الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 326 ] سورة لقمان

                                                                                                                                                                                                                                        مكية كلها في قول الجميع إلا رواية عطاء أن آيتين منها نزلتا بالمدينة وهما قوله تعالى : ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والتي بعدها . وقال الحسن إلا آية منها نزلت بالمدينة وهي قوله تعالى : الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة لأن الصلاة والزكاة مدنيتان .

                                                                                                                                                                                                                                        بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                        الم تلك آيات الكتاب الحكيم هدى ورحمة للمحسنين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون

                                                                                                                                                                                                                                        قوله : الم تلك آيات الكتاب الحكيم فيه أربعة أوجه :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : المحكم أحكمت آياته بالحلال والحرام والأحكام . قاله يحيى بن سلام .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : المتقن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وهو قريب من المعنى الأول ، قاله ابن شجرة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : البين أنه من عند الله ، قاله الضحاك .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع : أنه يظهر من الحكمة بنفسه كما يظهره الحكيم بقوله ، قاله ابن عيسى .

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى : هدى فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : هدى من الضلالة ، قاله الشعبي .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 327 ] الثاني : هدى إلى الجنة ، قاله يحيى بن آدم .

                                                                                                                                                                                                                                        ورحمة فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : أن القرآن رحمة من العذاب لما فيه من الزجر عن استحقاقه وهو وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : أنه خرج مخرج النعت بأنه هدى ورحمة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أنه خرج مخرج المدح بأن فيه هدى ورحمة .

                                                                                                                                                                                                                                        للمحسنين وفي الإحسان ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : أنه الإيمان الذي يحسن به إلى نفسه ، قاله ابن شجرة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أنه الصلة والصلاة ، قاله الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : ما روى عمر بن الخطاب قال : بينما أنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتاه رجل فقال : يا رسول الله ما الإحسان؟ قال : (أن تخشى الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك . وتحب للناس ما تحب لنفسك) قال : فإذا فعلت ذلك فأنا محسن؟ قال : (نعم) قال الرجل : صدقت . ثم انطلق الرجل فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (علي بالرجل) . فطلبناه فلم نقدر عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (الله أكبر ذلك جبريل عليه السلام أراد أن يعلمكم أمور دينكم .

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى : أولئك على هدى من ربهم فيه ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : على نور من ربهم ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : على بينة ، قاله ابن جبير .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : على بيان ، قاله يحيى بن سلام .

                                                                                                                                                                                                                                        وأولئك هم المفلحون فيه أربعة أوجه :

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 328 ] أحدها : بمعنى السعداء ، قاله يحيى بن سلام .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : المنجحون ، قاله ابن شجرة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : الناجحون ، قاله النقاش .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع : أنهم الذين أدركوا ما طلبوا ونجوا من شر ما منه هربوا ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية