الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين

                                                                                                                                                                                                                                      فإن كنت في شك أي: في شك ما يسير على الفرض والتقدير، فإن مضمون الشرطية إنما هو تعليق شيء بشيء من غير تعرض لإمكان شيء منهما، كيف لا وقد يكون كلاهما ممتنعا كقوله عز وجل: قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين وقوله تعالى: لئن أشركت ليحبطن عملك ونظائرهما ؟! مما أنزلنا إليك من القصص التي من جملتها قصة فرعون وقومه، وأخبار بني إسرائيل فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك فإن ذلك محقق عندهم، ثابت في كتبهم، حسبما ألقينا إليك، والمراد إظهار نبوته - صلى الله عليه وسلم - بشهادة الأحبار، حسبما هو المسطور في كتبهم، وإن لم يكن إليه حاجة أصلا، أو وصف أهل الكتاب بالرسوخ في العلم بصحة نبوته - صلى الله عليه وسلم - أو تهييجه - صلى الله عليه وسلم - وزيادة تثبيته على ما هو عليه من اليقين لا تجويز صدور الشك منه - صلى الله عليه وسلم - ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: "لا أشك ولا أسأل" وقيل: المراد بالموصول: مؤمنو أهل الكتاب كعبد الله بن سلام، وتميم الداري، وكعب وأضرابهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - والمراد: أمته، أو لكل من يسمع، أي: إن كنت أيها السامع في شك مما أنزلنا إليك على لسان نبينا، وفيه تنبيه على أن من خالجته شبهة في الدين ينبغي أن يسارع إلى حلها بالرجوع إلى أهل العلم، وقرئ (فاسأل الذين يقرءون الكتب).

                                                                                                                                                                                                                                      لقد جاءك الحق الذي لا محيد عنه ولا ريب في حقيته من ربك وظهر ذلك بالآيات القاطعة التي لا يحوم حولها شائبة الارتياب، وفي التعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميره - صلى الله عليه وسلم - من التشريف ما لا يخفي فلا تكونن من الممترين بالتزلزل عما أنت عليه من الجزم واليقين، ودم على ذلك كما كنت من قبل.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية