[ ص: 7 ] بسم الله الرحمن الرحيم
سورة المائدة
قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود الآية (1) :
اعلم أن العقود في الشرع منقسمة إلى ما يجب الوفاء به، وإلى ما لا يجب، وإلى ما لا يجوز.
فأما ما لا يجوز مثل عقود الجاهلية على النصرة على الباطل في قولهم: دمي دمك، ومالي مالك، وأنا أجيرك، فيعاهده على أن ينصره على الباطل، ويمنع حقا توجه عليه، فهذا لا يجب الوفاء به.
والوجه الآخر: ما يتخير في الوفاء به. والوجه الثالث: ما يجب الوفاء به، والذي يجب الوفاء به هو الذي يتضمن تحقيق حق أوجب الله تعالى الوفاء به.
فإذا انقسمت العقود إلى باطل وصحيح، فربما يقول القائل: الأصل اتباع الشروط والعقود، نظرا إلى مطلق اللفظ، والقائل الآخر يقول: [ ص: 8 ] إنما يجب علينا اتباع عقود شرعية ورد الشرع بها، ولذلك قال عليه السلام: . "ما بال أقوام يشترطون ما ليس في كتاب الله تعالى؟ كل شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل"
ولا شك أن الذي ورد الشرع به محصور مضبوط، والذي يمكن اشتراطه مما يهجس في النفس، فمما لا نهاية له، فلا يمكن أن يقال: إن الأصل وجوب الوفاء بكل ما يهجس في النفس، فيعقد عليه، بل الشرع ضبط لنا ما يجب الوفاء به، والباقي مردود، فهو كقول القائل: افعلوا الخير، لا يجوز أن يحتج به في وجوب كل خير، فإن ما لا يجب فعله من الخيرات لا نهاية له، فالمخصوص مجهول على ذلك، وكذلك المخصوص من الشروط، فإن الباطل من الشروط لا نهاية له، وإنما الجائز منها محصور، فعلى هذا لا يجوز التعلق بعموم قوله عليه السلام:
. "المؤمنون عند شروطهم"
ولا بمطلق قوله:
أوفوا بالعقود .
فهذا هو المختار فيه.
والذي هو عقد أو يسمى عقدا ينقسم إلى ما كان على المستقبل، وإلى ما كان على الماضي.
أما ما على المستقبل: مثل قول القائل: والله لأفعلن.
وأما على الماضي: كقول القائل: والله لقد كان كذا. ويقال في [ ص: 9 ] مثله: إنه عقد اليمين عليه، لا على معنى أنه عزم على فعل شيء، فإن اليمين يعقد على فعل الغير من غير أن يصح العزم عليه، وإنما معناه: أنه يظهر المحلوف عليه، ويحيل إلى غيره تحقيقه، فينظر ما يكون من عاقبة يمينه، وفي الماضي إظهار الصدق قائم، وقصد تحقيق القول قائم، فيقال: عقد اليمين، أي: قصد تحقيق قوله وتصديق نفسه، فهو عقد من هذا الوجه.
يبقى أن يقال هو في علم الله تعالى غير منعقد.
فيقال: هو في علم الله تعالى، وإن لم يقصد تحقيق ما حلف لعلمه به، ففي المستقبل ربما لا يتصور منه العقد، ولكن يحيل العقد، وربما ظن الصدق في الماضي، فيقصد تحقيق قوله بعقد اليمين، فسمي عقدا من هذا الوجه.
واعلم أنه قد تبين بما قدمناه أن كل عهد وعقد لا يجب الوفاء به، فمطلق قوله: أوفوا بالعقود محمول على القيد في قوله: وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها .
وإنما عنى به العقد مع الله سبحانه فيما أمر الله تعالى عباده بالوفاء به، وإلا فكل يمين على منع النفس من مباح أو واجب، فذلك مما لا يجب الوفاء به لقوله صلى الله عليه وسلم:
. [ ص: 10 ] نعم، اختلف أصحاب "من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير" فيما إذا الشافعي أو يستدفع بها بلية. فمنهم من أوجب لأنها داخلة تحت قوله تعالى: نذر قربة من غير أن يستنجح بها طلبة، وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم .
ومنهم من لم ير ذلك، لأنه ليس إلى العباد إيجاب ما لم يوجبه الله تعالى عليهم، فإن الذي وجب إنما وجب لعلم الشرع أنه داع إلى المستحسنات العقلية، وناه عن المستقبحات العقلية، ولا يجوز ذلك فيما يوجبه العبد على نفسه.
والقول الآخر يقول: إن العبد إذا باشر السبب الموجب أوجبه الله تعالى عليه، فيكون من العبد مباشرة السبب الوحيد، وكون السبب موجبا عرف بالشرع، فوجب بإيجاب الشرع، لا بغيره، وهذا بين.
ولعل الأظهر اندراج ذلك تحت العموم، ولا خلاف أن المباح نذره لا يوجب شيئا، لأنه لا يتوهم كونه داعيا إلى المستحسنات العقلية، ولا أن له في الوجوب أصلا يتوهم كون هذا داخلا تحته، وهذا بين لا غبار عليه.
ولما حلف على ما كان فعله خيرا من تركه، قيل له: الصديق
ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى . فحنث عن نفسه، وكفر عن يمينه. الصديق
سورة المائدة
- تفسير قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود
- تفسير قوله تعالى أحلت لكم بهيمة الانعام
- تفسير قوله تعالى إلا ما يتلى عليكم
- تفسير قوله تعالى يا ايها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله
- تفسير قوله تعالى ولا الشهر الحرام
- تفسير قوله تعالى ولا آمين البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم
- تفسير قوله تعالى ولا يجرمنكم شنآن قوم
- تفسير قوله تعالى حرمت عليكم الميتة
- تفسير قوله تعالى والمتردية
- تفسير قوله تعالى وما أكل السبع
- تفسير قوله تعالى إلا ما ذكيتم
- تفسير قوله تعالى وأن تستقسموا بالأزلام
- تفسير قوله تعالى يسئلونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات
- تفسير قوله تعالى وما علمتم من الجوارح مكلبين
- تفسير قوله تعالى اليوم أحل لكم الطيبات
- تفسير قوله تعالى وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم
- تفسير قوله تعالى والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم
- تفسير قوله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة
- تفسير قوله تعالى وجوهكم
- تفسير قوله تعالى وأيديكم إلى المرافق
- تفسير قوله تعالى وامسحوا برءوسكم
- تفسير قوله تعالى وأرجلكم
- تفسير قوله تعالى وإن كنتم جنبا فاطهروا
- تفسير قوله تعالى وإن كنتم مرضى او على سفر
- تفسير قوله تعالى أو لامستم النساء
- تفسير قوله تعالى فلم تجدوا ماء ، فتيمموا صعيدا طيبا
- تفسير قوله تعالى فتيمموا صعيدا طيبا
- تفسير قوله تعالى ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم
- تفسير قوله تعالى كونوا قوامين
- تفسير قوله تعالى شهداء بالقسط
- تفسير قوله تعالى ولا يجرمنكم شنآن قوم على الا تعدلوا
- تفسير قوله تعالى يحرفون الكلم عن مواضعه
- تفسير قوله تعالى لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك
- تفسير قوله تعالى فأصبح من النادمين
- تفسير قوله تعالى من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل
- تفسير قوله تعالى إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله
- تفسير قوله تعالى ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم
- تفسير قوله تعالى إلا الذين تابوا من قبل ان تقدروا عليهم
- تفسير قوله تعالى والسارق والسارقة فاقطعوا ايديهما
- تفسير قوله تعالى سماعون للكذب اكالون للسحت
- تفسير قوله تعالى فإن جاؤك فاحكم بينهم او اعرض عنهم
- تفسير قوله تعالى وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها
- تفسير قوله تعالى وكتبنا عليهم فيها ان النفس بالنفس
- تفسير قوله تعالى والعين بالعين
- تفسير قوله تعالى ولا تتبع أهواءهم
- تفسير قوله تعالى لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا
- تفسير قوله تعالى فاستبقوا الخيرات
- تفسير قوله تعالى لا تتخذوا اليهود والنصارى اولياء
- تفسير قوله تعالى ومن يتولهم منكم فإنه منهم
- تفسير قوله تعالى يا ايها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه
- تفسير قوله تعالى إنما وليكم الله ورسوله
- تفسير قوله تعالى يا ايها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار اولياء
- تفسير قوله تعالى وإذا ناديتم إلى الصلاة
- تفسير قوله تعالى يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك
- تفسير قوله تعالى يا اهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم
- تفسير قوله تعالى لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم
- تفسير قوله تعالى كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه
- تفسير قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم
- تفسير قوله تعالى لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان
- تفسير قوله تعالى إطعام عشرة مساكين
- تفسير قوله تعالى إنما الخمر والميسر
- تفسير قوله تعالى إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء
- تفسير قوله تعالى ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا
- تفسير قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد
- تفسير قوله تعالى لا تقتلوا الصيد وانتم حرم
- تفسير قوله تعالى ومن قتله منكم متعمدا
- تفسير قوله تعالى فجزاء مثل ما قتل من النعم
- تفسير قوله تعالى ومن عاد فينتقم الله منه
- تفسير قوله تعالى ليذوق وبال أمره
- تفسير قوله تعالى وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما
- تفسير قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تسئلوا عن اشياء إن تبد لكم تسؤكم
- تفسير قوله تعالى ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة
- تفسير قوله تعالى عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل
- تفسير قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت