الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        1811 1817 - مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة ، عن أبيه ، عن أبي سعيد الخدري ; أنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يوشك أن يكون خير مال المسلم غنما يتبع بها شعف الجبال [ ص: 206 ] ومواقع القطر ، يفر بدينه من الفتن " .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        40817 - قال أبو عمر : رواه بعض شيوخنا : شعب الجبال ، فصحف ; وإنما هو شعف الجبال ، واحدتها شعفة ; وهي رءوس الجبال وأعاليها .

                                                                                                                        40818 - وأما الفتن فكثيرة ; في الأهل والمال ، وما يلقاه المؤمن ممن يحسره ويؤذيه حتى يفتنه عن دينه ، أو ممن يراه يفوقه في المال والجاه والحال ; فتكون فتنة له .

                                                                                                                        40819 - وقد ذكرنا في " التمهيد " آثارا في معاني الفتن كثيرة .

                                                                                                                        40820 - وفي هذا الحديث دليل على تغيير الأزمنة ، وعلى فضل العزلة .

                                                                                                                        40821 - وقد ذكرت من فضل اعتزال الناس ، والبعد عن شرورهم ، وما ندب إليه ، وحض عليه من ذلك أهل العلم ما فيه كفاية ، في " التمهيد " والحمد لله .

                                                                                                                        40822 - ذكر عن عبد الله بن مسعود ; أنه مر به رجل يحبس طائرا ، فقال : وددت أني حيث صيد هذا الطائر ; لا يكلمني أحد ولا أكلمه .

                                                                                                                        40823 - وقال عمر بن الخطاب : اليأس غنى ، والطمع فقر حاضر ، وفي [ ص: 207 ] العزلة راحة من خلطاء السوء .

                                                                                                                        40824 - وقال أبو الدرداء : نعم صومعة الرجل المسلم بيته ; يكف فيه بصره ونفسه ، وإياكم والمجالس في الأسواق ; فإنها تلغي وتلهي .

                                                                                                                        40825 - وقال طلحة بن عبيد الله : أقل لعيب الرجل ، لزومه بيته .

                                                                                                                        40826 - وقال حذيفة : وددت أني وجدت من يقوم لي في مالي ; فدخلت في بيتي ، وأغلقت علي بابي ، فلم يدخل علي أحد ، ولم أخرج إلى أحد ، حتى ألقى الله - عز وجل - .

                                                                                                                        40827 - وقال ابن لهيعة ، عن يسار بن عبد الرحمن ، قال لي بكير بن الأشج : ما فعل خالك ؟ قلت : لزم البيت منذ كذا وكذا ، فقال له : إن رجالا من أهل بدر لزموا بيوتهم بعد قتل عثمان ، فلم يخرجوا إلا إلى قبورهم .

                                                                                                                        40828 - وهذا الباب قد أشبعناه بالآثار المرفوعة عن الصحابة من سائر السلف في " التمهيد " ، والحمد لله .

                                                                                                                        [ ص: 208 ] 40829 - ولقد أحسن منصور الفقيه ; حيث يقول :

                                                                                                                        ليس هذا زمان قولك ما الحك م على من يقول : أنت حرام ؟ والحقي بائنا بأهلك ، أو أن
                                                                                                                        ت عتيق محرر يا غلام ومتى تنكح المصابة في العد
                                                                                                                        دة عن شبهة ؟ وكيف الكلام في حرام أصاب سن غزال
                                                                                                                        فتولى وللغزال بغام ؟ إنما ذا زمان كد إلى الموت
                                                                                                                        وقوت مبلغ والسلام






                                                                                                                        الخدمات العلمية