إسلام ويب - جامع العلوم والحكم - الحديث الرابع إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة- الجزء رقم1
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 153 ] الحديث الرابع عن nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق : nindex.php?page=hadith&LINKID=950210إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ، ثم يكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يرسل الله إليه الملك ، فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات : بكتب رزقه وعمله وأجله وشقي أو سعيد ، فوالله الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومسلم .
هذا الحديث متفق على صحته ، وتلقته الأمة بالقبول ، رواه nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن nindex.php?page=showalam&ids=15950زيد بن وهب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، ومن طريقه خرجه الشيخان في " صحيحيهما " وقد روي عن محمد بن زيد الأسفاطي ، قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرى النائم ، فقلت : يا رسول الله ، حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود الذي حدث عنك ، فقال : حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو الصادق المصدوق . فقال صلى الله عليه وسلم : " والذي لا إله غيره حدثته به أنا " يقوله ثلاثا ، ثم قال غفر الله nindex.php?page=showalam&ids=13726للأعمش كما حدث به ، وغفر الله [ ص: 154 ] لمن حدث به قبل nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، ولمن حدث به بعده . وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود من وجوه أخر . فقوله صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=950211إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة قد روي تفسيره عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ؛ روى nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، عن خيثمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود قال : إن النطفة إذا وقعت في الرحم طارت في كل شعرة وظفر ، فتمكث أربعين يوما ، ثم تنحدر في الرحم ، فتكون علقة . قال : فذلك جمعها . خرجه nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم وغيره . وروي تفسير الجمع مرفوعا بمعنى آخر ، فخرج nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني وابن منده في كتاب " التوحيد " من حديث مالك بن الحويرث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الله تعالى إذا أراد خلق عبد ، فجامع الرجل المرأة ، طار ماؤه في كل عرق وعضو منها ، فإذا كان يوم السابع جمعه الله ، ثم أحضره في كل عرق له دون آدم : nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=8في أي صورة ما شاء ركبك قال ابن منده : إسناده متصل مشهور على رسم أبي عيسى nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي وغيرهما [ ص: 155 ] وخرج ابن جرير ، nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني من رواية مطهر بن الهيثم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17178موسى بن علي بن رباح ، عن أبيه ، عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لجده يا فلان ما ولد لك ؟ قال يا رسول الله ، وما عسى أن يولد لي ؟ إما غلام وإما جارية ، قال : فمن يشبه ؟ قال من عسى أن يشبه ؟ يشبه أمه أو أباه ، قال : فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تقولن كذا . إن النطفة إذا استقرت في الرحم ، أحضرها الله كل نسب بينها وبين آدم ، أما قرأت هذه الآية nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=8في أي صورة ما شاء ركبك ( الانفطار : 8 ) قال : سلكك وهذا إسناد ضعيف ومطهر بن الهيثم ضعيف جدا : وقال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : هو حديث لم يصح وذكر بإسناده عن موسى بن علي ، عن أبيه أن أباه لم يسلم إلا في عهد nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق يعني : أنه لا صحبة له . ويشهد لهذا المعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم للذي قال له : ولدت امرأتي غلاما أسود قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=950214لعله نزعه عرق . و قوله nindex.php?page=hadith&LINKID=950215ثم يكون علقة مثل ذلك يعني : أربعين يوما ، والعلقة قطعة من دم . nindex.php?page=hadith&LINKID=950216ثم يكون مضغة مثل ذلك يعني : أربعين يوما . والمضغة : قطعة من لحم . nindex.php?page=hadith&LINKID=950217ثم يرسل الله إليه الملك ، فينفخ فيه الروح ، ويؤمر بأربع كلمات : بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد . فهذا الحديث يدل على أنه يتقلب في مائة وعشرين يوما ، في ثلاثة أطوار ، في كل أربعين يوما منها يكون في طور ، فيكون في الأربعين الأولى نطفة ، ثم في [ ص: 156 ] الأربعين الثانية علقة ، ثم في الأربعين الثالثة ، مضغة ثم بعد المائة وعشرين يوما ينفخ الملك فيه الروح ، ويكتب له هذه الأربع الكلمات . وقد ذكر الله تعالى في القرآن في مواضع كثيرة تقلب الجنين في هذه الأطوار كقوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=5ياأيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ( الحج : 5 ) . وذكر هذه الأطوار الثلاثة : النطفة والعلقة والمضغة في مواضع متعددة من القرآن ، وفي مواضع أخر ذكر زيادة عليها ، فقال في سورة المؤمنون ( 12 - 14 ) nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=12ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=13ثم جعلناه نطفة في قرار مكين nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين . فهذه سبع تارات ذكرها الله في هذه الآية لخلق ابن آدم قبل نفخ الروح فيه . وكان nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس يقول : خلق ابن آدم من سبع ، ثم يتلو هذه الآية . وسئل عن العزل ، فقرأ هذه الآية ثم قال ، فهل يخلق أحد حتى تجري فيه هذه الصفة ؟ وفي رواية عنه قال : وهل تموت نفس حتى تمر على هذا الخلق ؟ . وروي عن رفاعة بن رافع قال : جلس إلي عمر وعلي والزبير وسعد ونفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتذاكروا العزل ، فقالوا لا بأس به ، فقال رجل : إنهم يزعمون أنها الموءودة الصغرى فقال علي : لا تكون موءودة حتى تمر على التارات السبع : تكون سلالة من طين ، ثم تكون نطفة ، ثم تكون علقة ، ثم تكون مضغة ، ثم تكون عظاما ، ثم تكون لحما ، ثم تكون خلقا آخر ، فقال عمر : صدقت أطال الله بقاءك . رواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في " المؤتلف والمختلف " . [ ص: 157 ] وقد رخص طائفة من الفقهاء للمرأة في nindex.php?page=treesubj&link=27595إسقاط ما في بطنها ما لم ينفخ فيه الروح ، وجعلوه كالعزل ، وهو قول ضعيف ؛ لأن الجنين ولد انعقد ، وربما تصور وفي العزل لم يوجد ولد بالكلية ، وإنما تسبب إلى منع انعقاده ، وقد لا يمتنع انعقاده بالعزل إذا أراد الله خلقه ، كما قال النبي لما سئل عن العزل : قال : لا عليكم أن لا تعزلوا إنه ليس من نفس منفوسة إلا أن الله خلقها . وقد صرح أصحابنا بأنه nindex.php?page=treesubj&link=27595إذا صار الولد علقة ، لم يجز للمرأة إسقاطه ؛ لأنه ولد انعقد بخلاف النطفة ، فإنها لم تنعقد بعد ، وقد لا تنعقد ولدا . وقد ورد في بعض الروايات في حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ذكر العظام وأنه يكون عظما أربعين يوما ، فخرج nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16621علي بن زيد سمعت أبا عبيدة يحدث قال : قال عبد الله : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=950219إن النطفة تكون في الرحم أربعين يوما على حالها لا تغير ، فإذا مضت الأربعون ، صارت علقة ، ثم مضغة كذلك ، ثم عظاما كذلك ، فإذا أراد الله تعالى أن يسوي خلقه ، بعث الله إليها ملكا ، وذكر بقية الحديث . ويروى من حديث عاصم عن أبي وائل ، عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : إن النطفة إذا استقرت في الرحم ، تكون أربعين ليلة نطفة ، ثم تكون علقة أربعين ليلة ، ثم تكون عظاما أربعين ليلة ، ثم يكسو الله العظام لحما . ورواية nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد تدل على أن الجنين لا يكسى اللحم إلا بعد مائة وستين [ ص: 158 ] يوما ، وهذا غلط بلا ريب ، فإنه بعد مائة وعشرين يوما ينفخ فيه الروح بلا ريب كما سيأتي ذكره ، nindex.php?page=showalam&ids=16621وعلي بن زيد : هو ابن جدعان لا يحتج به ، وقد ورد في حديث حذيفة بن أسيد ما يدل على خلق العظام واللحم في أول الأربعين الثانية ، ففي " صحيح مسلم " عن حذيفة بن أسيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=950221إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكا فصورها ، وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها ثم قال يا رب أذكر أم أنثى ؟ فيقضي ربك ما شاء ، ويكتب الملك ، ثم يقول : يا رب أجله ؟ فيقول ربك ما شاء ، ويكتب الملك ، ثم يقول يا رب رزقه ؟ فيقضي ربك ما شاء ، ويكتب الملك ، ثم يخرج الملك بالصحيفة في يده فلا يزيد على ما أمر ولا ينقص . وظاهر هذا الحديث يدل على أن nindex.php?page=treesubj&link=32688تصوير الجنين وخلق سمعه وبصره وجلده ولحمه وعظامه يكون في أول الأربعين الثانية ، فيلزم من ذلك أن يكون في الأربعين الثانية لحما وعظاما . وقد تأول بعضهم ذلك على أن الملك يقسم النطفة إذا صارت علقة إلى أجزاء ، فيجعل بعضها للجلد ، وبعضها للحم ، وبعضها للعظام ، فيقدر ذلك كله قبل وجوده . وهذا خلاف ظاهر الحديث ، بل ظاهره أن يصورها ويخلق هذه الأجزاء كلها ، وقد يكون خلق ذلك بتصويره وتقسيمه قبل وجود اللحم والعظام ، قد يكون هذا في بعض الأجنة دون بعض . وحديث مالك بن الحويرث المتقدم يدل على أن التصوير يكون للنطفة أيضا في اليوم السابع ، وقد قال الله عز وجل nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=2إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج ( الإنسان : 2 ) وفسر طائفة من السلف أمشاج النطفة بالعروق التي فيها . قال nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : أمشاجها : عروقها [ ص: 159 ] وقد ذكر علماء الطب ما يوافق ذلك ، وقالوا : إن المني إذا وقع في الرحم ، حصل له زبدية ورغوة ستة أيام أو سبعة ، وفي هذه الأيام تصور النطفة من غير استمداد من الرحم ، ثم بعد ذلك تستمد منه ، وابتداء الخطوط والنقط بعد هذا بثلاثة أيام ، وقد يتقدم يوما ويتأخر يوما ، ثم بعد ستة أيام - وهو الخامس عشر من وقت العلوق - ينفذ الدم إلى الجميع فيصير علقة ، ثم تتميز الأعضاء تميزا ظاهرا ، ويتنحى بعضها عن ممارسة بعض ، وتمتد رطوبة النخاع ، ثم بعد تسعة أيام ينفصل الرأس عن المنكبين والأطراف عن الأصابع تميزا يستبين في بعض ، ويخفى في بعض . قالوا : وأقل مدة يتصور الذكر فيها ثلاثون يوما ، والزمان المعتدل في تصوير الجنين خمسة وثلاثون يوما ، وقد يتصور في خمسة وأربعين يوما ، قالوا : ولم يوجد في الأسقاط ذكر تم قبل ثلاثين يوما ، ولا أنثى قبل أربعين يوما ، فهذا يوافق ما دل عليه حديث حذيفة بن أسيد في التخليق في الأربعين الثانية ، ومصيره لحما فيها أيضا . وقد حمل بعضهم حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود على أن الجنين يغلب عليه في الأربعين الأولى وصف المني ، وفي الأربعين الثانية وصف العلقة ، وفي الأربعين الثالثة وصف المضغة ، وإن كانت خلقته قد تمت وتم تصويره ، وليس في حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ذكر وقت تصوير الجنين . وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود نفسه ما يدل على أن تصويره قد يقع قبل الأربعين [ ص: 160 ] الثالثة أيضا ، فروى nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي عن علقمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود قال : النطفة إذا استقرت في الرحم جاءها ملك فأخذها بكفه ، فقال : أي رب ، مخلقة أم غير مخلقة ؟ فإن قيل : غير مخلقة ، لم تكن نسمة ، وقذفتها الأرحام ، وإن قيل مخلقة ، قال : أي رب ، أذكر أم أنثى ؟ شقي أم سعيد ، ما الأجل وما الأثر ؟ ، وبأي أرض تموت ؟ قال : فيقال للنطفة : من ربك ؟ فتقول : الله ، فيقال : من رازقك ؟ فتقول : الله ، فيقال : اذهب إلى الكتاب ، فإنك ستجد فيه قصة هذه النطفة ، قال : فتخلق ، فتعيش في أجلها وتأكل في رزقها ، وتطأ في أثرها ، حتى إذا جاء أجلها ، ماتت ، فدفنت في ذلك ، ثم تلا nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي هذه الآية : nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=5ياأيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة ( الحج : 5 ) . فإذا بلغت مضغة ، نكست في الخلق الرابع فكانت نسمة ، فإن كانت غير مخلقة ، قذفتها الأرحام دما ، وإن كانت مخلقة نكست نسمة . خرجه nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم وغيره . وقد روي من وجه آخر عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أن لا تصوير قبل ثمانين يوما ، فروى nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=17058مرة الهمداني ، عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل : nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=6هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء ( آل عمران : 6 ) قال : إذا وقعت النطفة في الأرحام ، طارت في الجسد أربعين يوما ، ثم تكون علقة أربعين يوما ، ثم تكون مضغة أربعين يوما ، فإذا بلغ أن تخلق ، بعث الله ملكا يصورها ، فيأتي الملك بتراب بين أصبعيه ، فيخلطه في المضغة ، ثم يعجنه بها ، ثم يصورها كما يؤمر فيقول : أذكر أم أنثى ؟ أشقي أو سعيد ؟ وما رزقه ، وما عمره ، وما أثره ، وما مصائبه ؟ فيقول الله تبارك وتعالى ، ويكتب الملك ، فإذا مات ذلك الجسد ، دفن حيث [ ص: 161 ] أخذ ذلك التراب ، خرجه nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير الطبري في " تفسيره " ولكن nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي مختلف في أمره ، وكان nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد ينكر عليه جمعه الأسانيد المتعددة للتفسير الواحد ، كما كان هو وغيره ينكرون على nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي جمعه الأسانيد المتعددة للحديث الواحد . وقد أخذ طوائف من الفقهاء بظاهر هذه الرواية ، وتأولوا حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود المرفوع عليها ، وقالوا : nindex.php?page=treesubj&link=32688أقل ما يتبين خلق الولد أحد وثمانون يوما ، لأنه لا يكون مضغة إلا في الأربعين الثالثة ، ولا يتخلق قبل أن يكون مضغة . وقال أصحابنا وأصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بناء على هذا الأصل : إنه لا تنقضي العدة ، nindex.php?page=treesubj&link=26548ولا تعتق أم الولد إلا بالمضغة المخلقة ، وأقل ما يمكن أن يتخلق ويتصور في أحد وثمانين يوما . وقال أحمد في العلقة : هي دم لا يستبين فيها الخلق ، فإن كانت المضغة غير مخلقة ، فهل تنقضي بها العدة ، وتصير أم الولد بها مستولدة ؟ على قولين ، هما روايتان عن أحمد ، وإن لم يظهر فيها التخطيط ، ولكن كان خفيا لا يعرفه إلا أهل الخبرة من النساء ، فشهدن بذلك ، قبلت شهادتين ، ولا فرق بين أن يكون بعد تمام أربعة أشهر أو قبلها عند أكثر العلماء ، ونص على ذلك nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد في رواية خلق من أصحابه ، ونقل عنه ابنه صالح في الطفل يتبين خلقه . [ ص: 162 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي : إذا نكس في الخلق الرابع ، كان مخلقا ، انقضت به العدة ، وعتقت به الأمة ، إذا كان لأربعة أشهر ، وكذا نقل عنه حنبل : nindex.php?page=treesubj&link=26548إذا أسقطت أم الولد ، فإن كان خلقة تامة عتقت ، وانقضت به العدة إذا دخل في الخلق الرابع في أربعة أشهر ينفخ فيه الروح ، وهذا يخالف رواية الجماعة عنه ، وقد قال أحمد في رواية عنه : إذا تبين خلقه ، ليس فيه اختلاف أنها تعتق بذلك إذا كانت أمة ، ونقل عنه أيضا جماعة في العلقة إذا تبين أنها ولد أن الأمة تعتق بها ، وهو قول النخعي ، وحكى قولا nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي ، ومن أصحابنا من طرد هذه الرواية عن أحمد في انقضاء العدة به أيضا . وهذا كله مبني على أنه يمكن التخليق في العلقة كما قد يستدل على ذلك بحديث حذيفة بن أسيد المتقدم إلا أن يقال : حديث حذيفة إنما يدل على أنه يتخلق إذا صار لحما وعظما ، وأن ذلك قد يقع في الأربعين الثانية ، لا في حال كونه علقة ، وفي ذلك نظر ، والله أعلم . وما ذكره الأطباء يدل على أن العلقة تتخلق وتتخطط ، وكذلك القوابل من النسوة يشهدن بذلك ، وحديث مالك بن الحويرث يشهد بالتصوير في حال كون الجنين نطفة أيضا ، والله تعالى أعلم .
وبقي في حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أن بعد مصيره مضغة أنه يبعث إليه الملك ، فيكتب الكلمات الأربع ، وينفخ فيه الروح ، وذلك كله بعد مائة وعشرين يوما . واختلفت ألفاظ روايات هذا الحديث في ترتيب الكتابة والنفخ ، ففي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في " صحيحه " nindex.php?page=hadith&LINKID=950222ويبعث إليه الملك فيؤمر بأربع كلمات ، ثم ينفخ فيه الروح ففي هذه الرواية تصريح بتأخير نفخ الروح عن الكتابة ، وفي رواية خرجها البيهقي في كتاب " القدر " nindex.php?page=hadith&LINKID=950223ثم يبعث الملك فينفخ فيه الروح ، ثم يؤمر بأربع كلمات ، وهذه الرواية تصرح بتقدم النفخ على الكتابة ، فإما أن يكون [ ص: 163 ] هذا من تصرف الرواة برواياتهم بالمعنى الذي يفهمونه ، وإما أن يكون المراد ترتيب الأخبار فقط لا ترتيب ما أخبر به . وبكل حال ، فحديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود يدل على nindex.php?page=treesubj&link=32688تأخير نفخ الروح في الجنين وكتابة الملك لأمره إلى بعد أربعة أشهر حتى تتم الأربعون الثالثة . فأما نفخ الروح ، فقد روي صريحا عن الصحابة أنه إنما ينفخ فيه الروح بعد أربعة أشهر ، كما دل عليه ظاهر حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود . فروى nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي عن أبيه ، عن علي ، قال : إذا تمت النطفة أربعة أشهر بعث إليها ملك ، فنفخ فيها الروح في الظلمات ، فذلك قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14ثم أنشأناه خلقا آخر ( المؤمنون : 14 ) ، خرجه nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم ، وإسناده منقطع . وخرج الالكائي بإسناده عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال : إذا وقعت النطفة في الرحم ، مكثت أربعة أشهر وعشرا ، ثم نفخ فيها الروح ، ثم مكثت أربعين ليلة ، ثم بعث إليها ملك ، فنقفها في نقرة القفا ، وكتب شقيا أو سعيدا ، وفي إسناده نظر ، وفيه أن نفخ الروح يتأخر عن الأربعة أشهر بعشرة أيام . وبنى nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد مذهبه المشهور عنه على ظاهر حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، وأن nindex.php?page=treesubj&link=32688الطفل ينفخ فيه الروح بعد الأربعة أشهر ، وأنه nindex.php?page=treesubj&link=1073إذا سقط بعد تمام أربعة أشهر ، صلي عليه ؛ حيث كان قد نفخ فيه الروح ثم مات . وحكي ذلك أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب وهو أحد أقوال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وإسحاق ، ونقل غير واحد عن أحمد أنه قال : إذا بلغ أربعة أشهر وعشرا ، ففي تلك العشر ينفخ فيه الروح ، ويصلى عليه . وقال في رواية أبي الحارث عنه : تكون النسمة نطفة أربعين ليلة ، وعلقة [ ص: 164 ] أربعين ليلة ، ومضغة أربعين ليلة ، ثم تكون عظما ولحما ، فإذا تم أربعة أشهر وعشرا ، نفخ فيه الروح . فظاهر هذه الرواية أنه لا ينفخ فيه الروح إلا بعد تمام أربعة أشهر وعشر ، كما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس والروايات التي قبل هذه عن أحمد إنما تدل على أنه ينفخ فيه الروح في مدة العشر بعد تمام الأربعة ، وهذا هو المعروف عنه ، وكذا قال nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب لما سئل عن عدة الوفاة حيث جعلت أربعة أشهر وعشرا : ما بال العشر ؟ قال : ينفخ فيها الروح . وأما أهل الطب ، فذكروا أن nindex.php?page=treesubj&link=32688الجنين إن تصور في خمسة وثلاثين يوما تحرك في سبعين يوما ، وولد في مائتين وعشرة أيام ، وذلك سبعة أشهر ، وربما تقدم أياما ، وتأخر في التصوير والولادة ، وإذا كان التصوير في خمسة وأربعين يوما ، تحرك في تسعين يوما ، وولد في مائتين وسبعين يوما ، وذلك تسعة أشهر ، والله أعلم . وأما كتابة الملك ، فحديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود يدل على أنها تكون بعد الأربعة أشهر أيضا على ما سبق ، وفي " الصحيحين " عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=950224وكل الله بالرحم ملكا يقول : أي رب نطفة ، أي رب علقة ، أي رب مضغة ؟ فإذا أراد الله أن يقضي خلقا ، قال : يا رب أذكر أم أنثى ، أشقي أم سعيد ؟ فما الرزق ؟ فما الأجل ؟ فيكتب كذلك في بطن أمه وظاهر هذا يوافق حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود لكن ليس فيه تقدير مدة ، وحديث حذيفة بن أسيد الذي تقدم يدل على أن الكتابة تكون في أول الأربعين الثانية ، وخرجه مسلم أيضا بلفظ آخر من حديث حذيفة بن أسيد يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=950225يدخل الملك على النطفة بعد ما تستقر في الرحم بأربعين أو خمس وأربعين ليلة ، فيقول : يا رب أشقي أو [ ص: 165 ] سعيد ؟ فيكتبان ، فيقول : أي رب أذكر أو أنثى ؟ فيكتبان ، ويكتب عمله ، وأثره وأجله ورزقه ، ثم تطوى الصحف ، فلا يزاد فيها ولا ينقص . وفي رواية أخرى لمسلم أيضا : nindex.php?page=hadith&LINKID=950226إن النطفة تقع في الرحم أربعين ليلة يتسور عليها الملك فيقول : يا رب أذكر أم أنثى ؟ وذكر الحديث . وفي رواية أخرى لمسلم أيضا : " لبضع وأربعين ليلة " . وفي " مسند " nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد من حديث جابر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=950227إذا استقرت النطفة في الرحم أربعين يوما ، أو أربعين ليلة بعث إليها ملك ، فيقول : يا رب ، شقي أو سعيد ؟ فيعلم . وقد سبق ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي عن علقمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود من قوله ، وظاهره يدل على أن الملك يبعث إليه وهو نطفة ، وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود من وجهين آخرين أنه قال : " إن الله عز وجل تعرض عليه كل يوم أعمال بني آدم ، فينظر فيها ثلاث ساعات ، ثم يؤتى بالأرحام ، فينظر فيها ثلاث ساعات ، وهو قوله : nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=6يصوركم في الأرحام كيف يشاء ( آل عمران : 6 ) ، وقوله : nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=49يهب لمن يشاء إناثا ( الشورى : 49 ) الآية ، ويؤتى بالأرزاق ، فينظر فيها ثلاث ساعات ، وتسبحه الملائكة ثلاث ساعات ، قال : فهذا من شأنكم وشأن ربكم " ولكن ليس في هذا توقيت ما ينظر فيه من الأرحام بمدة . وقد روي عن جماعة من الصحابة أن الكتابة تكون في الأربعين الثانية ؛ فخرج الالكائي بإسناده عن nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال إذا مكثت النطفة في رحم المرأة أربعين ليلة ، جاءها الملك فاختلجها ، ثم عرج بها إلى الرحمن عز وجل ، فيقول : اخلق يا أحسن الخالقين ، فيقضي الله فيها ما يشاء [ ص: 166 ] من أمره ، ثم تدفع إلى الملك عند ذلك ، فيقول : يا رب أسقط أم تمام ؟ فيبين له ، فيقول : يا رب أناقص الأجل أم تام الأجل ؟ فيبين له ، ويقول : يا رب أواحد أم توءم ؟ فيبين له ، فيقول : يا رب أذكر أم أنثى ؟ فيبين له ، ثم يقول : يا رب أشقي أم سعيد ؟ فيبين له ، ثم يقول : يا رب اقطع له رزقه ، فيقطع له رزقه مع أجله ، فيهبط بهما جميعا . فوالذي نفسي بيده لا ينال من الدنيا إلا ما قسم له . وخرج nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم بإسناده عن أبي ذر قال : إن المني يمكث في الرحم أربعين ليلة ، فيأتيه ملك النفوس ، فيعرج به إلى الجبار عز وجل ، فيقول : يا رب أذكر أم أنثى ؟ فيقضي الله عز وجل ما هو قاض ، ثم يقول : يا رب أشقي أم سعيد ؟ فيكتب ما هو لاق بين يديه ، ثم تلا أبو ذر من فاتحة سورة التغابن إلى قوله nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=3وصوركم فأحسن صوركم وإليه المصير ( التغابن : 3 ) . وهذا كله يوافق ما في حديث حذيفة بن أسيد وقد تقدم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن كتابة الملك تكون بعد نفخ الروح بأربعين ليلة وأن إسناده فيه نظر . وقد جمع بعضهم بين هذه الأحاديث والآثار ، وبين حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، فأثبت الكتابة مرتين ، وقد يقال مع ذلك : إن إحداهما في السماء والأخرى في بطن الأم ، والأظهر - والله أعلم - أنها مرة واحدة ، ولعل ذلك يختلف باختلاف الأجنة ، فبعضهم يكتب له ذلك بعد الأربعين الأولى ، وبعضهم بعد الأربعين الثالثة [ ص: 167 ] وقد يقال : إن لفظة " ثم " في حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود إنما يراد به ترتيب الإخبار ، لا ترتيب المخبر عنه في نفسه ، والله أعلم . ومن المتأخرين من رجح أن الكتابة تكون في أول الأربعين الثانية ، كما دل عليه حديث حذيفة بن أسيد وقال : إنما أخر ذكرها في حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود إلى ما بعد ذكر المضغة وإن ذكرت بلفظ " ثم " لئلا ينقطع ذكر الأطوار الثلاثة التي ينقلب فيها الجنين وهو كونه : نطفة وعلقة ومضغة ، فإن ذكر هذه الثلاثة على نسق واحد أعجب وأحسن ، فلذلك أخر المعطوف عليها ، وإن كان المعطوف متقدما على بعضها في الترتيب ، واستشهد لذلك بقوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=7وبدأ خلق الإنسان من طين nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=8ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=9ثم سواه ونفخ فيه من روحه ( السجدة : 7 - 9 ) ، والمراد بالإنسان : آدم عليه السلام ، ومعلوم أن تسويته ، ونفخ الروح فيه ، كان قبل جعل نسله من سلالة من ماء مهين ، لكن لما كان المقصود ذكره قدرة الله عز وجل في مبدأ خلق آدم وخلق نسله ، عطف ذكر أحدهما على الآخر ، وأخر ذكر تسوية آدم ونفخ الروح فيه ، وإن كان ذلك متوسطا بين خلق آدم من طين وبين خلق نسله ، والله أعلم . وقد ورد أن هذه الكتابة تكتب بين عيني الجنين ، ففي " مسند البزار " عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا خلق الله النسمة ، قال ملك الأرحام : أي رب أذكر أم أنثى ؟ قال : فيقضي الله إليه أمره ، ثم يقول : أي رب أشقي أم سعيد ؟ فيقضي الله إليه أمره ، ثم يكتب بين عينيه ما هو لاق حتى النكبة ينكبها . وقد روي موقوفا على nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر غير مرفوع ، وحديث حذيفة بن أسيد المتقدم صريح في أن الملك يكتب ذلك في صحيفة ، ولعله يكتب في صحيفة ، ويكتب بين عيني الولد [ ص: 168 ] وقد روي أنه تقترن بهذه الكتابة أنه يخلق مع الجنين ما تضمنت من صفاته القائمة ، فروي عن عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الله إذا أراد أن يخلق الخلق ، بعث ملكا ، فدخل الرحم ، فيقول : أي رب ، ماذا ؟ فيقول : غلام أو جارية أو ما شاء أن يخلق في الرحم ، فيقول : أي رب ، أشقي أم سعيد ؟ فيقول : ما شاء الله ، فيقول : يا رب ما أجله ؟ فيقول : كذا وكذا ، فيقول : ما خلقه ؟ ما خلائقه ؟ فيقول : كذا كذا ، فما من شيء إلا وهو يخلق معه في الرحم خرجه أبو داود في كتاب " القدر " nindex.php?page=showalam&ids=13863والبزار في " مسنده " . وبكل حال ، فهذه الكتابة التي تكتب للجنين في بطن أمه غير كتابة المقادير السابقة لخلق الخلائق المذكورة في قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=22ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ( الحديد : 22 ) ، كما في " صحيح مسلم " عن nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=950230إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة . وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=950231أول ما خلق الله القلم فقال له : اكتب ، فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة . وقد سبق ذكر ما روي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود رضي الله عنه أن الملك إذا سأل عن حال النطفة ، أمر أن يذهب إلى الكتاب السابق ، ويقال له : إنك تجد فيه قصة هذه النطفة ، وقد تكاثرت النصوص بذكر الكتاب السابق ، بالسعادة والشقاوة ، [ ص: 169 ] ففي " الصحيحين " عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=950232ما من نفس منفوسة إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة أو النار ، وإلا قد كتبت شقية أو سعيدة ، فقال رجل : يا رسول الله ، أفلا نمكث على كتابنا ، ندع العمل ؟ فقال : اعملوا ، فكل ميسر لما خلق له ، أما أهل السعادة ، فييسرون لعمل أهل السعادة ، وأما أهل الشقاوة ، فييسرون لعمل أهل الشقاوة ، ثم قرأ : nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=5فأما من أعطى واتقى الآيتين ( الليل : 5 ) . ففي هذا الحديث أن nindex.php?page=treesubj&link=30451السعادة والشقاوة قد سبق الكتاب بهما ، وأن ذلك مقدر بحسب الأعمال ، وأن كلا ميسر لما خلق له من الأعمال التي هي سبب للسعادة أو الشقاوة . وفي " الصحيحين " عن nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=950233قال رجل : يا رسول الله ، أيعرف أهل الجنة من أهل النار ؟ قال : " نعم " قال : فلم يعمل العاملون ؟ قال : كل يعمل لما خلق له ، أو لما يسر له . وقد روي هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه كثيرة ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود فيه أن nindex.php?page=treesubj&link=30501السعادة والشقاوة بحسب خواتيم الأعمال . وقد قيل : إن قوله في آخر الحديث " nindex.php?page=hadith&LINKID=950234فوالله الذي لا إله غيره ، إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة " إلى آخر الحديث مدرج من كلام nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، كذلك رواه nindex.php?page=showalam&ids=16024سلمة بن كهيل عن nindex.php?page=showalam&ids=15950زيد بن وهب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود من قوله ، قد روي هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه متعددة أيضا . [ ص: 170 ] وفي " صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري " عن nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=950043إنما الأعمال بالخواتيم . وفي " صحيح nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان " عن عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إنما nindex.php?page=hadith&LINKID=950235الأعمال بالخواتيم . وفيه أيضا عن معاوية قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : nindex.php?page=hadith&LINKID=950236إنما الأعمال بخواتيمها ، كالوعاء ، إذا طاب أعلاه ، طاب أسفله ، وإذا خبث أعلاه ، خبث أسفله . وفي " صحيح مسلم " عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=950237إن الرجل ليعمل الزمان الطويل بعمل أهل الجنة ، ثم يختم له عمله بعمل أهل النار ، وإن الرجل ليعمل الزمان الطويل بعمل أهل النار ، ثم يختم له عمله بعمل أهل الجنة . وخرج nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد رحمه الله من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=950238لا عليكم أن لا تعجبوا بأحد حتى تنظروا بم يختم له ، فإن العامل يعمل زمانا من عمره ، أو برهة من دهره بعمل صالح لو مات عليه ، دخل الجنة ، ثم يتحول ، فيعمل عملا سيئا ، وإن العبد ليعمل البرهة من عمره بعمل سيئ ، لو مات عليه دخل النار ، ثم يتحول فيعمل عملا صالحا . وخرج أيضا من حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=950239إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة ، وهو مكتوب في الكتاب من أهل النار ، فإذا كان قبل موته تحول ، فعمل بعمل أهل النار ، فمات ، فدخل النار ، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل [ ص: 171 ] النار ، وإنه لمكتوب في الكتاب من أهل الجنة ، فإذا كان قبل موته تحول ، فعمل بعمل أهل الجنة ، فمات فدخلها . وخرج أحمد ، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=950240خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده كتابان ، فقال : أتدرون ما هذان الكتابان ؟ فقلنا : لا يا رسول الله ، إلا أن تخبرنا ، فقال : للذي في يده اليمنى : " هذا الكتاب من رب العالمين ، فيه أسماء أهل الجنة ، وأسماء آبائهم وقبائلهم ، ثم أجمل على آخرهم ، فلا يزاد فيهم ، ولا ينقص منه أبدا " ثم قال للذي في شماله : " هذا كتاب من رب العالمين فيه أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم ، ثم أجمل على آخرهم ، فلا يزاد فيه ولا ينقص منهم أبدا " فقال أصحابه : ففيم العمل يا رسول الله إن كان أمرا قد فرغ منه ؟ فقال : " سددوا وقاربوا ، فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة ، وإن عمل أي عمل ، وإن صاحب النار يختم له بعمل أهل النار ، وإن عمل أي عمل ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيديه فنبذهما ، ثم قال : فرغ ربكم من العباد : فريق في الجنة ، وفريق في السعير . وقد روي هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه متعددة ، وخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني من حديث nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وزاد فيه : " nindex.php?page=hadith&LINKID=950241صاحب الجنة مختوم له بعمل أهل الجنة ، وصاحب النار مختوم له بعمل أهل النار ، وإن عمل أي [ ص: 172 ] عمل ، وقد يسلك بأهل السعادة طريق أهل الشقاء حتى يقال : ما أشبههم بهم ، بل هم منهم ، وتدركهم السعادة فتستنقذهم ، وقد يسلك بأهل الشقاء طريق أهل السعادة حتى يقال : ما أشبههم بهم بل هم منهم ويدركهم الشقاء ، من كتبه الله سعيدا في أم الكتاب لم يخرجه من الدنيا حتى يستعمله بعمل يسعده قبل موته ولو بفواق ناقة ، ثم قال : الأعمال بخواتيمها ، الأعمال بخواتيمها " وخرجه البزار في " مسنده " بهذا المعنى أيضا من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم . وفي " الصحيحين " عن nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد أن nindex.php?page=hadith&LINKID=950242النبي صلى الله عليه وسلم التقى هو والمشركون وفي أصحابه رجل لا يدع شاذة ولا فاذة إلا اتبعها يضربها بسيفه ، فقالوا : ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هو من أهل النار " فقال رجل من القوم : أنا أصاحبه ، فاتبعه ، فجرح الرجل جرحا شديدا ، فاستعجل الموت ، فوضع نصل سيفه على الأرض وذبابه بين ثدييه ، ثم تحامل على سيفه فقتل نفسه ، فخرج الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أشهد أنك رسول الله ، وقص عليه القصة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة ، فيما يبدو للناس وهو من أهل النار ، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس ، وهو من أهل الجنة " زاد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري رواية له " nindex.php?page=hadith&LINKID=950043إنما الأعمال بالخواتيم " . وقوله : " فيما يبدو للناس " إشارة إلى أن باطن الأمر يكون بخلاف ذلك ، وأن خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لا يطلع عليها الناس ، إما من جهة [ ص: 173 ] عمل سيئ ونحو ذلك ، فتلك الخصلة الخفية توجب سوء الخاتمة عند الموت ، وكذلك قد يعمل الرجل عمل أهل النار وفي باطنه خصلة خفية من خصال الخير ، فتغلب عليه تلك الخصلة في آخر عمره ، فتوجب له حسن الخاتمة . قال nindex.php?page=showalam&ids=16374عبد العزيز بن أبي رواد : حضرت رجلا عند الموت يلقن لا إله إلا الله ، فقال في آخر ما قال : هو كافر بما تقول ، ومات على ذلك ، قال فسألت عنه ، فإذا هو مدمن خمر . فكان عبد العزيز يقول : اتقوا الذنوب ، فإنها هي التي أوقعته . وفي الجملة : فالخواتيم ميراث السوابق ، فكل ذلك سبق في الكتاب السابق ، ومن هنا كان يشتد خوف السلف من سوء الخواتيم ، ومنهم من كان يقلق من ذكر السوابق . وقد قيل : إن قلوب الأبرار معلقة بالخواتيم ، يقولون : بماذا يختم لنا ؟ وقلوب المقربين معلقة بالسوابق ، يقولون : ماذا سبق لنا . وبكى بعض الصحابة عند موته ، فسئل عن ذلك فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الله تعالى قبض خلقه قبضتين ، فقال : هؤلاء في الجنة ، وهؤلاء في النار " ولا أدري في أي القبضتين كنت ؟ . قال بعض السلف : ما أبكى العيون ما أبكاها الكتاب السابق . وقال سفيان لبعض الصالحين : هل أبكاك قط علم الله فيك ؟ فقال له ذلك الرجل : تركني لا أفرح أبدا . وكان سفيان يشتد قلقه من السوابق والخواتيم ، فكان يبكي ويقول : أخاف أن أكون في أم الكتاب شقيا ، ويبكي ، ويقول : أخاف أن أسلب الإيمان عند الموت . [ ص: 174 ] وكان nindex.php?page=showalam&ids=16871مالك بن دينار يقوم طول ليله قابضا على لحيته ، ويقول : يا رب ، قد علمت ساكن الجنة من ساكن النار ، ففي أي الدارين منزل مالك ؟ . وقال nindex.php?page=showalam&ids=15665حاتم الأصم : من خلا قلبه من ذكر أربعة أخطار ، فهو مغتر ، فلا يأمن الشقاء : الأول : خطر يوم الميثاق حين قال : هؤلاء في الجنة ولا أبالي ، وهؤلاء في النار ولا أبالي ، فلا يعلم في أي الفريقين كان ، والثاني : حين خلق في ظلمات ثلاث ، فنودي الملك بالسعادة والشقاوة ، ولا يدري : أمن الأشقياء هو أم من السعداء ؟ والثالث : ذكر هول المطلع ، ولا يدري أيبشر برضا الله أو بسخطه ؟ والرابع : يوم يصدر الناس أشتاتا ، ولا يدري ، أي الطريقين يسلك به . وقال سهل التستري : المريد يخاف أن يبتلى بالمعاصي ، والعارف يخاف أن يبتلى بالكفر . ومن هنا كان الصحابة ومن بعدهم من السلف الصالح يخافون على أنفسهم النفاق ويشتد قلقهم وجزعهم منه ، فالمؤمن يخاف على نفسه النفاق الأصغر ، ويخاف أن يغلب ذلك عليه عند الخاتمة ، فيخرجه إلى النفاق الأكبر ، كما تقدم أن دسائس السوء الخفية توجب سوء الخاتمة ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في دعائه : " nindex.php?page=hadith&LINKID=950244يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " فقيل له : يا نبي الله آمنا بك وبما جئت به ، فهل تخاف علينا ؟ فقال : " نعم إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله عز وجل يقلبها كيف شاء " خرجه nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي من حديث أنس . وخرج nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد من حديث nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة أن nindex.php?page=hadith&LINKID=950245النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر في دعائه أن يقول : " اللهم يا مقلب القلوب ، ثبت قلبي على دينك " فقلت : يا رسول الله ، [ ص: 175 ] أوإن القلوب لتتقلب ؟ قال : " نعم ؛ ما من خلق الله تعالى من بني آدم من بشر إلا أن قلبه بين أصبعين من أصابع الله ، فإن شاء عز وجل ، أقامه ، وإن شاء أزاغه ، فنسأل الله ربنا أن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا ، ونسأله أن يهب لنا من لدنه رحمة إنه هو الوهاب " قالت : قلت : يا رسول الله ، ألا تعلمني دعوة أدعو بها لنفسي ؟ قال : " بلى ، قولي اللهم رب النبي محمد ، اغفر لي ذنبي ، وأذهب غيظ قلبي ، وأجرني من مضلات الفتن ما أحييتني ، وفي هذا المعنى أحاديث كثيرة . وخرج مسلم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : nindex.php?page=hadith&LINKID=950246إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن عز وجل كقلب واحد يصرفه حيث يشاء " ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك " .