الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
قالوا : رويتم عن nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16571عطاء بن السائب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=949939الحجر الأسود من الجنة ، وكان أشد بياضا من الثلج حتى سودته خطايا أهل الشرك ، ثم رويتم أن nindex.php?page=showalam&ids=12691ابن الحنفية سئل ، عن الحجر الأسود فقال : إنما هو من بعض هذه الأودية قالوا : وهذا اختلاف وبعد فكيف يجوز أن ينزل الله تعالى حجرا من الجنة وهل في الجنة حجارة ، وإن كانت الخطايا سودته فقد ينبغي أن يبيض لما أسلم الناس ويعود إلى حالته الأولى .
قال أبو محمد : ونحن نقول : إنه ليس بمنكر أن يخالف nindex.php?page=showalam&ids=12691ابن الحنفية nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، ويخالف علي عمر ، nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود في التفسير وفي الأحكام ، وإنما المنكر أن يحكوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خبرين مختلفين من غير تأويل ، فأما اختلافهم فيما بينهم فكثير ، فمنهم من يعمل على شيء سمعه ، ومنهم من يستعمل ظنه ، ومنهم من يجتهد رأيه .
[ ص: 414 ] ولذلك اختلفوا في تأويل القرآن وفي أكثر الأحكام ، غير أن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال في الحجر بقول سمعه ولا يجوز غير ذلك ؛ لأنه يستحيل أن يقول : كان أبيض وهو من الجنة برأي نفسه ، وإنما الظان nindex.php?page=showalam&ids=12691ابن الحنفية ؛ لأنه رآه بمنزلة غيره من قواعد البيت فقضى عليه بأنه أخذ من حيث أخذت ، والأخبار المقوية لقول nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في الحجر ، وأنه من الجنة كثيرة منها أنه nindex.php?page=hadith&LINKID=949940يأتي يوم القيامة وله لسان وشفتان ، يشهد لمن استلمه بحق ، ومنها أنه يمين الله - عز وجل - في الأرض يصافح بها من شاء من خلقه ، وقد تقدم ذكر هذا ومنها ما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه فإنه قال : كان لؤلؤة بيضاء فسوده المشركون .
وأما قولهم : nindex.php?page=treesubj&link=30389هل في الجنة حجارة ؟ فما الذي أنكروه من أن يكون في الجنة حجارة ، وفيها الياقوت وهو حجر والزمرد حجر والذهب والفضة من الحجارة ، وما الذي أنكروه من تفضيل الله تعالى حجرا حتى لثم واستلم ؟ والله تعالى يستعبد عباده بما شاء من العمل والفعل ويفضل بعض ما خلق على بعض ، فليلة القدر خير من ألف شهر ليست فيها ليلة القدر ، والسماء أفضل من الأرض ، والكرسي أفضل من السماء ، والعرش أفضل من الكرسي ، والمسجد الحرام أفضل من المسجد الأقصى ، والشام أفضل من العراق ، وهذا كله مبتدأ بالتفضيل لا بعمل عمله ، ولا بطاعة كانت منه ، كذلك الحجر أفضل من الركن اليماني ، [ ص: 415 ] والركن اليماني أفضل من قواعد البيت والمسجد أفضل من الحرم والحرم أفضل من بقاع تهامة .
وأما قولهم : إن كانت الخطايا سودته فقد يجب أن يبيض لما أسلم الناس ، فمن الذي أوجب أن يبيض بإسلام الناس ، ولو شاء الله تعالى لفعل ذلك من غير أن يجب .
وبعد فإنهم أصحاب قياس وفلسفة ، فكيف ذهب عليهم أن السواد يصبغ ولا ينصبغ والبياض ينصبغ ولا يصبغ .