الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( وأنعام حرمت ظهورها وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها افتراء عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون ( 138 ) )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : وحرم هؤلاء الجهلة من المشركين ظهور بعض أنعامهم ، فلا يركبون ظهورها ، وهم ينتفعون برسلها ونتاجها وسائر الأشياء منها غير ظهورها للركوب . وحرموا من أنعامهم أنعاما أخر ، فلا يحجون عليها ، ولا يذكرون اسم الله عليها إن ركبوها بحال ، ولا إن حلبوها ، ولا إن حملوا عليها .

وبما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

13926 - حدثنا سفيان قال : حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن عاصم قال : قال لي أبو وائل : أتدري ما "أنعام لا يذكرون اسم الله عليها " ؟ قال : قلت : لا! قال : أنعام لا يحجون عليها .

13927 - حدثنا محمد بن عباد بن موسى قال : حدثنا شاذان قال : حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن عاصم قال : قال لي أبو وائل : أتدري ما قوله : ( حرمت [ ص: 145 ] ظهورها وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها ) ؟ قال : قلت : لا! قال : هي البحيرة ، كانوا لا يحجون عليها .

13928 - حدثنا أحمد بن عمرو البصري قال : حدثنا محمد بن سعيد الشهيد قال : حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن عاصم ، عن أبي وائل : ( وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها ) ، قال : لا يحجون عليها .

13929 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي أما : ( أنعام حرمت ظهورها ) ، فهي البحيرة والسائبة والحام وأما " الأنعام التي لا يذكرون اسم الله عليها " ، قال : إذا أولدوها ، ولا إن نحروها .

13930 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد قوله : ( وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها ) ، قال : كان من إبلهم طائفة لا يذكرون اسم الله عليها ولا في شيء من شأنها ، لا إن ركبوها ، ولا إن حلبوا ، ولا إن حملوا ، ولا إن منحوا ، ولا إن عملوا شيئا .

13931 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : ( وأنعام حرمت ظهورها ) ، قال : لا يركبها أحد ( وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها ) . [ ص: 146 ]

وأما قوله : ( افتراء على الله ) ، فإنه يقول : فعل هؤلاء المشركون ما فعلوا من تحريمهم ما حرموا ، وقالوا ما قالوا من ذلك ، كذبا على الله ، وتخرصا الباطل عليه; لأنهم أضافوا ما كانوا يحرمون من ذلك ، على ما وصفه عنهم جل ثناؤه في كتابه ، إلى أن الله هو الذي حرمه ، فنفى الله ذلك عن نفسه ، وأكذبهم ، وأخبر نبيه والمؤمنين أنهم كذبة فيما يدعون .

ثم قال عز ذكره : ( سيجزيهم ) ، يقول : سيثيبهم ربهم بما كانوا يفترون على الله الكذب ثوابهم ، ويجزيهم بذلك جزاءهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية