الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين

                                                                                                                                                                                                [ ص: 320 ] الضر : الهزال من الشدة والجوع، مزجاة : مدفوعة يدفعها كل تاجر; رغبة عنها واحتقارا لها، من أزجيته إذا دفعته وطردته، والريح تزجي السحاب، قيل: كانت من متاع الأعراب صوفا وسمنا، وقيل: الصنوبر وحبة الخضراء، وقيل: سويق المقل والأقط، وقيل: دراهم زيوفا لا تؤخذ إلا بوضيعة، فأوف لنا الكيل : الذي هو حقنا، وتصدق علينا : وتفضل علينا بالمسامحة والإغماض عن رداءة البضاعة، أو زدنا على حقنا، فسموا ما هو فضل وزيادة لا تلزمه صدقة، لأن الصدقات محظورة على الأنبياء، وقيل: كانت تحل لغير نبينا، وسئل ابن عيينة عن ذلك؟ فقال: ألم تسمع: "وتصدق علينا" أراد: أنها كانت حلالا لهم، والظاهر أنهم تمسكنوا له وطلبوا إليه أن يتصدق عليهم، ومن ثم رق لهم وملكته الرحمة عليهم، فلم يتمالك أن عرفهم نفسه، وقوله: إن الله يجزي المتصدقين : شاهد لذلك لذكر الله وجزائه، والصدقة: العطية التي تبتغي بها المثوبة من الله، ومنه قول الحسن -لمن سمعه يقول: اللهم تصدق علي:- إن الله تعالى لا يتصدق، إنما يتصدق الذي يبتغي الثواب، قل: اللهم أعطني، أو تفضل علي، أو ارحمني.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية