nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=120nindex.php?page=treesubj&link=28987_31851إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=121شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=122وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين استئناف ابتدائي للانتقال إلى غرض التنويه بدين الإسلام بمناسبة قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=119ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا المقصود به أنهم كانوا في الجاهلية ثم اتبعوا الإسلام ، فبعد أن بشرهم بأنه غفر لهم ما عملوه من قبل ، زادهم فضلا ببيان فضل الدين الذي اتبعوه .
[ ص: 315 ] وجعل الثناء على
إبراهيم عليه السلام مقدمة لذلك ; لبيان أن فضل الإسلام فضل زائد على جميع الأديان بأن مبدأه برسول ومنتهاه برسول ، وهذا فضل لم يحظ به دين آخر .
فالمقصود بعد هذا التمهيد ، وهاته المقدمة هو الإفضاء إلى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=123ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا ، وقد قال تعالى في الآية الأخرى
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل .
والأصل الأصيل الذي تفرع عنه وعن فروعه هذا الانتقال ما ذكر في الآية قبلها من تحريم أهل الجاهلية على أنفسهم كثيرا مما أنعم الله به على الناس .
ونظرهم
باليهود إذ حرم الله عليهم أشياء ، تشديدا عليهم ، فجاء بهذا الانتقال ; لإفادة أن كلا الفريقين قد حادوا عن الحنيفية التي يزعمون أنهم متابعوها ، وأن الحنيفية هي ما جاء به الإسلام من إباحة ما في الأرض جميعا من الطيبات إلا ما بين الله تحريمه في آية
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما الآية .
وقد
nindex.php?page=treesubj&link=31850_31851وصف إبراهيم عليه السلام بأنه كان أمة ، والأمة : الطائفة العظيمة من الناس التي تجمعها جهة جامعة ، وتقدم في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=213كان الناس أمة واحدة في سورة البقرة .
ووصف
إبراهيم عليه السلام بذلك وصف بديع لمعنيين : أحدهما : أنه كان في الفضل والفتوة والكمال بمنزلة أمة كاملة ، وهذا كقولهم : أنت الرجل كل الرجل ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13823البحتري :
ولم أر أمثال الرجال تـفـاوتـا لدى الفضل حتى عد ألف بواحد
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبيء صلى الله عليه وسلم قال :
معاذ أمة قانت لله .
[ ص: 316 ] والثاني : أنه كان أمة وحده في الدين ; لأنه لم يكن في وقت بعثته موحد لله غيره ، فهو الذي أحيا الله به التوحيد ، وبثه في الأمم والأقطار ، وبنى له معلما عظيما ، وهو
الكعبة ، ودعا الناس إلى حجه ; لإشاعة ذكره بين الأمم ، ولم يزل باقيا على العصور ، وهذا كقول النبيء صلى الله عليه وسلم في
خطر بن مالك الكاهن
وأنه يبعث يوم القيامة أمة وحده ، رواه
السهيلي في الروض الأنف ، ورأيت رواية أن النبيء صلى الله عليه وسلم قال هذه المقالة في
زيد بن عمرو بن نفيل .
والقانت : المطيع ، وقد تقدم في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=238وقوموا لله قانتين في سورة البقرة .
واللام لام التقوية ; لأن العامل فرع في العمل .
والحنيف : المجانب للباطل ، وقد تقدم عند قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=135قل بل ملة إبراهيم حنيفا في سورة البقرة ، والأسماء الثلاثة أخبار ( كان ) وهي فضائل .
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=120ولم يك من المشركين اعتراض لإبطال مزاعم المشركين أن ما هم عليه هو
nindex.php?page=treesubj&link=31852دين إبراهيم عليه السلام ، وقد صوروا
إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام يستقسمان بالأزلام ووضعوا الصورة في جوف
الكعبة ، كما جاء في حديث غزوة الفتح ، فليس قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=120ولم يك من المشركين مسوقا مساق الثناء على
إبراهيم ، ولكنه تنزيه له عما اختلقه عليه المبطلون ، فوزانه وزان قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=22وما صاحبكم بمجنون ، وهو كالتأكيد لوصف الحنيف بنفي ضده مثل
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=79وأضل فرعون قومه وما هدى .
ونفي كونه من المشركين بحرف ( لم ) لأن ( لم ) تقلب زمن الفعل المضارع إلى المضي ، فتفيد انتفاء مادة الفعل في الزمن الماضي ، وتفيد تجدد ذلك المنفي الذي هو من خصائص الفعل المضارع فيحصل معنيان : انتفاء مدلول الفعل بمادته ، وتجدد الانتفاء بصيغته ، فيفيد أن
إبراهيم عليه
[ ص: 317 ] السلام لم يتلبس بالإشراك قط ، فإن
إبراهيم عليه السلام لم يشرك بالله منذ صار مميزا ، وأنه لا يتلبس بالإشراك أبدا .
و
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=121شاكرا لأنعمه خبر رابع عن ( كان ) ، وهو مدح
لإبراهيم عليه السلام ، وتعريض بذريته الذين أشركوا ، وكفروا نعمة الله مقابل قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=112فكفرت بأنعم الله ، وتقدم قريبا الكلام على أنعم الله .
وجملة اجتباه مستأنفة استئنافا بيانيا ; لأن الثناء المتقدم يثير سؤال سائل عن سبب فوز
إبراهيم بهذه المحامد ، فيجاب بأن الله اجتباه ، كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=124الله أعلم حيث يجعل رسالاته .
والاجتباء : الاختيار ، وهو افتعال من جبى إذا جمع ، وتقدم في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=87واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم في سورة الأنعام .
والهداية إلى الصراط المستقيم : الهداية إلى التوحيد ، ودين الحنيفية .
وضمير ( آتيناه ) التفات من الغيبة إلى التكلم ; تفننا في الأسلوب لتوالي ثلاثة ضمائر غيبة .
والحسنة في الدنيا : كل ما فيه راحة العيش من اطمئنان القلب بالدين ، والصحة ، والسلامة ، وطول العمر ، وسعة الرزق الكافي ، وحسن الذكر بين الناس . وقد تقدم في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=201ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة .
والصلاح : تمام الاستقامة في دين الحق ، واختير هذا الوصف إشارة إلى أن الله أكرمه بإجابة دعوته ، إذ حكى عنه أنه قال
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=83رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين .
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=120nindex.php?page=treesubj&link=28987_31851إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=121شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=122وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لِمَنِ الصَّالِحِينَ اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ لِلِانْتِقَالِ إِلَى غَرَضِ التَّنْوِيهِ بِدِينِ الْإِسْلَامِ بِمُنَاسَبَةِ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=119ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا الْمَقْصُودُ بِهِ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ثُمَّ اتَّبَعُوا الْإِسْلَامَ ، فَبَعْدَ أَنْ بَشَّرَهُمْ بِأَنَّهُ غَفَرَ لَهُمْ مَا عَمِلُوهُ مِنْ قَبْلُ ، زَادَهُمْ فَضْلًا بِبَيَانِ فَضْلِ الدِّينِ الَّذِي اتَّبَعُوهُ .
[ ص: 315 ] وَجَعَلَ الثَّنَاءَ عَلَى
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُقَدِّمَةً لِذَلِكَ ; لِبَيَانِ أَنَّ فَضْلَ الْإِسْلَامِ فَضْلٌ زَائِدٌ عَلَى جَمِيعِ الْأَدْيَانِ بِأَنَّ مَبْدَأَهُ بِرَسُولٍ وَمُنْتَهَاهُ بِرَسُولٍ ، وَهَذَا فَضْلٌ لَمْ يَحْظَ بِهِ دِينٌ آخَرُ .
فَالْمَقْصُودُ بَعْدَ هَذَا التَّمْهِيدِ ، وَهَاتِهِ الْمُقَدِّمَةِ هُوَ الْإِفْضَاءُ إِلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=123ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ .
وَالْأَصْلُ الْأَصِيلُ الَّذِي تَفَرَّعَ عَنْهُ وَعَنْ فُرُوعِهِ هَذَا الِانْتِقَالُ مَا ذُكِرَ فِي الْآيَةِ قَبْلَهَا مِنْ تَحْرِيمِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ كَثِيرًا مِمَّا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَى النَّاسِ .
وَنَظَّرَهُمْ
بِالْيَهُودِ إِذْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَشْيَاءَ ، تَشْدِيدًا عَلَيْهِمْ ، فَجَاءَ بِهَذَا الِانْتِقَالِ ; لِإِفَادَةِ أَنَّ كِلَا الْفَرِيقَيْنِ قَدْ حَادُوا عَنِ الْحَنِيفِيَّةِ الَّتِي يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ مُتَابِعُوهَا ، وَأَنَّ الْحَنِيفِيَّةَ هِيَ مَا جَاءَ بِهِ الْإِسْلَامُ مِنْ إِبَاحَةِ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنَ الطَّيِّبَاتِ إِلَّا مَا بَيَّنَ اللَّهُ تَحْرِيمَهُ فِي آيَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا الْآيَةَ .
وَقَدْ
nindex.php?page=treesubj&link=31850_31851وُصِفَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِأَنَّهُ كَانَ أُمَّةً ، وَالْأُمَّةُ : الطَّائِفَةُ الْعَظِيمَةُ مِنَ النَّاسِ الَّتِي تَجْمَعُهَا جِهَةٌ جَامِعَةٌ ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=213كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَوَصْفَ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِذَلِكَ وَصْفٌ بَدِيعٌ لِمَعْنَيَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ كَانَ فِي الْفَضْلِ وَالْفُتُوَّةِ وَالْكَمَالِ بِمَنْزِلَةِ أُمَّةٍ كَامِلَةٍ ، وَهَذَا كَقَوْلِهِمْ : أَنْتَ الرَّجُلُ كُلُّ الرَّجُلِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13823الْبُحْتُرِيُّ :
وَلَمْ أَرَ أَمْثَالَ الرِّجَالِ تَـفَـاوُتًـا لَدَى الْفَضْلِ حَتَّى عُدَّ أَلْفٌ بِوَاحِدِ
وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيءَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
مُعَاذٌ أُمَّةٌ قَانِتٌ لِلَّهِ .
[ ص: 316 ] وَالثَّانِي : أَنَّهُ كَانَ أُمَّةً وَحْدَهُ فِي الدِّينِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي وَقْتِ بِعْثَتِهِ مُوَحِّدٌ لِلَّهِ غَيْرُهُ ، فَهُوَ الَّذِي أَحْيَا اللَّهُ بِهِ التَّوْحِيدَ ، وَبَثَّهُ فِي الْأُمَمِ وَالْأَقْطَارِ ، وَبَنَى لَهُ مَعْلَمًا عَظِيمًا ، وَهُوَ
الْكَعْبَةُ ، وَدَعَا النَّاسَ إِلَى حَجِّهِ ; لِإِشَاعَةِ ذِكْرِهِ بَيْنَ الْأُمَمِ ، وَلَمْ يَزَلْ بَاقِيًا عَلَى الْعُصُورِ ، وَهَذَا كَقَوْلِ النَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
خَطَرِ بْنِ مَالِكٍ الْكَاهِنِ
وَأَنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّةً وَحْدَهُ ، رَوَاهُ
السُّهَيْلِيُّ فِي الرَّوْضِ الْأُنُفِ ، وَرَأَيْتُ رِوَايَةً أَنَّ النَّبِيءَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ فِي
زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ .
وَالْقَانِتُ : الْمُطِيعُ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=238وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَاللَّامُ لَامُ التَّقْوِيَةِ ; لِأَنَّ الْعَامِلَ فَرْعٌ فِي الْعَمَلِ .
وَالْحَنِيفُ : الْمُجَانِبُ لِلْبَاطِلِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=135قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ ، وَالْأَسْمَاءُ الثَّلَاثَةِ أَخْبَارُ ( كَانَ ) وَهِيَ فَضَائِلُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=120وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اعْتِرَاضٌ لِإِبْطَالِ مَزَاعِمِ الْمُشْرِكِينَ أَنَّ مَا هُمْ عَلَيْهِ هُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=31852دِينُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَقَدْ صَوَّرُوا
إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ يَسْتَقْسِمَانِ بِالْأَزْلَامِ وَوَضَعُوا الصُّورَةَ فِي جَوْفِ
الْكَعْبَةِ ، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ غَزْوَةِ الْفَتْحِ ، فَلَيْسَ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=120وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مَسُوقًا مَسَاقَ الثَّنَاءِ عَلَى
إِبْرَاهِيمَ ، وَلَكِنَّهُ تَنْزِيهٌ لَهُ عَمَّا اخْتَلَقَهُ عَلَيْهِ الْمُبْطِلُونَ ، فَوِزَانُهُ وِزَانُ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=22وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ ، وَهُوَ كَالتَّأْكِيدِ لِوَصْفِ الْحَنِيفِ بِنَفْيِ ضِدِّهِ مِثْلُ
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=79وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى .
وَنُفِيَ كَوْنُهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِحَرْفِ ( لَمْ ) لِأَنَّ ( لَمْ ) تَقْلِبُ زَمَنَ الْفِعْلِ الْمُضَارِعِ إِلَى الْمُضِيِّ ، فَتُفِيدُ انْتِفَاءَ مَادَّةِ الْفِعْلِ فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي ، وَتُفِيدُ تَجَدُّدَ ذَلِكَ الْمَنْفِيِّ الَّذِي هُوَ مِنْ خَصَائِصِ الْفِعْلِ الْمُضَارِعِ فَيَحْصُلُ مَعْنَيَانِ : انْتِفَاءُ مَدْلُولِ الْفِعْلِ بِمَادَّتِهِ ، وَتَجَدُّدُ الِانْتِفَاءِ بِصِيغَتِهِ ، فَيُفِيدُ أَنَّ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ
[ ص: 317 ] السَّلَامُ لَمْ يَتَلَبَّسْ بِالْإِشْرَاكِ قَطُّ ، فَإِنَّ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ مُنْذُ صَارَ مُمَيِّزًا ، وَأَنَّهُ لَا يَتَلَبَّسُ بِالْإِشْرَاكِ أَبَدًا .
وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=121شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ خَبَرٌ رَابِعٌ عَنْ ( كَانَ ) ، وَهُوَ مَدْحٌ
لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَتَعْرِيضٌ بِذُرِّيَّتِهِ الَّذِينَ أَشْرَكُوا ، وَكَفَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ مُقَابِلَ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=112فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ ، وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا الْكَلَامُ عَلَى أَنْعُمِ اللَّهِ .
وَجُمْلَةُ اجْتَبَاهُ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا ; لِأَنَّ الثَّنَاءَ الْمُتَقَدِّمَ يُثِيرُ سُؤَالَ سَائِلٍ عَنْ سَبَبِ فَوْزِ
إِبْرَاهِيمَ بِهَذِهِ الْمَحَامِدِ ، فَيُجَابُ بِأَنَّ اللَّهَ اجْتَبَاهُ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=124اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَاتِهِ .
وَالِاجْتِبَاءُ : الِاخْتِيَارُ ، وَهُوَ افْتِعَالٌ مَنْ جَبَى إِذَا جَمَعَ ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=87وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ .
وَالْهِدَايَةُ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ : الْهِدَايَةُ إِلَى التَّوْحِيدِ ، وَدِينِ الْحَنِيفِيَّةِ .
وَضَمِيرُ ( آتَيْنَاهُ ) الْتِفَاتٌ مِنَ الْغَيْبَةِ إِلَى التَّكَلُّمِ ; تَفَنُّنًا فِي الْأُسْلُوبِ لِتَوَالِي ثَلَاثَةِ ضَمَائِرَ غَيْبَةٍ .
وَالْحَسَنَةُ فِي الدُّنْيَا : كُلُّ مَا فِيهِ رَاحَةُ الْعَيْشِ مِنِ اطْمِئْنَانِ الْقَلْبِ بِالدِّينِ ، وَالصِّحَّةِ ، وَالسَّلَامَةِ ، وَطُولِ الْعُمْرِ ، وَسَعَةِ الرِّزْقِ الْكَافِي ، وَحُسْنِ الذِّكْرِ بَيْنَ النَّاسِ . وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=201وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً .
وَالصَّلَاحُ : تَمَامُ الِاسْتِقَامَةِ فِي دِينِ الْحَقِّ ، وَاخْتِيرَ هَذَا الْوَصْفُ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ اللَّهَ أَكْرَمُهُ بِإِجَابَةِ دَعْوَتِهِ ، إِذْ حَكَى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=83رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ .