الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه إني لكم نذير مبين

                                                                                                                                                                                                                                      ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه الواو ابتدائية، واللام جواب قسم محذوف، وحرفه الباء لا الواو، كما في سورة الأعراف لئلا يجتمع واوان، ولا يكاد تطلق هذه اللام إلا مع قد؛ لأنها مظنة التوقع، وأن المخاطب إذا سمعها توقع وقوع ما صدر بها، ونوح هو ابن لمك بن متوشلخ بن إدريس عليهما السلام، وهو أول نبي بعث بعده.

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -: بعث - صلى الله عليه وسلم - على رأس أربعين من عمره، ولبث يدعو قومه تسعمائة وخمسين سنة، وعاش بعد الطوفان ستين سنة، وكان عمره ألفا وخمسين سنة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال مقاتل: بعث وهو ابن مائة سنة، وقيل: وهو ابن خمسين سنة، وقيل: وهو ابن مائتين وخمسين سنة، ومكث يدعو قومه تسعمائة وخمسين سنة، وعاش بعد الطوفان مائتين وخمسين سنة، فكان عمره ألفا وأربعمائة وخمسين سنة.

                                                                                                                                                                                                                                      إني لكم نذير بالكسر على إرادة القول، أي: فقال، أو قائلا، وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، والكسائي بالفتح على إضمار حرف الجر، أي: أرسلناه ملتبسا بذلك الكلام، وهو إني لكم نذير بالكسر، فلما اتصل به الجار فتح كما فتح في كأن، والمعنى على الكسر، وهو قولك: إن زيدا كالأسد، واقتصر على ذكر كونه - صلى الله عليه وسلم - نذيرا، لا لأن دعوته - صلى الله عليه وسلم - كانت بطريق الإنذار فقط، ألا يرى إلى قوله تعالى: فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ... إلخ، بل لأنهم لم يغتنموا مغانم إبشاره - صلى الله عليه وسلم - مبين أبين لكم موجبات العذاب، ووجه الخلاص منه؛ لأن الإنذار إعلام المحذور لا لمجرد التخويف والإزعاج، بل للحذر منه فيتعلق بكلا وصفيه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية