الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          1156 - مسألة :

                                                                                                                                                                                          ولا معنى للبساط في الأيمان ولا للمن ، ولو منت امرأته عليه أو غيرها بمالها فحلف أن لا يلبس من مالها ثوبا لم يحنث إلا بما سمى فقط ، ويأكل من مالها ما شاء ، ويأخذ ما تعطيه ، ولا يحنث بذلك ، ويشتري بما تعطيه ما يلبس ولا يحنث بذلك .

                                                                                                                                                                                          وكذلك من من على آخر بلبن شاته فحلف أن لا يشرب منه شيئا ، فله أن يأكل من لحم تلك الشاة ، ومن جبنها ، ومن زبدها ، ورائبها ، لأنه ليس شيء من ذلك شرب لبن .

                                                                                                                                                                                          فإن باعت تلك الشاة واشترت أخرى كان له أن يشرب من لبنها ولا كفارة في ذلك ، إنما يحنث بما حلف عليه وسماه فقط .

                                                                                                                                                                                          وهو قول أبي حنيفة ، والشافعي ، وأبي سليمان .

                                                                                                                                                                                          وقال مالك : يحنث بكل ذلك ، ثم تناقض فقال : إن وهبت له شاة ثم منت بها عليه فحلف أن لا يأكل من لبنها شيئا فباعها وابتاع بثمنها ثوبا لبسه فإنه يحنث - ولا يحنث بإمساكها في ملكه ولا ببيعها وقضاء دينه من ثمنها - وهذا قول ظاهر الفساد ، لأنه أحنثه بغير ما حلف عليه .

                                                                                                                                                                                          وموه بعضهم بأن ذكر ما رويناه من طريق حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان عن علي بن الحسين : { أن أبا لبابة ربط نفسه إلى سارية وقال : لا أحل نفسي [ ص: 319 ] حتى يحلني رسول الله صلى الله عليه وسلم أو تنزل توبتي ، فجاءت فاطمة تحله فأبى إلا أن يحله رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عليه السلام : إن فاطمة بضعة مني } فهذا لا يصح ، لأنه مرسل - ثم عن علي بن زيد وهو ضعيف .

                                                                                                                                                                                          ثم لو صح لكانوا مخالفين لما فيه ، لأنهم لا يختلفون فيمن حلف أن يضرب زيدا فضرب ولد زيد أنه لا يحنث .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية