[ ص: 345 ] قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=23ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا nindex.php?page=treesubj&link=28989قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=23ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله فيه مسألتان :
الأولى : قال العلماء عاتب الله - تعالى - نبيه - عليه السلام - على قوله للكفار حين سألوه عن الروح والفتية
nindex.php?page=showalam&ids=15873وذي القرنين : غدا أخبركم بجواب أسئلتكم ; ولم يستثن في ذلك . فاحتبس الوحي عنه خمسة عشر يوما حتى شق ذلك عليه وأرجف الكفار به ، فنزلت عليه هذه السورة مفرجة . وأمر في هذه الآية
nindex.php?page=treesubj&link=28285ألا يقول في أمر من الأمور إني أفعل غدا كذا وكذا ، إلا أن يعلق ذلك بمشيئة الله - عز وجل - حتى لا يكون محققا لحكم الخبر ; فإنه إذا قال : لأفعلن ذلك ولم يفعل كان كاذبا ، وإذا قال لأفعلن ذلك إن شاء الله خرج عن أن يكون محققا للمخبر عنه . واللام في قوله لشيء بمنزلة في ، أو كأنه قال لأجل شيء .
الثانية : قال
ابن عطية : وتكلم الناس في هذه الآية في الاستثناء في اليمين ، والآية ليست في الأيمان وإنما هي في سنة الاستثناء في غير اليمين . وقوله : إلا أن يشاء الله في الكلام حذف يقتضيه الظاهر ويحسنه الإيجاز ; تقديره : إلا أن تقول إلا أن يشاء الله ; أو إلا أن تقول إن شاء الله . فالمعنى : إلا أن تذكر مشيئة الله ; فليس إلا أن يشاء الله من القول الذي نهي عنه .
قلت : ما اختاره
ابن عطية وارتضاه هو قول
الكسائي والفراء nindex.php?page=showalam&ids=13674والأخفش . وقال
البصريون : المعنى إلا بمشيئة الله . فإذا قال الإنسان أنا أفعل هذا إن شاء الله فمعناه بمشيئة الله . قال
ابن عطية : وقالت فرقة إلا أن يشاء الله استثناء من قوله ولا تقولن . قال : وهذا قول حكاه
الطبري ورد عليه ، وهو من الفساد بحيث كان الواجب ألا يحكى . وقد تقدم القول في الاستثناء في اليمين وحكمه في " المائدة " .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=24واذكر ربك إذا نسيت وفيه الأمر بالذكر بعد النسيان واختلف في
nindex.php?page=treesubj&link=33074الذكر المأمور به ; فقيل : هو قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=24وقل عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا قال
محمد الكوفي المفسر : إنها بألفاظها مما أمر أن يقولها كل من لم يستثن ، وإنها كفارة لنسيان الاستثناء . وقال الجمهور : هو دعاء مأمور به دون هذا التخصيص . وقيل : هو قوله إن شاء الله الذي كان نسيه عند يمينه . حكي عن
ابن عباس أنه إن نسي الاستثناء ثم
[ ص: 346 ] ذكر ولو بعد سنة لم يحنث إن كان حالفا . وهو قول
مجاهد . وحكى
إسماعيل بن إسحاق ذلك عن
أبي العالية في قوله - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=24واذكر ربك إذا نسيت قال : يستثني إذا ذكره .
الحسن : ما دام في مجلس الذكر .
ابن عباس : سنتين ; ذكره
الغزنوي قال : فيحمل على تدارك التبرك بالاستثناء للتخلص عن الإثم . فأما الاستثناء المفيد حكما فلا يصح إلا متصلا .
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : أي كل صلاة نسيها إذا ذكرها . وقيل : استثن باسمه لئلا تنسى . وقيل : اذكره متى ما نسيته . وقيل : إذا نسيت شيئا فاذكره يذكركه . وقيل : اذكره إذا نسيت غيره أو نسيت نفسك ; فذلك حقيقة الذكر . وهذه الآية مخاطبة للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهي استفتاح كلام على الأصح ، وليست من الاستثناء في اليمين بشيء ، وهي بعد تعم جميع أمته ; لأنه حكم يتردد في الناس لكثرة وقوعه . والله الموفق .
[ ص: 345 ] قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=23وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِي رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا nindex.php?page=treesubj&link=28989قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=23وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ فِيهِ مَسْأَلَتَانِ :
الْأَوُلَى : قَالَ الْعُلَمَاءُ عَاتَبَ اللَّهُ - تَعَالَى - نَبِيَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى قَوْلِهِ لِلْكُفَّارِ حِينَ سَأَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ وَالْفِتْيَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=15873وَذِي الْقَرْنَيْنِ : غَدًا أُخْبِرُكُمْ بِجَوَابِ أَسْئِلَتكُمْ ; وَلَمْ يَسْتَثْنِ فِي ذَلِكَ . فَاحْتَبَسَ الْوَحْيُ عَنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا حَتَّى شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَأَرْجَفَ الْكُفَّارُ بِهِ ، فَنَزَلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ السُّورَةُ مُفَرِّجَةً . وَأُمِرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=28285أَلَّا يَقُولَ فِي أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ إِنِّي أَفْعَلُ غَدًا كَذَا وَكَذَا ، إِلَّا أَنْ يُعَلِّقَ ذَلِكَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - حَتَّى لَا يَكُونَ مُحَقِّقًا لِحُكْمِ الْخَبَرِ ; فَإِنَّهُ إِذَا قَالَ : لَأَفْعَلَنَّ ذَلِكَ وَلَمْ يَفْعَلْ كَانَ كَاذِبًا ، وَإِذَا قَالَ لَأَفْعَلَنَّ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ خَرَجَ عَنْ أَنْ يَكُونَ مُحَقِّقًا لِلْمُخْبَرِ عَنْهُ . وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ لِشَيْءٍ بِمَنْزِلَةِ فِي ، أَوْ كَأَنَّهُ قَالَ لِأَجْلِ شَيْءٍ .
الثَّانِيَةُ : قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَتَكَلَّمَ النَّاسُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ ، وَالْآيَةُ لَيْسَتْ فِي الْأَيْمَانِ وَإِنَّمَا هِيَ فِي سُنَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي غَيْرِ الْيَمِينِ . وَقَوْلُهُ : إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ يَقْتَضِيهِ الظَّاهِرُ وَيُحَسِّنُهُ الْإِيجَازُ ; تَقْدِيرُهُ : إِلَّا أَنْ تَقُولَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ; أَوْ إِلَّا أَنْ تَقُولَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ . فَالْمَعْنَى : إِلَّا أَنْ تَذْكُرَ مَشِيئَةَ اللَّهِ ; فَلَيْسَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ مِنَ الْقَوْلِ الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ .
قُلْتُ : مَا اخْتَارَهُ
ابْنُ عَطِيَّةَ وَارْتَضَاهُ هُوَ قَوْلُ
الْكِسَائِيِّ وَالْفَرَّاءِ nindex.php?page=showalam&ids=13674وَالْأَخْفَشِ . وَقَالَ
الْبَصْرِيُّونَ : الْمَعْنَى إِلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ . فَإِذَا قَالَ الْإِنْسَانُ أَنَا أَفْعَلُ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَمَعْنَاهُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَقَالَتْ فِرْقَةٌ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا تَقُولَنَّ . قَالَ : وَهَذَا قَوْلٌ حَكَاهُ
الطَّبَرِيُّ وَرَدَّ عَلَيْهِ ، وَهُوَ مِنَ الْفَسَادِ بِحَيْثُ كَانَ الْوَاجِبُ أَلَّا يُحْكَى . وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ وَحُكْمُهُ فِي " الْمَائِدَةِ " .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=24وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَفِيهِ الْأَمْرُ بِالذِّكْرِ بَعْدَ النِّسْيَانِ وَاخْتُلِفَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=33074الذِّكْرِ الْمَأْمُورِ بِهِ ; فَقِيلَ : هُوَ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=24وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِي رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا قَالَ
مُحَمَّدٌ الْكُوفِيُّ الْمُفَسِّرُ : إِنَّهَا بِأَلْفَاظِهَا مِمَّا أُمِرَ أَنْ يَقُولَهَا كُلُّ مَنْ لَمْ يَسْتَثْنِ ، وَإِنَّهَا كَفَّارَةٌ لِنِسْيَانِ الِاسْتِثْنَاءِ . وَقَالَ الْجُمْهُورُ : هُوَ دُعَاءٌ مَأْمُورٌ بِهِ دُونَ هَذَا التَّخْصِيصِ . وَقِيلَ : هُوَ قَوْلُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ الَّذِي كَانَ نَسِيَهُ عِنْدَ يَمِينِهِ . حُكِيَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ إِنْ نَسِيَ الِاسْتِثْنَاءَ ثُمَّ
[ ص: 346 ] ذَكَرَ وَلَوْ بَعْدَ سَنَةٍ لَمْ يَحْنَثْ إِنْ كَانَ حَالِفًا . وَهُوَ قَوْلُ
مُجَاهِدٍ . وَحَكَى
إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ ذَلِكَ عَنْ
أَبِي الْعَالِيَةِ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=24وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ قَالَ : يَسْتَثْنِي إِذَا ذَكَرَهُ .
الْحَسَنُ : مَا دَامَ فِي مَجْلِسِ الذِّكْرِ .
ابْنُ عَبَّاسٍ : سَنَتَيْنِ ; ذَكَرَهُ
الْغَزْنَوِيُّ قَالَ : فَيُحْمَلُ عَلَى تَدَارُكِ التَّبَرُّكِ بِالِاسْتِثْنَاءِ لِلتَّخَلُّصِ عَنِ الْإِثْمِ . فَأَمَّا الِاسْتِثْنَاءُ الْمُفِيدُ حُكْمًا فَلَا يَصِحُّ إِلَّا مُتَّصِلًا .
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : أَيْ كُلُّ صَلَاةٍ نَسِيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا . وَقِيلَ : اسْتَثْنِ بِاسْمِهِ لِئَلَّا تَنْسَى . وَقِيلَ : اذْكُرْهُ مَتَى مَا نَسِيتَهُ . وَقِيلَ : إِذَا نَسِيتَ شَيْئًا فَاذْكُرْهُ يُذَكِّرْكَهُ . وَقِيلَ : اذْكُرْهُ إِذَا نَسِيتَ غَيْرَهُ أَوْ نَسِيَتْ نَفْسُكَ ; فَذَلِكَ حَقِيقَةُ الذِّكْرِ . وَهَذِهِ الْآيَةُ مُخَاطِبَةٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَهِيَ اسْتِفْتَاحُ كَلَامٍ عَلَى الْأَصَحِّ ، وَلَيْسَتْ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ بِشَيْءٍ ، وَهِيَ بَعْدُ تَعُمُّ جَمِيعَ أُمَّتِهِ ; لِأَنَّهُ حُكْمٌ يَتَرَدَّدُ فِي النَّاسِ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ . وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ .