الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                [ ص: 455 ] ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والأرض شيئا ولا يستطيعون

                                                                                                                                                                                                الرزق يكون بمعنى: المصدر، وبمعنى: ما يرزق، فإن أردت المصدر نصبت به "شيئا"; كقوله: أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما [البلد: 14 - 15] على: لا يملك أن يرزق شيئا، وإن أردت المرزوق كان شيئا بدلا منه، بمعنى: قليلا، ويجوز أن يكون تأكيدا لـ"لا يملك": أي: لا يملك شيئا من الملك، و من السماوات والأرض : صلة للرزق إن كان مصدرا بمعنى: لا يرزق من السموات مطرا، ولا من الأرض نباتا، أو صفة إن كان اسما لما يرزق، والضمير في: ولا يستطيعون : لما; لأنه في معنى: الآلهة، بعد ما قيل: لا يملك : على اللفظ، ويجوز أن يكون للكفار، يعني: ولا يستطيع هؤلاء -مع أنهم أحياء متصرفون أولو ألباب- من ذلك شيئا، فكيف بالجماد الذي لا حس به؟

                                                                                                                                                                                                فإن قلت: ما معنى قوله: ولا يستطيعون بعد قوله: لا يملك ؟ وهل هما إلا شيء واحد ؟

                                                                                                                                                                                                قلت: ليس في "لا يستطيعون" تقدير راجع، وإنما المعنى: لا يملكون أن يرزقوا، منفية عنهم أصلا; لأنهم موات، إلا أن يقدر الراجع ويراد بالجمع بين نفي الملك والاستطاعة للتوكيد أو يراد: أنهم لا يملكون الرزق ولا يمكنهم أن يملكوه، ولا يتأتى ذلك منهم ولا يستقيم.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية