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما ) قيل : النفث إخراج ريح من الفم مع شيء من الريق ، وقال الجزري في المفتاح : النفث شبيه بالنفخ وهو أقل من التفل لأن التفل لا يكون إلا ومعه شيء من الريق اهـ ويوافقه ما في الهداية والقاموس ( فقرأ ) ، أي بعد النفث وعقبيه ( فيهما ) ، أي في الكفين ( قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس ) قال الطيبي : دل ظاهره على أن النفث مقدم على القراءة فقيل : خالف السحرة ، أو المعنى : ثم أراد النفث فقرأ فنفث ، قال بعض شراح المصابيح وفى صحيح البخاري : وقرأ بالواو وهو الوجه لأن تقديم النفث على القراءة مما لم يقل به أحد وذلك لا يلزم من الواو بل من الفاء ولعل الفاء سهو من الكاتب أو الراوي ، قال ابن الملك : تخطئة الرواة العدول بما عرض له من الرأي خطأ هلا قاسوا هذه الفاء على ما في قوله " فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله " وقوله " فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا " على أن التوبة مؤخرة عن القتل ، فالمعنى جمع كفيه ثم عزم على النفث فيهما فقرأ فيهما اهـ وهو مآل تأويل الطيبي وقوله التوبة مؤخرة عن القتل لا وجه له لأن القتل إنما هو علامة توبتهم أو شرطها ، قال ابن حجر : عطف بثم لترتب النفث فيهما على جمعهما ثم بالفاء ليبين أن ذلك النفث ليس المراد به مجرد نفخ مع ريق بل مع قراءته فهي مرتبة على ابتداء النفث مقارنة لبقيته ، وقال الطيبي : وزعم أن الحديث جاء في صحيح البخاري بالواو مردود لأنه فيه بالفاء اهـ ويحتمل أن يكون في نسخة صحيحة والمثبت مقدم على النافي ( ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده ، يبدأ ) بيان أو بدل ليمسح ( بهما ) ، أي بمسحهما ( على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده ) ، وما أدبر منه ( يفعل ذلك ثلاث مرات . متفق عليه ) قال الجزري في الحصن : رواه البخاري والأربعة ، والله أعلم ( وسنذكر حديث ابن مسعود لما أسري برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في باب المعراج إن شاء الله تعالى ) وهو إما لتكرره حوله إليه أو لكونه أنسب بذلك الباب - والله أعلم بالصواب - وها أنا ها هنا أذكر الحديث على ما في المصابيح بشرحه لابن الملك تتميما لفائدة الكتاب : لما أسري برسول الله - صلى الله عليه وسلم - مجهول أسرى يسري إذ أسرى ليلا وإنما المراد هنا ليلة المعراج انتهى به على صيغة المجهول إلى سدرة المنتهى وهي شجرة في أقصى الجنة ينتهي إليها علم الأولين والآخرين ولا يتعداها أو أعمال العباد أو نفوس السائحين في الملأ الأعلى ، فيجتمعون فيه اجتماع الناس في أنديتهم ولا يطلع على ما وراءها غير الله ، فأعطي ثلاثا : أعطي الصلوات الخمس وخواتيم سورة البقرة وغفر بصيغة المجهول لمن لا يشرك بالله شيئا من أمته . المقحمات بضم الميم والحاء المهملة الخفيفة المكسورة مرفوعة بغفر وهي الذنوب التي تقحم أصحابها ، أي تلقيهم في النار ، ومنهم من يشددها من قحم في الأمر إذا دخل فيه من غير رؤية يعني أعطي - صلى الله عليه وسلم - الشفاعة لأهل الكبائر من أمته .




الخدمات العلمية