الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى ( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا ( 145 ) )

قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : " إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار " ، إن المنافقين في الطبق الأسفل من أطباق جهنم .



[ ص: 338 ]

وكل طبق من أطباق جهنم : "درك" . وفيه لغتان ، "درك" ، بفتح"الراء" و"درك" بتسكينها . فمن فتح"الراء" ، جمعه في القلة"أدراك" ، وإن شاء جمعه في الكثرة"الدروك" . ومن سكن"الراء" قال : "ثلاثة أدرك" ، وللكثير" الدروك " .

وقد اختلفت القرأة في قراءة ذلك :

فقرأته عامة قرأة المدينة والبصرة ( في الدرك ) بفتح"الراء" .

وقرأته عامة قرأة الكوفة بتسكين"الراء" .

قال أبو جعفر : وهما قراءتان معروفتان ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب ، لاتفاق معنى ذلك ، واستفاضة القراءة بكل واحدة منهما في قرأة الإسلام . غير أني رأيت أهل العلم بالعربية يذكرون أن فتح"الراء" منه في العرب ، أشهر من تسكينها . وحكوا سماعا منهم : "أعطني دركا أصل به حبلي" ، وذلك إذا سأل ما يصل به حبله الذي قد عجز عن بلوغ الركية .

وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

10741 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، عن خيثمة ، عن عبد الله : " إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار " ، قال : في توابيت من حديد مبهمة عليهم .

10742 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا وهب بن جرير ، عن شعبة ، [ ص: 339 ] عن سلمة ، عن خيثمة ، عن عبد الله قال : إن المنافقين في توابيت من حديد مقفلة عليهم في النار .

10743 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا يحيى بن يمان ، عن سفيان ، عن عاصم ، عن ذكوان ، عن أبي هريرة : " إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار " ، قال : في توابيت ترتج عليهم .

10744 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثنا معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : " إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار " ، يعني : في أسفل النار .

10745 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال : قال لي عبد الله بن كثير قوله : " في الدرك الأسفل من النار " ، قال : سمعنا أن جهنم أدراك : منازل .

10746 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، عن خيثمة ، عن عبد الله : " إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار " ، قال : توابيت من نار تطبق عليهم .

وأما قوله : " ولن تجد لهم نصيرا " ، فإنه يعني : ولن تجد لهؤلاء المنافقين ، يا محمد ، من الله إذا جعلهم في الدرك الأسفل من النار ناصرا ينصرهم منه ، فينقذهم من عذابه ، ويدفع عنهم أليم عقابه .

[ ص: 340 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية