الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا تقرر أن الحج له لازم ببذل الطاعة ، فإن ذلك معتبر بأربع شرائط :

                                                                                                                                            أحدها : أن يكون الباذل من أهل الحج فيجمع البلوغ والحرية والإسلام ، لأن من لا يصح منه أداء الحج عن نفسه لا تصح النيابة فيه عن غيره .

                                                                                                                                            والثاني : أن يكون قد أدى فرض الحج عن نفسه لتصح النيابة عن غيره .

                                                                                                                                            والثالث : أن يكون واجدا للزاد والراحلة لأنه لما كان ذلك معتبرا في المبذول له كان اعتباره في الباذل أولى إذ ليس حال الباذل أوكد من التزام الفرض من المبذول له ، ومن أصحابنا من لم يعتبر هذا الشرط في بلده للطاعة ، وإن اعتبره في فرض نفسه ، لأن التزام الطاعة باختياره ، فصار كحج النذر ، وخالف بهما ابتداء الفرض .

                                                                                                                                            والرابع : أن يكون المبذول له واثقا بطاعة الباذل ، عالما أنه متى أمره بالحج امتثل أمره ، لأن قدرة الباذل قد أقيمت مقام قدرته فافتقر إلى الثقة بطاعته ، فأما إن كان ذلك عرضا لا يوثق به فلا يلزم ، فإذا اجتمعت هذه الشرائط الأربعة نظر حينئذ في الباذل فإن كان من والديه أبا أو أما أو مولود به ابنا أو بنتا فقد لزمه الفرض ببذله ، وإن كان غير ولد ولا والد ففي لزوم الفرض ببذله وجهان :

                                                                                                                                            [ ص: 11 ] أحدهما : وهو الصحيح وقد نص عليه الشافعي في " الإملاء " و ( المبسوط ) ، أنه كالولد في لزوم الفرض ببذل طاعته ، لكونه مستطيعا للحج في الحالين .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أن الفرض لا يلزم ببذل غير ولده لما يلحقه من . . . في قبوله ، ولأن حكم الوالد مخالف لغيره في القصاص وحد القذف ، والرجوع في الهبة مخالف غيره في بذل الطاعة وهذا القول اعتذار وتقريب خارج عن معنى الأصل .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية