الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 22 ] باب تحريم قتل الصيد وضمانه بنظيره قال الله تعالى { فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم } الآية 1906 وعن جابر قال : { جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في الضبع يصيبه المحرم كبشا وجعله من الصيد } . رواه أبو داود وابن ماجه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الحديث أخرجه أيضا بقية أهل السنن وابن حبان وأحمد والحاكم في المستدرك قال الترمذي : سألت عنه البخاري فصححه وكذا صححه عبد الحق وقد أعل بالوقوف ، وقال البيهقي : هو حديث جيد تقوم به الحجة ورواه عن جابر عن عمر وقال : لا أراه إلا رفعه ورواه الشافعي موقوفا وصحح وقفه من هذا الوجه الدارقطني ورواه من وجه آخر هو والحاكم مرفوعا ، وفي الباب عن ابن عباس عند الدارقطني والبيهقي قال البيهقي : روي موقوفا عن ابن عباس .

                                                                                                                                            والآية الكريمة أصل أصيل في وجوب الجزاء على من قتل صيدا وهو محرم ويكون الجزاء مماثلا للمقتول ويرجع في ذلك إلى حكم عدلين كما ذهب إليه مالك وهو ظاهر الآية وقيل : إنه لا يرجع إلى حكم العدلين إلا فيما لا مثل له ، وأما فيما له مثل فيرجع فيه إلى ما حكم به السلف وإلا يحكم فيه السلف رجع إلى ما حكم به عدلان واختلفوا في أي شيء تعتبر المماثلة فقيل في الشكل أو الفعل وقيل : في القيمة ، والحديث يدل على أن الضبع صيد وأن فيه كبشا

                                                                                                                                            1907 - ( وعن محمد بن سيرين أن رجلا جاء إلى عمر بن الخطاب فقال : إني أجريت أنا وصاحب لي فرسين نستبق إلى ثغرة ثنية فأصبنا ظبيا ونحن محرمان فماذا ترى ؟ فقال عمر لرجل بجنبه : تعالى حتى نحكم أنا وأنت ، قال : فحكما عليه بعنز فولى الرجل وهو يقول : هذا أمير المؤمنين لا يستطيع أن يحكم في ظبي حتى دعا رجلا فحكم معه فسمع عمر قول الرجل فدعاه فسأله : هل تقرأ سورة المائدة ؟ فقال : لا ، فقال : هل تعرف هذا الرجل الذي حكم معي ؟ فقال : لا ، فقال لو أخبرتني أنك تقرأ سورة المائدة لأوجعتك ضربا ، ثم قال : إن الله عز وجل يقول في كتابه { يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة } وهذا عبد الرحمن بن عوف . رواه مالك في الموطإ ) [ ص: 23 ]

                                                                                                                                            1908 - ( وعن جابر أن عمر قضى في الضبع بكبش ، وفي الغزال بعنز ، وفي الأرنب بعناق ، وفي اليربوع بجفرة . رواه مالك في الموطإ ) .

                                                                                                                                            1909 - ( وعن الأجلح بن عبد الله عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { في الضبع إذا أصابه المحرم كبش ، وفي الظبي شاة ، وفي الأرنب عناق ، وفي اليربوع جفرة } قال : والجفرة : التي قد أرتعت . رواه الدارقطني قال ابن معين : الأجلح ثقة وقال ابن عدي : صدوق ، وقال أبو حاتم : لا يحتج بحديثه ) الأثر الأول رواه مالك في الموطأ عن عبد الملك بن قريب عن محمد بن سيرين وعبد الملك بن قريب هو الأصمعي وهو ثقة ، والأثر الثاني لم يذكر مالك في الموطأ قوله عن جابر بل رواه عن أبي الزبير أن عمر بن الخطاب قضى في الضبع . . . إلخ .

                                                                                                                                            وأخرجه أيضا الشافعي بسند صحيح عن عمر وأخرج البيهقي عن ابن عباس أنه قضى في الأرنب بعناق وروى عنه الشافعي من طريق الضحاك أنه قضى في الأرنب بشاة وأخرج البيهقي عن ابن مسعود أنه قضى في اليربوع بجفرة ورواه الشافعي عنه من طريق مجاهد وروى أبو يعلى عن عمر وقال : لا أراه إلا رفعه ، أنه حكم في الضبع بشاة وفي الأرنب بعناق وفي اليربوع جفرة وفي الظبي كبش وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر أنه قضى في الأرنب ببقرة وروى إبراهيم الحربي في الغريب عن ابن عباس أنه قضى في اليربوع بحمل ، والحمل : ولد الضأن الذكر وحديث جابر أخرجه أيضا البيهقي وأبو يعلى وقالا عن جابر عن عمر رفعه .

                                                                                                                                            وأما الدارقطني فرواه من طريق إبراهيم الصائغ عن عطاء عن جابر يرفعه وكذلك الحاكم . ورواه الشافعي عن مالك عن أبي الزبير موقوفا على جابر وصحح وقفه الدارقطني من هذا الوجه كما سلف في أول الباب

                                                                                                                                            قوله : ( فحكما عليه بعنز ) قد وافقهما على ذلك علي وعثمان وابن عباس وابن عمر وزيد بن ثابت وابن الزبير وكذلك وافقوا عمر في إيجاب عناق في الأرنب ، وجفرة في اليربوع كما حكى ذلك المهدي في البحر عنهم وهو موافق لما في حديث جابر المرفوع المذكور في الباب إلا في الظبي فإنه أوجب فيه شاة ولكنها قد تطلق الشاة على المعز قال في القاموس : الشاة : الواحدة من الغنم للذكر والأنثى أو يكون من الضأن والمعز والظباء والبقر والنعام وحمر الوحش انتهى .

                                                                                                                                            قوله : جفرة الجفرة بفتح الجيم هي الأنثى من ولد الضأن التي بلغت أربعة أشهر وفصلت عن أمها والعنز بفتح المهملة وسكون النون بعدها زاي : الأنثى من المعز الجمع أعنز وعنوز وعناز




                                                                                                                                            الخدمات العلمية