الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ خضب ]

                                                          خضب : الخضاب : ما يخضب به من حناء ، وكتم ونحوه . وفي الصحاح : الخضاب ما يختضب به . واختضب بالحناء ونحوه ، وخضب الشيء يخضبه خضبا ، وخضبه : غير لونه بحمرة ، أو صفرة ، أو غيرهما ; قال الأعشى :


                                                          أرى رجلا ، منكم ، أسيفا ؛ كأنما يضم ، إلى كشحيه ، كفا مخضبا



                                                          ذكر على إرادة العضو ، أو على قوله :


                                                          فلا مزنة ودقت ودقها     ولا أرض أبقل إبقالها



                                                          ويجوز أن يكون صفة لرجل ، أو حالا من المضمر في يضم ، أو المخفوض في كشحيه . وخضب الرجل شيبه بالحناء يخضبه ; والخضاب : الاسم . قال السهيلي : عبد المطلب أول من خضب بالسواد من العرب . ويقال : اختضب الرجل واختضبت المرأة ، من غير ذكر الشعر . وكل ما غير لونه ؛ فهو مخضوب ، وخضيب ، وكذلك الأنثى ، يقال : كف خضيب ، وامرأة خضيب ، الأخيرة عن اللحياني ، والجمع خضب . التهذيب : كل لون غير لونه حمرة ، فهو مخضوب . وفي الحديث : بكى حتى خضب دمعه الحصى ; قال ابن الأثير : أي : بلها من طريق الاستعارة ; قال : والأشبه أن يكون أراد المبالغة في البكاء ، حتى احمر دمعه ، فخضب الحصى . والكف [ ص: 86 ] الخضيب : نجم على التشبيه بذلك . وقد اختضب بالحناء ونحوه وتخضب ، واسم ما يخضب به : الخضاب . والخضبة مثال الهمزة : المرأة الكثيرة الاختضاب . وبنان خضيب مخضب ، شدد للمبالغة . الليث : والخاضب من النعام ; غيره : والخاضب الظليم الذي اغتلم ؛ فاحمرت ساقاه ; وقيل : هو الذي قد أكل الربيع ، فاحمر ظنبوباه ، أو اصفرا ، أو اخضرا ; قال أبو دواد :


                                                          له ساقا ظليم خا     ضب ، فوجئ بالرعب



                                                          وجمعه خواضب ; وقيل : الخاضب من النعام الذي أكل الخضرة . قال أبو حنيفة : أما الخاضب من النعام فيكون من أن الأنوار تصبغ أطراف ريشه ، ويكون من أن وظيفيه يحمران في الربيع ، من غير خضب شيء ، وهو عارض يعرض للنعام ؛ فتحمر أوظفتها ; وقد قيل في ذلك أقوال ؛ فقال بعض الأعراب ، أحسبه أبا خيرة : إذا كان الربيع ؛ فأكل الأساريع ، احمرت رجلاه ومنقاره احمرار العصفر . قال : فلو كان هذا هكذا ، كان ما لم يأكل منها الأساريع لا يعرض له ذلك ; وقد زعم رجال من أهل العلم أن البسر إذا بدأ يحمر ، بدأ وظيفا الظليم يحمران ؛ فإذا انتهت حمرة البسر ، انتهت حمرة وظيفيه ; فهذا على هذا ، غريزة فيه ، وليس من أكل الأساريع . قال : ولا أعرف النعام يأكل من الأساريع . وقد حكي عن أبي الدقيش الأعرابي أنه قال : الخاضب من النعام إذا اغتلم في الربيع ، اخضرت ساقاه ، خاص بالذكر . والظليم إذا اغتلم ، احمرت عنقه ، وصدره ، وفخذاه ، الجلد لا الريش ، حمرة شديدة ، ولا يعرض ذلك للأنثى ; ولا يقال ذلك إلا للظليم ، دون النعامة . قال : وليس ما قيل من أكله الأساريع بشيء ؛ لأن ذلك يعرض للداجنة في البيوت ، التي لا ترى اليسروع بتة ، ولا يعرض ذلك لإناثها . قال : وليس هو عند الأصمعي ، إلا من خضب النور ، ولو كان كذلك ؛ لكان أيضا يصفر ، ويخضر ، ويكون على قدر ألوان النور والبقل ، وكانت الخضرة تكون أكثر ؛ لأن البقل أكثر من النور ، أولا تراهم حين وصفوا الخواضب من الوحش ، وصفوها بالخضرة ، أكثر ما وصفوا ! ومن أي ما كان ؛ فإنه يقال له : الخاضب من أجل الحمرة التي تعتري ساقيه ، والخاضب وصف له علم يعرف به ؛ فإذا قالوا خاضب علم أنه إياه يريدون ; قال ذو الرمة :


                                                          أذاك أم خاضب ، بالسي ، مرتعه     أبو ثلاثين أمسى ، وهو منقلب ؟



                                                          فقال : أم خاضب ، كما أنه لو قال : أذاك أم ظليم ، كان سواء ; هذا كله قول أبي حنيفة . قال : وقد وهم في قوله بتة ؛ لأن سيبويه إنما حكاه بالألف واللام لا غير ولم يجز سقوط الألف واللام منه سماعا من العرب . وقوله : وصف له علم ، لا يكون الوصف علما ؛ إنما أراد أنه وصف قد غلب ، حتى صار بمنزلة الاسم العلم ، كما تقول الحارث والعباس . أبو سعيد : سمي الظليم خاضبا ؛ لأنه يحمر منقاره وساقاه إذا تربع ، وهو في الصيف يفرع ويبيض ساقاه . ويقال للثور الوحشي : خاضب إذا اختضب بالحناء ، وإذا كان بغير الحناء قيل : صبغ شعره ، ولا يقال : خضبه . وخضب الشجر يخضب خضوبا وخضب وخضب واخضوضب : اخضر . وخضب النخل خضبا : اخضر طلعه ، واسم تلك الخضرة الخضب ، والجمع خضوب ; قال حميد بن ثور :


                                                          فلما غدت ، قد قلصت غير حشوة     من الجوف ، فيه علف وخضوب



                                                          وفي الصحاح :


                                                          مع الجوف ، فيها علف وخضوب



                                                          وخضبت الأرض خضبا : طلع نباتها واخضر . وخضبت الأرض : اخضرت . والعرب تقول : أخضبت الأرض إخضابا إذا ظهر نبتها . وخضب العرفط والسمر : سقط ورقه ، فاحمر واصفر . ابن الأعرابي ، يقال : خضب العرفج وأدبى إذا أورق ، وخلع العضاه . قال : وأورس الرمث ، وأحنط وأرشم الشجر ، وأرمش إذا أورق . وأجدر الشجر وجدر إذا أخرج ورقه كأنه حمص . والخضب : الجديد من النبات ، يصيبه المطر فيخضر ; وقيل : الخضب ما يظهر في الشجر من خضرة ، عند ابتداء الإيراق ، وجمعه خضوب ; وقيل : كل بهيمة أكلته فهي خاضب ، وخضبت العضاه وأخضبت . والخضوب : النبت الذي يصيبه المطر ، فيخضب ما يخرج من البطن . وخضوب القتاد : أن تخرج فيه وريقة عند الربيع . وتمد عيدانه ، وذلك في أول نبته ; وكذلك العرفط والعوسج ، ولا يكون الخضوب في شيء من أنواع العضاه غيرها . والمخضب ، بالكسر : شبه الإجانة ، يغسل فيها الثياب . والمخضب : المركن ، ومنه الحديث : أنه قال في مرضه الذي مات فيه : أجلسوني في مخضب فاغسلوني .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية