الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وأزلفت الجنة للمتقين وبرزت الجحيم للغاوين وقيل لهم أين ما كنتم تعبدون من دون الله هل ينصرونكم أو ينتصرون فكبكبوا فيها هم والغاوون وجنود إبليس أجمعون قالوا وهم فيها يختصمون تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين وما أضلنا إلا المجرمون فما لنا من شافعين ولا صديق حميم فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى : فكبكبوا فيها هم والغاوون فيها أربعة أوجه :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : معناه جمعوا فيها أي النار ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : طرحوا فيها على وجوههم ، قاله ابن زيد ، وقطرب .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : نكسوا فيها على رؤوسهم ، قاله السدي ، وابن قتيبة .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع : قلب بعضهم على بعض ، قاله اليزيدي ، قال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                        يقول لهم رسول الله لما قذفناهم كباكب في القليب



                                                                                                                                                                                                                                        هم والغاوون يعني الآلهة التي يعبدون .

                                                                                                                                                                                                                                        وفي الغاوين قولان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : المشركون ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : الشياطين ، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        وجنود إبليس أجمعون فيهم قولان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : أنهم أعوانه من الجن .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أتباعه من الإنس .

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى : فما لنا من شافعين فيهم قولان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : الملائكة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : من الناس .

                                                                                                                                                                                                                                        ولا صديق حميم فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : أنه الشقيق : قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : القريب النسيب ، يقال حم الشيء إذا قرب ومنه الحمى لأنها تقرب الأجل ، قال قيس بن ذريح


                                                                                                                                                                                                                                        لعل لبنى اليوم حم لقاؤها     وببعض بلاء إن ما حم واقع



                                                                                                                                                                                                                                        وقال ابن عيسى : إنما سمي القريب حميما لأنه يحمى بغضب صاحبه ، فجعله [ ص: 179 ] مأخوذا من الحمية ، وقال قتادة : يذهب الله يومئذ مودة الصديق ، ورقة الحميم .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية