nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=28987_29485والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=6ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=7وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرءوف رحيم يجوز أن يعطف الأنعام عطف المفرد على المفرد عطفا على الإنسان ، أي خلق الإنسان من نطفة والأنعام ، وهي أيضا مخلوقة من نطفة ، فيحصل
[ ص: 104 ] اعتبار بهذا التكوين العجيب ; لشبهه بتكوين الإنسان ، وتكون جملة ( خلقها ) بمتعلقاتها مستأنفة ، فيحصل بذلك الامتنان .
ويجوز أن يكون عطف الجملة على الجملة ، فيكون نصب الأنعام بفعل مضمر يفسره المذكور بعده على طريقة الاشتغال ، والتقدير : وخلق الأنعام خلقها ، فيكون الكلام مفيدا للتأكيد لقصد تقوية الحكم اهتماما بما في الأنعام من الفوائد; فيكون امتنانا على المخاطبين ، وتعريضا بهم ، فإنهم كفروا نعمة الله بخلقها فجعلوا من نتاجها لشركائهم وجعلوا لله نصيبا ، وأي كفران أعظم من أن يتقرب بالمخلوقات إلى غير من خلقها ، وليس في الكلام حصر على كلا التقديرين .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=5لكم فيها دفء في موضع الحال من الضمير المنصوب في ( خلقها ) على كلا التقديرين; إلا أن الوجه الأول تمام مقابلة لقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=4خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين من حيث حصول الاعتبار ابتداء ثم التعريض بالكفران ثانيا ، بخلاف الوجه الثاني فإن صريحه الامتنان ويحصل الاعتبار بطريق الكناية من الاهتمام .
والمقصود من الاستدلال هو قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=5والأنعام خلقها وما بعده إدماج للامتنان .
والأنعام : الإبل ، والبقر ، والغنم ، والمعز ، وتقدم في سورة الأنعام ، وأشهر الأنعام عند العرب الإبل ; ولذلك يغلب أن يطلق لفظ الأنعام عندهم على الإبل .
والخطاب صالح لشمول المشركين ، وهم المقصود ابتداء من الاستدلال ، وأن يشمل جميع الناس ، ولا سيما فيما تضمنه الكلام من الامتنان .
وفيه التفات من طريق الغيبة الذي في قوله تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1عما يشركون ) باعتبار بعض المخاطبين .
والدفء - بكسر الدال - اسم لما يتدفأ به كالملء والحمل ، وهو الثياب المنسوجة من أوبار الأنعام وأصوافها وأشعارها تتخذ منها الخيام والملابس .
[ ص: 105 ] فلما كانت تلك مادة النسج جعل المنسوج كأنه مظروف في الأنعام ، وخص الدفء بالذكر من بين عموم المنافع للعناية به .
عطف ( ومنافع ) على ( دفء ) من عطف العام على الخاص ; لأن أمر الدفء قلما تستحضره الخواطر .
ثم عطف الأكل منها ; لأنه من ذواتها لا من ثمراتها .
وجملة (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=6ولكم فيها جمال ) عطف على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=5لكم فيها دفء .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=5ومنها تأكلون عطف على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=5لكم فيها دفء ، وهذا امتنان بنعمة تسخيرها للأكل منها والتغذي ، واسترداد القوة لما يحصل من تغذيتها .
وتقديم المجرور في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=5ومنها تأكلون للاهتمام ; لأنهم شديدو الرغبة في أكل اللحوم ، وللرعاية على الفاصلة ، والإتيان بالمضارع في ( تأكلون ) ; لأن ذلك من الأعمال المتكررة .
والإراحة : فعل الرواح ، وهو الرجوع إلى المعاطن ، يقال : أراح نعمه إذا أعادها بعد السروح .
والسروح : الإسامة ، أي الغدو بها إلى المراعي ، يقال : سرحها بتخفيف الراء سرحا وسروحا ، وسرحها بتشديد الراء تسريحا .
وتقديم الإراحة على التسريح ; لأن الجمال عند الإراحة أقوى وأبهج ; لأنها تقبل حينئذ ملأى البطون حافلة الضروع مرحة بمسرة الشبع ، ومحبة الرجوع إلى منازلها من معاطن ومرابض .
والإتيان بالمضارع في ( تريحون ) و ( تسرحون ) ; لأن ذلك من الأحوال المتكررة ، وفي تكررها تكرر النعمة بمناظرها .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=7وتحمل أثقالكم معطوفة على
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=6ولكم فيها جمال ، فهي في موضع الحال أيضا ، والضمير عائد إلى أشهر الأنعام عندهم وهي الإبل ، كقولها
[ ص: 106 ] في قصة
أم زرع nindex.php?page=hadith&LINKID=10342018ركب شريا ، وأخذ خطيا فأراح علي نعما ثريا ، فإن النعم التي تؤخذ بالرمح هي الإبل ; لأنها تؤخذ بالغارة .
وضمير ( وتحمل ) عائد إلى بعض الأنعام بالقرينة ، واختيار الفعل المضارع بتكرر ذلك الفعل .
والأثقال : جمع ثقل بفتحتين ، وهو ما يثقل على الناس حمله بأنفسهم .
والمراد بـ ( بلد ) جنس الذي يرتحلون إليه
كالشام واليمن بالنسبة إلى
أهل الحجاز ، ومنهم
أهل مكة في رحلة الصيف والشتاء والرحلة إلى الحج .
وقد أفاد
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=7وتحمل أثقالكم معنى تحملكم وتبلغكم ، بطريقة الكناية القريبة من التصريح ; ولذلك عقب بقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=7لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=7لم تكونوا بالغيه صفة لـ ( بلد ) ، وهي مفيدة معنى البعد ; لأن بلوغ المسافر إلى بلد بمشقة هو من شأن البلد البعيد ، أي لا تبلغونه بدون الأنعام الحاملة أثقالكم .
والشق - بكسر الشين - في قراءة الجمهور : المشقة ، والباء للملابسة ، والمشقة : التعب الشديد .
وما بعد أداة الاستثناء مستثنى من أحوال لضمير المخاطبين .
وقرأ
أبو جعفر (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=7إلا بشق الأنفس ) بفتح الشين وهو لغة في الشق المكسور الشين .
وقد نفت الجملة أن يكونوا بالغيه إلا بمشقة ، فأفاد ظاهرها أنهم كانوا يبلغونه بدون الرواحل بمشقة ، وليس مقصودا ، إذ كان الحمل على الأنعام مقارنا للأسفار بالانتقال إلى البلاد البعيدة ، بل المراد : لم تكونوا بالغيه لولا الإبل أو بدون الإبل ، فحذف لقرينة السياق .
[ ص: 107 ] وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=7إن ربكم لرءوف رحيم تعليل لجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=5والأنعام خلقها ، أي خلقها لهذه المنافع ; لأنه رءوف رحيم بكم .
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=28987_29485وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=6وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=7وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ يَجُوزُ أَنْ يَعْطِفَ الْأَنْعَامَ عَطْفَ الْمُفْرَدِ عَلَى الْمُفْرَدِ عَطْفًا عَلَى الْإِنْسَانَ ، أَيْ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ وَالْأَنْعَامَ ، وَهِيَ أَيْضًا مَخْلُوقَةٌ مِنْ نُطْفَةٍ ، فَيَحْصُلُ
[ ص: 104 ] اعْتِبَارٌ بِهَذَا التَّكْوِينِ الْعَجِيبِ ; لِشَبَهِهِ بِتَكْوِينِ الْإِنْسَانِ ، وَتَكُونُ جُمْلَةُ ( خَلَقَهَا ) بِمُتَعَلِّقَاتِهَا مُسْتَأْنَفَةٌ ، فَيَحْصُلُ بِذَلِكَ الِامْتِنَانُ .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَطْفُ الْجُمْلَةِ عَلَى الْجُمْلَةِ ، فَيَكُونُ نَصْبُ الْأَنْعَامِ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ يُفَسِّرُهُ الْمَذْكُورُ بَعْدَهُ عَلَى طَرِيقَةِ الِاشْتِغَالِ ، وَالتَّقْدِيرُ : وَخَلَقَ الْأَنْعَامَ خَلَقَهَا ، فَيَكُونُ الْكَلَامُ مُفِيدًا لِلتَّأْكِيدِ لِقَصْدِ تَقْوِيَةِ الْحُكْمِ اهْتِمَامًا بِمَا فِي الْأَنْعَامِ مِنَ الْفَوَائِدِ; فَيَكُونُ امْتِنَانًا عَلَى الْمُخَاطَبِينَ ، وَتَعْرِيضًا بِهِمْ ، فَإِنَّهُمْ كَفَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ بِخَلْقِهَا فَجَعَلُوا مِنْ نِتَاجِهَا لِشُرَكَائِهِمْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ نَصِيبًا ، وَأَيُّ كُفْرَانٍ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُتَقَرَّبَ بِالْمَخْلُوقَاتِ إِلَى غَيْرِ مَنْ خَلَقَهَا ، وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ حَصْرٌ عَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=5لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَنْصُوبِ فِي ( خَلَقَهَا ) عَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ; إِلَّا أَنَّ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ تَمَامُ مُقَابَلَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=4خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ مِنْ حَيْثُ حُصُولِ الِاعْتِبَارِ ابْتِدَاءً ثُمَّ التَّعْرِيضِ بِالْكُفْرَانِ ثَانِيًا ، بِخِلَافِ الْوَجْهِ الثَّانِي فَإِنَّ صَرِيحَهُ الِامْتِنَانُ وَيَحْصُلُ الِاعْتِبَارُ بِطَرِيقِ الْكِنَايَةِ مِنْ الِاهْتِمَامِ .
وَالْمَقْصُودُ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=5وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا وَمَا بَعْدَهُ إِدْمَاجٌ لِلِامْتِنَانِ .
وَالْأَنْعَامُ : الْإِبِلُ ، وَالْبَقَرُ ، وَالْغَنَمُ ، وَالْمَعِزُ ، وَتَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ ، وَأَشْهَرُ الْأَنْعَامِ عِنْدَ الْعَرَبِ الْإِبِلُ ; وَلِذَلِكَ يَغْلِبُ أَنْ يُطْلَقَ لَفْظُ الْأَنْعَامِ عِنْدَهُمْ عَلَى الْإِبِلِ .
وَالْخِطَابُ صَالِحٌ لِشُمُولِ الْمُشْرِكِينَ ، وَهُمُ الْمَقْصُودُ ابْتِدَاءً مِنْ الِاسْتِدْلَالِ ، وَأَنْ يَشْمَلَ جَمِيعَ النَّاسِ ، وَلَا سِيَّمَا فِيمَا تَضَمَّنَهُ الْكَلَامُ مِنْ الِامْتِنَانِ .
وَفِيهِ الْتِفَاتٌ مِنْ طَرِيقِ الْغَيْبَةِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1عَمَّا يُشْرِكُونَ ) بِاعْتِبَارِ بَعْضِ الْمُخَاطَبِينَ .
وَالدِّفْءُ - بِكَسْرِ الدَّالِ - اسْمٌ لِمَا يُتَدَفَّأُ بِهِ كَالْمِلْءِ وَالْحِمْلِ ، وَهُوَ الثِّيَابُ الْمَنْسُوجَةُ مِنْ أَوْبَارِ الْأَنْعَامِ وَأَصْوَافِهَا وَأَشْعَارِهَا تُتَّخَذُ مِنْهَا الْخِيَامُ وَالْمَلَابِسُ .
[ ص: 105 ] فَلَمَّا كَانَتْ تِلْكَ مَادَّةَ النَّسْجِ جُعِلَ الْمَنْسُوجُ كَأَنَّهُ مَظْرُوفٌ فِي الْأَنْعَامِ ، وَخُصَّ الدِّفْءُ بِالذِّكْرِ مِنْ بَيْنِ عُمُومِ الْمَنَافِعِ لِلْعِنَايَةِ بِهِ .
عَطْفُ ( وَمَنَافِعُ ) عَلَى ( دِفْءٌ ) مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ ; لِأَنَّ أَمْرَ الدِّفْءِ قَلَّمَا تَسْتَحْضِرُهُ الْخَوَاطِرُ .
ثُمَّ عُطِفَ الْأَكْلُ مِنْهَا ; لِأَنَّهُ مِنْ ذَوَاتِهَا لَا مِنْ ثَمَرَاتِهَا .
وَجُمْلَةُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=6وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ ) عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=5لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=5وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=5لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ ، وَهَذَا امْتِنَانٌ بِنِعْمَةِ تَسْخِيرِهَا لِلْأَكْلِ مِنْهَا وَالتَّغَذِّي ، وَاسْتِرْدَادِ الْقُوَّةِ لِمَا يَحْصُلُ مِنْ تَغْذِيَتِهَا .
وَتَقْدِيمُ الْمَجْرُورِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=5وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ لِلِاهْتِمَامِ ; لِأَنَّهُمْ شَدِيدُو الرَّغْبَةِ فِي أَكْلِ اللُّحُومِ ، وَلِلرِّعَايَةِ عَلَى الْفَاصِلَةِ ، وَالْإِتْيَانُ بِالْمُضَارِعِ فِي ( تَأْكُلُونَ ) ; لِأَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْأَعْمَالِ الْمُتَكَرِّرَةِ .
وَالْإِرَاحَةُ : فِعْلُ الرَّوَاحِ ، وَهُوَ الرُّجُوعُ إِلَى الْمَعَاطِنِ ، يُقَالُ : أَرَاحَ نِعَمَهُ إِذَا أَعَادَهَا بَعْدَ السُّرُوحِ .
وَالسُّرُوحُ : الْإِسَامَةُ ، أَيِ الْغُدُوُّ بِهَا إِلَى الْمَرَاعِي ، يُقَالُ : سَرَحَهَا بِتَخْفِيفِ الرَّاءِ سَرَحًا وَسُرُوحًا ، وَسَرَّحَهَا بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ تَسْرِيحًا .
وَتَقْدِيمُ الْإِرَاحَةِ عَلَى التَّسْرِيحِ ; لِأَنَّ الْجَمَالَ عِنْدَ الْإِرَاحَةِ أَقْوَى وَأَبْهَجُ ; لِأَنَّهَا تُقْبِلُ حِينَئِذٍ مَلْأَى الْبُطُونِ حَافِلَةَ الضُّرُوعِ مَرِحَةً بِمَسَرَّةِ الشِّبَعِ ، وَمَحَبَّةِ الرُّجُوعِ إِلَى مَنَازِلِهَا مِنْ مَعَاطِنَ وَمَرَابِضَ .
وَالْإِتْيَانُ بِالْمُضَارِعِ فِي ( تُرِيحُونَ ) وَ ( تَسْرَحُونَ ) ; لِأَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْأَحْوَالِ الْمُتَكَرِّرَةِ ، وَفِي تَكَرُّرِهَا تَكَرُّرُ النِّعْمَةِ بِمَنَاظِرِهَا .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=7وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ مَعْطُوفَةٌ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=6وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ ، فَهِيَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ أَيْضًا ، وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ إِلَى أَشْهَرِ الْأَنْعَامِ عِنْدَهُمْ وَهِيَ الْإِبِلُ ، كَقَوْلِهَا
[ ص: 106 ] فِي قِصَّةِ
أُمِّ زَرْعٍ nindex.php?page=hadith&LINKID=10342018رَكِبَ شَرِيًّا ، وَأَخَذَ خَطِيًّا فَأَرَاحَ عَلَيَّ نَعَمًا ثَرِيًّا ، فَإِنَّ النَّعَمَ الَّتِي تُؤْخَذُ بِالرُّمْحِ هِيَ الْإِبِلُ ; لِأَنَّهَا تُؤْخَذُ بِالْغَارَةِ .
وَضَمِيرُ ( وَتَحْمِلُ ) عَائِدٌ إِلَى بَعْضِ الْأَنْعَامِ بِالْقَرِينَةِ ، وَاخْتِيَارُ الْفِعْلِ الْمُضَارِعِ بِتَكَرُّرِ ذَلِكَ الْفِعْلِ .
وَالْأَثْقَالُ : جَمْعُ ثَقَلٍ بِفَتْحَتَيْنِ ، وَهُوَ مَا يَثْقُلُ عَلَى النَّاسِ حَمْلُهُ بِأَنْفُسِهِمْ .
وَالْمُرَادُ بِـ ( بَلَدٍ ) جِنْسُ الَّذِي يَرْتَحِلُونَ إِلَيْهِ
كَالشَّامِ وَالْيَمَنِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى
أَهْلِ الْحِجَازِ ، وَمِنْهُمْ
أَهْلُ مَكَّةَ فِي رِحْلَةِ الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ وَالرِّحْلَةِ إِلَى الْحَجِّ .
وَقَدْ أَفَادَ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=7وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ مَعْنَى تَحْمِلُكُمْ وَتُبَلِّغُكُمْ ، بِطَرِيقَةِ الْكِنَايَةِ الْقَرِيبَةِ مِنَ التَّصْرِيحِ ; وَلِذَلِكَ عَقَّبَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=7لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=7لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ صِفَةٌ لِـ ( بَلَدٍ ) ، وَهِيَ مُفِيدَةٌ مَعْنَى الْبُعْدِ ; لِأَنَّ بُلُوغَ الْمُسَافِرِ إِلَى بَلَدٍ بِمَشَقَّةٍ هُوَ مِنْ شَأْنِ الْبَلَدِ الْبَعِيدِ ، أَيْ لَا تَبْلُغُونَهُ بِدُونِ الْأَنْعَامِ الْحَامِلَةِ أَثْقَالَكُمْ .
وَالشِّقُّ - بِكَسْرِ الشِّينِ - فِي قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ : الْمَشَقَّةُ ، وَالْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ ، وَالْمَشَقَّةُ : التَّعَبُ الشَّدِيدُ .
وَمَا بَعْدَ أَدَاةِ الِاسْتِثْنَاءِ مُسْتَثْنًى مِنْ أَحْوَالٍ لِضَمِيرِ الْمُخَاطَبِينَ .
وَقَرَأَ
أَبُو جَعْفَرٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=7إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَهُوَ لُغَةٌ فِي الشِّقِّ الْمَكْسُورِ الشِّينِ .
وَقَدْ نَفَتِ الْجُمْلَةُ أَنْ يَكُونُوا بَالِغَيْهِ إِلَّا بِمَشَقَّةٍ ، فَأَفَادَ ظَاهِرُهَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَبْلُغُونَهُ بِدُونِ الرَّوَاحِلِ بِمَشَقَّةٍ ، وَلَيْسَ مَقْصُودًا ، إِذْ كَانَ الْحَمْلُ عَلَى الْأَنْعَامِ مُقَارِنًا لِلْأَسْفَارِ بِالِانْتِقَالِ إِلَى الْبِلَادِ الْبَعِيدَةِ ، بَلِ الْمُرَادُ : لَمْ تَكُونُوا بَالِغَيْهِ لَوْلَا الْإِبِلُ أَوْ بِدُونِ الْإِبِلِ ، فَحُذِفَ لِقَرِينَةِ السِّيَاقِ .
[ ص: 107 ] وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=7إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ تَعْلِيلٌ لِجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=5وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا ، أَيْ خَلَقَهَا لِهَذِهِ الْمَنَافِعِ ; لِأَنَّهُ رَءُوفٌ رَحِيمٌ بِكُمْ .