الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                    صفحة جزء
                    [ ص: 1455 ] سياق ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه

                    2629 - أنا جعفر بن عبد الله بن يعقوب قال : أنا محمد بن هارون الروياني قال : نا عمر بن علي ، أنا أبو داود ، ومحمد بن جعفر ، قالا : نا شعبة ، عن سعد بن إبراهيم قال : سمعت إبراهيم بن سعد يحدث عن سعد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لعلي : " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " أخرجاه جميعا .

                    2630 - وأنا محمد بن عبد الرحمن قال : نا يحيى بن محمد [ ص: 1456 ] بن صاعد قال : نا محمد بن يحيى بن عبد الكريم الأزدي قال : نا عبد الله بن داود قال : نا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، عن سعد بن أبي وقاص قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعلي : " أنت مني بمنزلة هارون من موسى " .

                    2631 - أنا عيسى بن علي قال : أنا عبد الله بن محمد البغوي قال : نا نعيم بن هيصم قال : نا جعفر بن سليمان ، عن حرب بن شداد ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب قال جعفر : أظنه عن سعد قال : لما غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزوة تبوك خلف عليا بالمدينة ، فقالوا : وكره صحبته ، فبلغ ذلك عليا ، فشق عليه قال : فتبع النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى لحقه ، فقال : يا رسول الله خلفتني مع الذراري والنساء حتى ، قالوا : مله وكره صحبته قال : " ما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى "

                    قال البغوي : هكذا قال نعيم عن جعفر بهذا الحديث بالشك .

                    2632 - ونا بشر بن هلال الصواف قال : نا جعفر ، عن حرب بن شداد ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، عن سعد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه .

                    2633 - وأنا محمد بن عبد الرحمن ، أنا عبد الله بن محمد ، نا بشر بن هلال ، فذكره .

                    2634 - أنا عبيد الله بن أحمد قال : أنا الحسين بن يحيى قال : [ ص: 1457 ] نا الحسن بن محمد بن الصباح قال : نا قتيبة قال : نا حاتم بن إسماعيل ، عن بكير بن مسمار ، عن عامر بن سعد ، عن أبيه قال : " ثلاث قالهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، لأن تكون لي واحدة منهم أحب إلي من حمر النعم ، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول له وخلفه في بعض مغازيه ، فقال له علي : يا رسول الله تخلفني مع النساء والصبيان ؟ فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبوة بعدي " .

                    وسمعته يوم خيبر : " لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله " قال : فتطاولنا لها قال : أين علي ؟ فأتي به وهو أرمد ، فبصق في عينيه ، ودفع الراية إليه ، ففتح الله عليه .

                    ولما نزلت هذه الآية : تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليا وفاطمة والحسن والحسين ، فقال : " اللهم هؤلاء أهلي "
                    أخرجه مسلم عن قتيبة .

                    2635 - أنا محمد بن علي بن النضر قال : أنا علي بن عبد الله بن مبشر قال : نا عبد الحميد بن بيان قال : أنا خالد ، عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ، يفتح الله عز وجل على يديه ، فقال عمر : ما أحببت الإمارة قبل يومئذ . فدعا عليا فدفعها إليه ، ثم قال : اذهب ولا تلتفت ، فقاتل حتى يفتح الله عز وجل عليك ، فصبر هنيهة ، ثم وقف ولم يلتفت ، فقال : يا رسول الله على ما أقاتل ؟ قال : قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، فإذا فعلوا ذلك منعوا منك دماءهم وأموالهم ، وحسابهم على الله " [ ص: 1458 ] أخرجه مسلم .

                    2636 - أنا عبد الله بن محمد بن علي بن زياد قال : أنا أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسن الشرقي قال : نا أبو الأزهر ، أملى من أصله قال : نا أبو الجواب الأحوص بن جواب قال : نا يونس بن أبي إسحاق ، عن البراء قال : " بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جيشين ، فأمر على أحدهما علي بن أبي طالب ، وعلى الآخر خالد بن الوليد ، فقال : إذا كان قتال فعلى الناس علي . وقال : ففتح علي رضي الله عنه قصرا . وقال أبو الأزهر مرة : ففتح علي حصنا ، فاتخذ لنفسه جارية ، فكتب معي خالد بن الوليد يشي به ، فلما قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكتاب قال : " ما يقول في رجل يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ؟ قال : قلت : أعوذ بالله من غضب الله ورسوله .

                    2637 - أنا علي بن محمد بن أحمد ، أنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال : نا الحسن بن عرفة قال : نا وكيع وأبو معاوية ، كلاهما عن الأعمش ، ح

                    2638 - وأنا عبد الرحمن بن محمد خيران قال : نا أبو عيسى محمد بن أحمد بن قطن قال : نا الحسن بن عرفة قال : نا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن سعد بن عبيدة ، عن ابن بريدة ، عن أبيه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : [ ص: 1459 ] " من كنت مولاه فعلي مولاه " وفي حديث ابن أبي حاتم : " فعلي وليه " .

                    2639 - أنا جعفر بن عبد الله بن يعقوب قال : أنا محمد بن هارون الروياني قال : نا أبو سعيد الأشج قال : نا عبد الله بن الأجلح ، عن أبيه ، عن طلحة بن مصرف ، عن عمير بن سعد قال : سمعت عليا ينشد الناس : من سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من كنت مولاه فعلي مولاه ، إلا قام . فقام ثمانية عشر فشهدوا .

                    2640 - أنا محمد بن عبد الرحمن قال : أنا الحسين بن إسماعيل قال : نا محمد بن خلف قال : نا زكريا بن عدي قال : نا مروان بن معاوية قال : نا هلال بن ميمون الرملي قال : قلت لأبي بسطام مولى أسامة بن زيد : أرأيت قول الناس : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " من كنت مولاه فعلي مولاه " ؟

                    قال : نعم ، وقع بين أسامة وبين علي تنازع قال : فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - . قال : فذكرت ذلك له ، فقال : " يا علي ، يقول هذا لأسامة ، فوالله إني لأحبه " . وقال لأسامة : " يا أسامة ، يقول هذا لعلي ، فمن كنت مولاه فعلي مولاه "
                    .

                    [ ص: 1460 ] 2641 - أنا جعفر بن عبد الله بن يعقوب قال : أنا محمد بن هارون الروياني قال : نا عمرو بن علي قال : نا أبو معاوية قال : نا الأعمش ح

                    2642 - وأنا جعفر قال : أنا محمد بن هارون قال : نا محمد بن إسحاق قال : أنا عبيد الله بن موسى ، عن الأعمش ، عن عدي بن ثابت ، عن زر ، عن علي قال : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد إلي النبي - صلى الله عليه وسلم - " أنه لا يحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق "

                    واللفظ لعمرو بن علي . أخرجه مسلم في الصحيح .

                    2643 - أنا محمد بن عبد الرحمن قال : نا يحيى بن محمد بن صاعد قال : نا هلال بن بشر قال : نا عبد الملك بن موسى الطويل ، عن أبي هاشم صاحب الرمان ، عن زاذان ، عن سلمان قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لعلي : " محبك محبي ، ومبغضك مبغضي " .

                    [ ص: 1461 ] 2644 - أنا مهدي بن محمد النيسابوري قال : نا عبد الله بن محمد بن الحسن قال : نا أبو الأزهر أحمد بن الأزهر قال : نا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نظر إلى علي بن أبي طالب ، فقال : " أنت سيد في الدنيا ، سيد في الآخرة ، من أحبك فقد أحبني ، وحبيبي حبيب الله ، ومن أبغضك فقد أبغضني ، وبغيضي بغيض الله ، فالويل لمن أبغضك بعدي " .

                    2645 - أنا محمد بن عثمان بن محمد قال : نا أحمد بن محمد [ ص: 1462 ] بن الجراح قال : نا إسماعيل بن أبي الحارث قال : نا محمد بن القاسم قال : نا زهير ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : كنا نعرف نفاق الرجل ببغضه لعلي .

                    2646 - وأنا محمد بن عثمان قال : نا عبد الغافر بن سلامة قال : نا محمد بن عوف قال : نا عبيد الله بن موسى قال : نا محمد بن علي السلمي ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر بن عبد الله قال : ما كنا نعرف منافقينا معشر الأنصار إلا ببغضهم عليا .

                    [ ص: 1463 ] 2647 - أنا أحمد بن محمد بن عمر بن محمد الأصبهاني قال : أنا عبد الله بن محمد بن زياد ، نا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، نا عمي قال : حدثني معاوية بن صالح ، ح

                    2648 - وأنا علي بن محمد بن أحمد بن يعقوب قال : أنا أحمد بن محمد بن أبي سعدان الفزاري نزيل الري قال : نا الحسين بن الهيثم قال : نا حرملة قال : نا ابن وهب قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن يحيى بن سعيد ، عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : " صعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جبلا يقال له حراء ، ومعه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن ، فتحرك بهم الجبل ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " اسكن حراء ، فليس عليك إلا نبي ، أو صديق ، أو شهيد " . فسكن الجبل .

                    أخرجه مسلم من حديث ابن وهب .

                    [ ص: 1464 ] 2649 - أنا علي بن عمر ، أنا إسماعيل بن محمد قال : نا أبو يحيى الرازي قال : نا محمد ، يعني ابن حميد قال : نا عفان قال : نا أبو درهم قال : سمعت الحسن البصري يقول ، وقال له الحجاج بن يوسف : ما تقول في أبي تراب ؟ " قال : ومن أبو تراب ؟ قال علي بن أبي طالب . قال : أقول : إن الله جعله من المهتدين . فقال : هات ما تقول برهانا . قال : إن الله عز وجل يقول في كتابه : وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله ، فكان علي بن أبي طالب أول من هدى الله مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأول من لحق بالنبي - صلى الله عليه وسلم - . قال : يقول الحجاج : رأي عراقي . قال الحسن : هو ما أقول لك .

                    2650 - أنا محمد بن عبد الرحمن قال : نا عبيد الله بن عبد الرحمن ، نا زكريا بن يحيى قال : نا الأصمعي قال : نا خالد بن يزيد العلوي ، من بني علي بن سوك قال : " لما دخل الحسن على الحجاج ، فقال له : ما تقول في علي وعثمان ؟ قال : أقول فيهما كما قال من هو خير مني بين يدي من هو شر منك . قال : ومن ذاك الذي هو خير منك وشر مني ؟ قال : موسى وفرعون ، حين قال له فرعون : فما بال القرون الأولى قال علمها عند ربي .

                    2651 - أنا أحمد بن محمد الفقيه ، أنا محمد بن أحمد بن [ ص: 1465 ] حمدان قال : نا عثمان بن محمد قال : نا نصر بن علي قال : نا محمد بن سوار قال : نا سعيد بن أبي عروبة ، عن عامر الأحول ، عن الحسن قال : شهدت عليا بالمدينة وسمع صوتا ، فقال : ما هذا ؟ قالوا : قتل عثمان . قال : اللهم إني أشهدك إني لم أرض ولم أمالئ ، مرتين أو ثلاثا .

                    2652 - أنا علي بن عمر ، ثنا محمد بن جعفر المقري قال : نا أحمد بن سعيد قال : نا القاسم بن الحكم قال : نا أبو حمزة ثابت بن أبي صفية ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن محمد ابن الحنفية قال :

                    " لما قتل عثمان استخفى علي في دار لأبي عمر بن محصن الأنصاري ، فاجتمع الناس فدخلوا عليه الدار ، فتداكوا على يده ليبايعوه تداك الإبل الهيم على حياضها ، وقالوا : نبايعك .

                    قال : لا حاجة لي في ذلك ، عليكم بطلحة والزبير . قال : فانطلق إذا معنا .

                    - قال لي أبو أروى السدوسي : لا أحدثك إلا ما رأت عيناي وسمعت أذناي - ، فخرج علي وأنا معه في جماعة من الناس حتى أتينا طلحة بن عبيد الله ، فقال له :

                    " إن الناس قد اجتمعوا ليبايعوني ، ولا حاجة لي في بيعتهم ، فابسط يدك أبايعك على كتاب الله عز وجل وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - " ، فقال له طلحة :

                    أنت أولى بذلك مني وأحق ؛ لسابقتك وقرابتك ، وقد اجتمع لك من هؤلاء الناس من قد تفرق عني .

                    فقال له علي : أخاف أن تنكث بيعتي وتغدر بي . قال :

                    " لا تخافن ذلك ، فوالله لا ترى من قبلي أبدا شيئا تكرهه " . قال : الله عليك بذلك كفيل .

                    قال : الله علي بذلك كفيل . قال : ثم أتى الزبير بن العوام ، ونحن معه ، فقال له مثل ما قال لطلحة ، ورد عليه مثل الذي رد [ ص: 1466 ] عليه طلحة ، وكان طلحة قد أخذ لقاحا لعثمان ، ومفاتيح بيت المال ، وكان الناس قد اجتمعوا عليه ليبايعوه ، ولم يفعلوا ، فضربت الركبان بخبره إلى عائشة وهي بشراف ، فقالت : كأني أنظر إلى إصبعه تبايع بخب وغرر . قال سالم :

                    وقال ابن الحنفية : لما اجتمع الناس على علي قالوا له : إن هذا الرجل قد قتل ، ولا بد للناس من إمام ، ولا نجد لهذا الأمر أحق منك ، ولا أقدم سابقة ، ولا أقرب برسول الله - صلى الله عليه وسلم - رحما منك .

                    قال : لا تفعلوا ، فإني وزير خير مني لكم أميرا . قالوا : والله ما نحن بفاعلين أبدا حتى نبايعك .

                    وتداكوا على يده ، فلما رأى ذلك قال : إن بيعتي لا تكون في خلوة إلا في المسجد ظاهرا . وأمر مناديا ، فنادى : المسجد المسجد ، فخرج ، وخرج الناس معه ، فصعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال :

                    " حق وباطل ، ولكل أهل ، فلئن كثر الباطل لقديما بما فعل ، ولئن قل الحق ، ولربما ولقلما أدبر شيء فأقبل ، ولئن رد عليكم أمركم إنكم لسعداء ، وإني أخشى أن تكونوا في فترة ، وما علي إلا الجهد ، سبق الرجلان ، وقام الثالث ، ثلاثة واثنان ليس معهما سادس ، ملك مقرب ، ومن أخذ الله ميثاقه ، وصديق نجا ، وساع مجتهد ، وطالب يرجو أثر السادس ، هلك من ادعى ، وخاب من افترى ، اليمين والشمال مضلة ، والوسطى الجادة منهج عليه بما في الكتاب وآثار النبوة ، فإن الله أدب هذه الأمة بالسوط والسيف ، ليس لأحد فيهما عندنا هوادة ، فاستتروا بسوآتكم ، وأصلحوا ذات بينكم ، وتعاطوا الحق فيما بينكم ، فمن أبرز صفحته معاندا للحق هلك ، والتوبة من ورائكم . أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم .

                    فهي أول خطبة خطبها بعدما استخلف

                    [ ص: 1467 ] 2653 - أنا علي بن عمر ، أنا أحمد بن الحسن قال : نا الحسن بن علي قال : نا عباد بن موسى الختلي قال : نا إسماعيل بن جعفر ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون قال :

                    " حججت مع عمر رضي الله عنه حجتي ، وحضرته حين طعن ، فلم يمنعني من أن أكون في الصف المقدم إلا هيبته ، وكان رجلا مهيبا ، فكنت في الصف الذي يليه ، وكان عمر لا يكبر حتى يستقبل الصف المقدم بوجهه ، فإن كان متقدما في الصف أو متأخرا ضربه بالدرة ، فذلك الذي منعني أن أكون في الصف المتقدم ، فلما أقبل إلى الصلاة عرض له أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة ، فناجاه عمر غير بعيد ، ثم طعنه ثلاث طعنات بخنجر معه ، فسمعت عمر وهو باسط يديه ، وهو يقول : دونكم الكلب ، عندكم الكلب ، فإنه قد قتلني .

                    فماج الناس ، فجرح ثلاثة عشر ، فشد عليه رجل من خلفه ، فأخذ عضديه فضبطه ، واحتمل عمر إلى أهله ، وماج الناس بعضهم في بعض ، حتى قالوا :

                    الصلاة عباد الله طلعت الشمس ، فدفع عبد الرحمن فصلى بهم بأقصر سورتين في القرآن : " إذا جاء نصر الله والفتح " ، و " إنا أعطيناك الكوثر " ، ثم إن عمر رضي الله عنه بعث ابن عباس ، فنادى في الناس أعن ملأ منكم هذا ؟ قالوا :

                    معاذ الله ما علمنا ولا اطلعنا . ثم قال : ادعوا لي الطبيب .

                    فدعي له الطبيب ، فقال له : أي الشراب أحب إليك ؟ قال : النبيذ . قال : اسقوه نبيذا ، فسقي ، فخرج من بعض طعناته ، فقال الناس : هذا صديد ، اسقوه لبنا ، فخرج من بعض طعناته ، فقال : ما إخالك أن تمشي ، فافعل ما كنت فاعلا . فقال :

                    يا عبد الله ناولني الكتف ، فلو أراد الله عز وجل أن [ ص: 1468 ] يمضي ما فيها أمضاه . قال : أنا أكفيك محوها . قال : لا والله لا يمحوها أحد غيري . فمحاها عمر بيده . قال :

                    وكان فيها فريضة الجد ، ثم قال : ادعوا لي عليا ، وعثمان ، وطلحة ، والزبير ، وعبد الرحمن ، وسعدا . قال : فما كلم من القوم غير علي وعثمان ، فقال : يا علي ، لعل هؤلاء يعرفون لك قرابتك برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وما أعطاك من الفقه والعلم ، فإن وليت هذا الأمر فاتق الله فيه . قال :

                    ثم دعا عثمان ، فقال : يا عثمان ، لعل القوم يعرفون لك صهرك من رسول الله وشرفك ، فإن وليت هذا الأمر فاتق الله ، ولا تحمل بني أبي مغيرة على رقاب المسلمين . ثم قال :

                    ادعوا لي صهيبا . فدعوا له صهيبا ، فقال : صل بالناس ثلاثا ، واجعل هؤلاء القوم في بيت ، فإذا اجتمعوا على رجل ، فمن خالفهم فليضربوا عنقه . قال :

                    فلما أن أدبروا قال : إن ولوها الأجلح سلك بهم الطريق . يعني عليا ، فقيل : فما يمنعك يا أمير المؤمنين أن توليها إياه ؟ قال :

                    أن أتحملها حيا وميتا . ومات من الذين جرح أبو لؤلؤة ستة أو سبعة ، ودخل عليه كعب ، فقال :

                    الحق من ربك فلا تكن من الممترين ، قد أنبأتك أنك شهيد ، فقلت : من أين لي بالشهادة وأنا في جزيرة العرب ؟ "

                    التالي السابق


                    الخدمات العلمية